وفيما يتعلق بالجامع فقد فقدت أغلب الوثائق الأثرية المتعلقة به خلال حرب ضروس استمرت لثمان عشر يوما بين قوات حكومية وقبليين في العام ١٩٦٨م، فقد كانت المنطقة إحدى مسارح المعارك، ونزح سكان القرية لمناطق أخرى حينها، وتعرضت القرية لتفتيش وسرقة أشياء كثيرة منها بعض المخطوطات المتعلقة بالمسجد.
تاريخ وعراقة
يقع الجامع أسفل جبل حواب الشهير في الصبيحة، وقد بني على نمط الخلافة العثمانية ممزوجاً بالتراث الإسلامي المعاصر للقرن الخامس، وما بين المحراب والقباب يتماوج صوت المرتل أثناء الصلاة ما يعطي للسامع والمؤتم صوت خاشع وجميل وخاصة أثناء الصلوات الجهرية.
توجد في الجامع عدة قبور في قبة الضريح الكبيرة، وسور الجامع يوجد عليه بعض التواريخ وقد نالها الإهمال والطمس بشكل كبير، كما أن بعض الأهالي يسرد بعض أسماء المتوفين فيما بعضهم لا يعرفون أسمائهم.
ويوجد في الجامع ايضاً سبع قباب مبنية من الطين المحروق، وقبة كبيرة يوجد فيها ضريح السروري أحد الأولياء الصالحين، وبجوارها ثلاث قباب أخرى في مبنى الرباط العلمي ضمن صرح الجامع الخاص بسكن المشايخ، كانوا يفدون من مناطق اليمن المختلفة لاسيما الحديدة وحضرموت لطلب العلم، ولقاء مولانا الشيخ السروري.
للجامع مئذنة أثرية واحدة، يبلغ طولها ثلاثون مترا كما يحيط بالجامع سور يزيد عن الخمسين مترا، وللقبة والمقصورة درب من الطين والاحجار تقدر مساحته ب١٨٠٠ متر مربع وللجامع ثلاثة أبواب خارجية.
للجامع ارتباط بجوامع أخرى، ما يحتفظ به سكان القرية، أن للسروري١٢ ولدا، ولديه عدة مقامات بنيت في مختلف فناء وساحة الصبيحة بعضها بشكل جوامع والأخر بشكل أضرحة.
يعود تاريخ الجامع إلى 510 هـ، ويتكون من ثمان قباب، إضافة إلى القبة التاسعة على الحوش الخارجي منفصلة عنه. قبتان كبيرتان أكبرهما تتوسط المصلى الكبير، وست قباب متوسطة وصغيرة أخرى تتوزع على الجامع على المصلى الملحقات، كما أن إحدى القباب عبارة عن مقام للشيخ السروري.
ويتألف الجامع من مصلى وكتاتيب ملحقة به، وقد اتخذت مكانا للتعليم الديني منذ السلطنة اللحجية قبل دخول التعليم الرسمي والنظامي للمنطقة عام١٩٦٠م. ويوجد بالجامع عددا من صهاريج للمياه كانت تستخدم للشرب وأخرى للاغتسال والوضوء، وقد ظل الجامع قبلة للمئات من طلبة العلم من مختلف مناطق الصبيحة والحجرية في فترات سابقة، ويدرس فيه مجموعة من علماء زبيد وحضرموت، كما استخدم ايضاً كدار للهجرة، وكان يتم فيه إطعام طلبة العلم من مختلف المناطق ويتخذوه سكناً لهم.
دور تنويري
يقول الشيخ علي المطري الذي يعمل إماما للجامع: على مدى عقود قام الجامع بدور تنويري وعلمي كبير، خاصة مع وجود ثلة من رجال العلم من مختلف المناطق اليمنية كالشيخ أحمد الخليل أبرز من درس فيه، وفي الخمسينات اتخذ مكانا للتعليم فيما يسمى بالمِعلامة أو الكتاتيب، وهو مكان لتعليم الأطفال الدين واللغة والحساب، وخلال مسيرته العلمية أسهم في نشوء جيل واعي في المنطقة وخارجها.
وعن المخاطر التي تواجه الجامع، يضيف: بأن المضايقات التي يتعرض لها الجامع ليست جديدة، ففي السابق كان يطلق على من يتعلم فيه بالرجعي والمتخلف، ورغم المتاعب التي كان يتعرض لها الطلاب لم ينل الجامع أي تهديد مباشر، كما لن يستطيع المتشددون الجدد تحت دعاويهم المختلفة إحداث أي تغيير في هذا المعلم الأثري فالناس صارت على وعي لما يحاك للجامع، والجميع هنا لا يمكن يسمح بالمساس بها أبداً، ولكن في الوقت ذاته ندعو الدولة الالتفات للجامع والاهتمام به.
منبر وسطي
عبد الكريم السروري يقول: إن الجامع على مدى قرون مثل منبرا للعلم يقصده طلبة العلم من مختلف المناطق المجاورة، وبدأت محاولة تهديد وطمس معالمه أثناء حكم الحزب في اليمن الجنوبي سابقا، وكان يتهم طلاب العلم الدارسين فيه بالرجعية والتخلف، وناشد الجهات المعنية بوزارة الاوقاف وهيئة التراث الإسلامي، الاهتمام بهذا المعلم الأثري ومخاطبة الجهات الأمنية لحمايتها من التهديدات والاعتداءات المتكررة.
تهديد جديد
ومع قدم المبنى يتعرض الجامع لتسرب الأمطار في بعض جوانبه الغربية أثناء مواسم الأمطار الغزيرة، الأمر الذي يدعو لتحرك من قبل المهتمين بالتراث لترميمه وإنقاذه.
أبرز المخاطر التي تواجه الجامع حالياً من قبل بعض المتشددين، من يرون القباب نوع من البدع يجب إزالتها، وهؤلاء على خطورة ما يطرحون إلا أن وعي سكان المنطقة يحد من إقدامهم على هدم المسجد أو إحداث أي تغير فيه، فيما تبقى الخطورة أيضا من غياب الترميم والاهتمام بالجامع وإعادة ترميمه من جديد.