تقارير

لؤي النزاري.. صاحب فكرة "يوم الأغنية اليمنية" البعيد عن الأضواء

01/07/2022, 16:47:43
المصدر : قناة بلقيس - خاص - هشام سرحان

في 24 يونيو من العام 2021، وضع الشاب والشاعر الغنائي لؤي النزاري البذرة الأولى ليوم الأغنية اليمنية، ورسم ملامحها ببساطة، إلا أنه لم يكن يتوقع أنها ستحقق صدى واسعا وتفاعلا كبيرا وقبولا شعبيا، وستتحول إلى مناسبة وطنية وموعد سنوي للاحتفاء الجماعي والمفتوح بالأغنية اليمنية بمختلف مناطقها ومدارسها.

وأعلن حينها، في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن فكرة هذا اليوم، ولم يذكر أنه صاحبها، بل اكتفى بالإشارة إلى مجموعة من الأصدقاء والفنانين والشعراء والملحنين والناشطين والمؤثرين، الذين ناقش معهم الفكرة، ونسبها إليهم دون أن يذكر أسماءهم، قرار الإعلان عنها وإطلاقها في الأول من يوليو الماضي.

ودعا حينها، في تغريدته، جميع المواطنين والفنانين من مختلف مشارب الفن وغيرهم  إلى الاحتفال بالأغنية المحلية بجميع ألوانها ومناطقها، ولم يشترط عليهم إقامة اجتماعات ولقاءات وفعاليات كبيرة، بل ترك المجال مفتوحاً لكل شخص ليختار الطريقة التي سيحتفل بها مع أهله أو أصدقائه، ونشر تلك المظاهر  على مواقع التواصل الاجتماعي.



ونشر شعار المناسبة والهاشتاج الخاص بها وذكر أن إطلاق يوم الأغنية اليمنية يأتي بدافع الاهتمام الشديد بالتراث الفني للبلاد الذي يشكل بثرائه وتنوعه هويتها وثقافتها وموروثها وماضيها. الذي تعد الأغنية إحدى أبرز دعائمه ونتاجه المتراكم طويلاً منذ مئات السنين.

قوبل ذلك بتفاعل وتداول واسع، وتداعى الكثيرون في داخل البلاد وخارجها نحو الاحتفاء بالأغنية اليمنية بطرق مختلفة، حيث نشروا تسجيلات وفيديوهات لأغان كثيرة بعضها قديمة ونادرة، كما نشروا قصائد لأغان من مختلف المناطق والمدارس الفنية، ونشروا صورا فوتوغرافية لفنانين وأخرى جمعتهم بهم، وذلك على منصات التواصل الاجتماعي، التي شهدت حراكاً فنياً غير مسبوق، وإجماعاً واسعاً على بهاء الأغنية اليمنية وأصالتها.

وتخللت تلك المظاهر نقاشات حول وضع الأغنية والإهمال الذي طالها ومدى تعرّضها للسطو والسرقة والطمس والتشويه إلى جانب الصعوبات، التي تواجهها وتحوّل دون تطويرها وتجديدها انتشارها عالمياً، وهي رؤى تشاطرها كثيرون من مختلف الشرائح والتخصصات والمناطق.

- تطلّعات

هدف النزاري ورفاقه من إطلاق يوم الأغنية اليمنية، التي بدأت فردية ثم تحولت إلى فعالية جماعية ومهرجان شعبي مفتوح نحو إبراز الأغنية والتراث الغنائي المحلي وحمايته وإحيائه من جديد واستحضار جماله، واستعادة حضوره وإعادته إلى واجهة المشهد الفني والثقافي المحلي والخارجي.



رافق ذلك اهتمام ملحوظ من قبل وسائل إعلام محلية وعربية ودولية، التي أفردت مساحة كبيرة للمناسبة، وواكبت تطوراتها وتفاصيلها، لكنها لم تشر إلى صاحب فكرة هذه الفعالية وجهوده التي بذلها قبيل، وبعيد الإعلان عن المناسبة، التي حظيت بتفاعل محلي ودولي واسع، وتحولت  إلى مناسبة وطنية وبقرار رسمي صادر عن الحكومة الشرعية.

وكانت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة الشرعية قد تفاعلت مع المبادرة، وأصدرت أواخر يونيو من العام 2021، قراراً قضى بتحديد الأول من يوليو يوما للاحتفاء بالأغنية اليمنية في كل عام، وذكرت أن ذلك جاء تفاعلاً مع المبادرة، التي أطلقها عدد من الفنانين والمثقفين والنشطاء.

موقع "بلقيس" تتبع صاحب الفكرة، الذي أشارت إليه الصحفية ورئيسة مركز الإعلام الثقافي، وداد البدوي، في تغريدة نشرتها في 3 يوليو الماضي على حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وأرفقتها بصورة له وذكرت: "هذا صاحب فكرة يوم الأغنية اليمنية، وهو شاب يمني لم يستسلم للحرب، وحاول أن يخلق فرصا للحياة، فشكراً له على البهجة التي صنعها جمهور الأغنية، وشكراً لتعبه وسهره وحرصه واهتمامه".

اطلع موقع "بلقيس" على منشور الصحفية، وميض شاكر، الذي أشارت فيه إلى صاحب الفكرة الأصلي، وشكرته عليها، كما فعل ذلك الكاتب عادل الأحمدي، في مقال تداوله عدد من المواقع الإلكترونية، كما رجع إلى المنشور الذي أطلق به النزاري المبادرة، وذكر" أن الأول من يوليو..#يوم_الأغنية_اليمنية"، ثم وجّه دعوة عامة إلى جميع الفنانين والمواطنين، وحثهم على المشاركة الواسعة لإحياء هذا اليوم.

إلى ذلك، قال الرسام ومصمم الجرافيكس، وأحد الأشخاص الذين تدارسوا فكرة المبادرة، وشاركوا في تحضيرات إطلاقها، موسى عبدالله الرصين (28 عاماً)، لموقع بلقيس: "لؤي النزاري هو صاحب فكرة يوم الأغنية اليمنية، وهو من أطلق هذا اليوم، وقاد الكثير من الجهود لإنجاحه".

- ماذا يقول النزاري

بدوره، أقر لؤي النزاري، في حديثه لموقع "بلقيس"، بذلك، ورفض أن يقتصر الفكرة على شخص أو جماعة.
 ويوضح "قد أكون أنا من أطلق هذا اليوم، لكن لا يمكننا القول إطلاقاً إن فلانا هو صاحب الفكرة، كونها راودت عشاق الفن والأغنية اليمنية، وبالتالي فإن فكرة عظيمة، كهذه لا يمكن اختزالها في شخص واحد او عدة أشخاص، لأنها تمثل جميع اليمنيين".



ويفسّر ميوله للفن الغنائي، بكونه شاعرا غنائيا، ولديه العديد من القصائد التي غناها فنانون يمنيون إلى جانب أن الفن الغنائي اليمني يجذب كل متذوق للفنون، ومعتز بالهوية والموروث الثقافي.
وأشار إلى أن فكرة المبادرة قد راوّدته، إثر ملاحظته لوضع الاغنية اليمنية والتراجع  الحاصل بالنسبة لها، وتحتاج لإنقاذها وإحيائها من جديد من خلال الاحتفاء بها في يوم بالسنة، وتعزيز الاهتمام بها من مختلف النواحي.

وفيما تعاني الأغنية اليمنية من تضييق بعض الجماعات الدينية، وتتعرض لسرقة ألحانها وكلماتها، وتشهد تراجع في مستوى انتشارها بالأوساط المحلية، مقارنة بالأغاني الأجنبية، التي انصرف إلى سماعها الكثير من الشباب تبلورت فكرة هذا اليوم بشكل نهائي في 23 يونيو من العام 2021، وذلك عقب نقاشات مستفيضة خاضها النزاري مع عدد من الفنانين والشعراء والكتاب والمصممين.

ويوضح: "ناقشت فكرة يوم الأغنية اليمنية مع الشاعرين علي مطهر الإرياني وأحمد المطري، وكذلك الفنانين بشير المعبري ومحمد النعامي، إضافة إلى مصمم الأزياء وائل الضاوي، وعدد من الكتاب بينهم الكاتب جمال طه وعاصم الشميري، ومروان كامل وجمال جميل، ثم أطلقتها في الفيسبوك، ودعوت للاحتفال بها.

هدفت الدعوة، التي أطلقها النزاري نحو الحفاظ على الأغنية اليمنية والدفاع عنها والارتقاء بها، والتذكير بواقعها وحالها والهجمة، التي تتعرّض لها، واستحضار ماضيها وتاريخها، والجزء المنسي والغائب منها، واستذكار روادها وفنانيها وشعرائها، وإبراز مدى جمالها، ووتوعية الشباب بأغانٍ بلادهم، وتراثهم الفني وتحسين الذائقة الفنية.

وحققت نجاحاً بالغاً كما فتحت آفاق جديدة في وجه الأغنية اليمنية، ووسعت من انتشارها، وذكرت الجماهير بالفنانين والشعراء اليمنيين، وجعلت لهما عيداً يتم فيه تهنئتهم والاطمئنان عليهم، وتفقد أحوالهم، وتداول أخبارهم وإبداعاتهم، وأعمالهم الفنية، وذلك في هذه المناسبة التي انعشت الغناء اليمني، وصدرته وعرفت به، واستعادت جماهيره ومحبيه والمهتمين به.

 - عوامل النجاح

لم يكن النزاري، يتوقع أن تحظى المبادرة بهذا النجاح الكبير، وذاك الكم الهائل من الزخم، والتجاوب والمشاركة والتنوع، والتفاعل الشعبي الكبير، الذي لوحظ منذ اطلاقها، وهو ما أشعره بفرحة غامرة، وجعله يعبّر عن امتنانه الكبير لكل من تفاعل وشارك في هذه الفعالية، واحتفى بالأغنية، وأسهم في إحيائها، وتقديمها بشكل يليق بها ويعزز من مكانتها وحضورها.



ويرجع ذلك إلى عدم إلصاق المبادرة بشخص أو جماعة أو جهة، وجعلها جماعية، فصاحب الفكرة، ومن معه من الأشخاص لم ينسبوها لأنفسهم، ولم يعلنوا عن ذلك، وتعمدوا البعد عن الأضواء، والترتيب بصمت لهذا اليوم، الذي انخرط في إحيائه مشاركون من مختلف المناطق، كونهم أحسوا بأنهم جزءا من المناسبة، التي توطدت علاقتهم بها، واستشعروا أهميتها وقيمتها ومكانتها ورمزيتها ودورها في التعبير عن السلام والحب والجمال والتعايش.

حرص مطلق المبادرة أيضاً على الابتعاد بالمناسبة عن المهاترات السياسية، ورفض استغلالها لصالح أي طرف ومحاولات ركوب موجتها، وحرف مسارها لتحقيق مصالح سياسية، وأكد قبيل موعد المناسبة بيومين أن التفاعل مع يوم الأغنية شعبي وشبابي بحت، ولا يتبع أي طرف، كما يستمد روحه من الأغنية اليمنية، التي كانت ومازالت، وستظل رسالة محبة وسلام ومصدر للفخر والاعتزاز بالوطن وتراثه الأصيل.

في السياق، نالت المبادرة استحسان الشارع اليمني والأوساط الفنية والثقافية، التي اعتبرت هذا اليوم ميلادا جديدا للأغنية اليمنية، وتكريما لها، إذ تعيد الاعتبار للفن والفنانين اليمنيين، وتجسد دورهم الريادي، كما تؤكد على عظمة الموروث الفني اليمني، وتبرز جوانب الإبداع فيه قديماً وحديثاً.

وتذكر بأهمية استعادة الحقوق الأدبية والفنية والفكرية للاغاني المسروقة، وتعد أسلوبا فعالا للحفاظ على الهوية، ومواجهة الطمس والنسيان، طبقاً لمصادر متطابقة، أكدت على أهمية الأغنية اليمنية، وعدتها من أبرز مكونات الهوية الوطنية، كما أشادت بمظاهر الاحتفاء بهذا اليوم، الذي يحافظ على ذاكرة البلاد الفنية وذائقة الأجيال.

أفسحت فرصة للباحثين عن السلام والفرحة، وذلك في ظل الحرب التي تشهدها البلاد منذ العام 2015، وما أسفرت عنه من قتل ودمار وبؤس وشقاء وتردٍ مادي ومعيشي وإنساني، الأمر الذي جعل من يوم الأغنية متنفساً للكثيرين ومصدرا للسعادة، والتخلص من آثار وتبعات الحرب النفسية.

احتكاك النزاري، الذي يزاول أعمال حرة بالوسط الفني وإلمامه بواقع الفن اليمني ومشاكله ومعاناته واحتياجاته، والظروف التي يمر بها المواطنون، وحاجتهم إلى الترفيه، ونسيان الوضع الراهن، وكسر حاجز الملل، والخروج من دوامة السياسة وتجاذباتها ومهاتراتها وأخبارها، كل ذلك جعله يطلق المبادرة في الوقت المناسب، ويرسم الخطوط العريضة لها، ويديرها بنجاح.

تقارير

بائع الفاصوليا.. مشروع شاب يعرف زبائنه من أصواتهم

إذا اعتقدت بأن الحياة خذلتك في جانب معيّن، عليك أن تنظر ماذا فعلت الحياة مع "ياسر ثابت"، وكيف واجهها، ولم يعرف الاستسلام؛ كونه متسلحا بالأفكار، فمن لديهم الأفكار والهمم؛ سيعيشون لأجل تنفيذها، ويظلون يحاولون حتى يعثروا على الطريق.

تقارير

"حيث الإنسان" يساعد عشرات الأطفال في مأرب على الوقوف والسير من جديد

يحكي برنامج "حيث الإنسان"، - الذي تدعمه وتموِّله مؤسسة "توكل كرمان"- قصة أب لا يعرف الاستسلام، وقد صنع عالما أجمل لمجموعة صغيرة من الأطفال، بينهم طفله، بتأسيس مركز تأهيل للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، في مدينة مأرب، الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي لليمن.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.