مأرب.. بين غياب دور الشرعية ومؤامرات الأعداء!!

طوال أيام معركة مأرب، كان من الملاحظ انفصال قيادة الشرعية عن الأحداث في المدينة التي تعد معقل الشرعية الرئيسي.
غياب قيادة الشرعية عن مأرب، وعدم زيارتها في هذه اللحظة الحرجة، ترك علامات استفهام حول مدى احتمالية وجود مخطط إقليمي ودولي، يهدف إلى ترك مأرب فريسة للمليشيا، في إطار تسوية محتملة بين المجتمع الدولي وإيران.
سحب السعودية عتادها العسكري من مأرب، وعرقلتها عملية تسليح الجيش بالأسلحة الثقيلة والنوعية، تكشف أيضا جزءا من المؤامرة على هذه المدينة التي تعد معقل الجيش وعاصمة البلاد عمليا.

التضحية بمأرب

مؤخرا اتسعت دائرة المطالبين بتشكيل شرعية أمر واقع من الميدان، بهدف المحافظة على ما تبقى من البلاد، واستعادة المبادرة في عملية تحرير باقي البلاد، عوضا عن البقاء في موقع المتفرج لمشاهدة هادي يفرّط بها لصالح الحوثيين وباقي الأطراف بلا ثمن، لكن هذه السيناريوهات تواجه أيضا عقبات قانونية تجعل منها خيارا غير يسير.

وفي السياق، يقول استاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة، فيصل الحذيفي: "إن هناك نية مبيتة للتضحية بمأرب من أجل إعداد تسوية سياسية مستقبلية تعزز للانفصال، وتقسيم اليمن شمالا وجنوبا".
وأضاف الحذيفي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس"، مساء أمس، إن "مشاركة دول التحالف بالقصف الجوي يأتي ضمن إخفاء كثير من القبح للخطط التي تبيّتها".
ويوضح أن "أجندة التحالف باتت مكشوفة، وحتى المواطن البسيط يعرف مدى هذا التآمر"، حسب قوله.

وأشار إلى أن "الشرعية لم تعد شرعية معبّرة عن الدولة اليمنية أو الإرادة الشعبية اليمنية، كونها أصبحت شرعية للتدخل الإقليمي والدولي فحسب".
ويستنكر الحذيفي دور الشرعية السلبي الذي سمح بتحطيم الدولة اليمنية، والشعب اليمني، خلال الست السنوات الماضية.

وتطرّق الحذيفي للحديث عن خذلان الشرعية لمأرب، والقيادات الشريفة فيها، كما بين أنها تريد التخلّص من هذه القيادات، وذلك "من أجل أن يبقى المجتمع فاقدا للأهلية والقيادة".
ورغم الخذلان الذي تتعرّض له مأرب من قبل الشرعية، يستبعد الحذيفي سقوطها بيد الحوثيين، "كون الأحرار يدافعون عنها بكل قوة".

وعن دعوة النواب الرئيس هادي إلى إعلان التعبئة العامة، وتحريك بقية الجبهات، اعتبر الحذيفي موقف النواب "موقفا شخصيا وليس رسميا"، مضيفا أن "رسالة أعضاء مجلس النواب، التي وجهوها للرئيس هادي، جاءت متأخرة".
الحذيفي، في سياق حديثه، استغرب تسابق الرئيس هادي والحكومة والنّخب السياسية وقيادات الأحزاب إلى إرسال التهاني لمحمد بن سلمان بنجاح العملية الطبية، التي أجراها مؤخرا، "بينما لم يلتفتوا إلى الشعب منذ ست سنوات حتى في خطاباتهم الرسمية".

مأرب بلا دعم

وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه رئاسة الجمهورية والحكومة في معركة مأرب، يقول البرلماني محمد الحميري: "إن الدعم المقدم من التحالف والحكومة لجبهات مأرب ضعيف، ولا يرتقي إلى مستوى الحسم أو بمستوى الحدث".
ويضيف الحميري أن "مأرب ليست معركة يمنية، وإنما معركة عربية- فارسية بامتياز"، داعيا التحالف والحكومة إلى تكثيف الدعم الذي يواكب تطورات المعركة.

ويشدد الحميري على ضرورة أن تتحرك جميع الجبهات ضد مليشيا الحوثي "لتخفيف الضغط على مأرب، كون ما يجري في مأرب له ما بعده، وهي قضية مصيرية".
ويرى الحميري أن "عدم تحريك جميع الجبهات يعتبر خذلان لمأرب وخيانة وطنية"، مؤكدا ضرورة انعقاد مجلس الدفاع الوطني وإعلان التعبئة العامة.

رئيس تحرير صحيفة 'أخبار اليوم'، سيف الحاضري، يقول إن "اليمنيين يمرون بمنعطف خطير، في ظل تخلي قيادات الدولة والحكومة عن مسؤولياتهم تجاه هذه المعركة الفاصلة التي تشهدها محافظة مأرب".
ويضيف أن "المعركة الفاصلة والمصيرية في مأرب تحدد مصير الشرعية في إدارة حكم هذا البلد"، منتقدا -في سياق حديثه- غياب الدعم العسكري لمأرب من قِبل الحكومة الشرعية.

ويشير إلى أن "هناك ملايين البشر في مأرب تحت وطأة صواريخ مليشيا الحوثي، وضربات إيران، وبالتالي هذا يحتم على قيادات الدولة القيام بواجباتهم تجاه معركة مأرب المصيرية".
ويستنكر الحاضري صمت الرئيس هادي ونائبه والحكومة عما يجري في مأرب من قصف بالصواريخ يستهدف المدنيين والأحياء السكنية.

ويتابع موضحا: "خلال 48 ساعة الماضية، تعرّضت مأرب لأكثر من 12 صاروخا أطلقتها مليشيا الحوثي، دون أن يصدر من الرئيس هادي ونائبه والحكومة أي صوت إدانة لهذه الأعمال".
ويؤكد الحاضري أن "هناك تخلٍ عن المسؤولية تجاه مأرب من قِبل الرئيس هادي ونائبه والحكومة والبرلمان والأحزاب"، متسائلا عن سر هذا الصمت في هذا التوقيت؟

ويذهب الحاضري بالقول إلى أن "أي انكسار للجيش الوطني والمقاومة في مأرب لن يبقي الحكومة في عدن، وسيلتهمها المجلس الانتقالي في دقائق"، حد قوله.
ويأمل الحاضري من العلماء والمشايخ والمثقفين "تحفيز الناس والمجتمع ودعوتهم إلى هبّة مسلحة قوية لمواجهة المشروع الإيراني، وكبح جماح الحوثي، ومنع سقوط مأرب، بعد أن تخلت الحكومة والرئيس هادي عن دورهما".