تقارير

معارك الحوثيين.. من التمدد داخل نفوذ "صالح" إلى السيطرة في الفراغ

25/09/2021, 09:27:08
المصدر : بلقيس - خاص - عبدالسلام قائد

تراجعت مليشيات الحوثيين سريعا بعد ساعات من تحقيقها اختراقات في بعض مناطق محافظة شبوة قبل أيام، وهي مناطق لا تشهد تواجدا عسكريا مكثفا للجيش الوطني بسبب حالة الجمود في تلك الجبهات منذ طرد المليشيات الحوثية منها قبل سنوات، لكن بعد قدوم تعزيزات عسكرية للجيش الوطني إلى تلك الجبهات، انسحبت مليشيات الحوثي منها لعدم قدرتها على الصمود.

غير أن تلك الاختراقات وظفها خصوم السلطة المحلية بمحافظة شبوة للنكاية بها والنيل منها، وهو ما يعكس عمق أزمة النخب اليمنية التي تتكرر تفاصيلها منذ سيطرة مليشيات الحوثيين على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، وتجزئة المعركة الوطنية ومصير البلاد من خلال إضفاء مسميات فرعية وهوياتية صغيرة على معركة وطنية كبرى، ليست محصورة بين أطراف معينة لتكتفي الأطراف الأخرى بمتابعة تفاصيلها والنكاية بأحد طرفيها وتلميع الطرف الآخر.

- الحوثيون وميراث "صالح" العسكري

لم تحقق مليشيات الحوثيين انتصارات إستراتيجية إثر معارك عنيفة منذ انقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر 2014 وحتى اليوم، وكان المتغير الأهم بالنسبة لتلك المليشيات في بدء الحرب والانقلاب هو أنها تمددت داخل النفوذ السياسي والعسكري الذي راكمه حليفها الرئيس السابق علي عبد الله صالح خلال 33 عاما، وأسهم التجانس الاجتماعي والمذهبي بين القوات العسكرية الموالية لعلي صالح وعائلته ومليشيات الحوثيين في تمكن الحوثيين من الاستيلاء على ذلك الميراث بسهولة ويسر، خصوصا أن تسليم علي صالح معسكرات بكامل جنودها وعتادها للحوثيين كان يتم بأوامر شخصية منه عبر الاتصالات الهاتفية.

وبعد بدء معارك التحرير، لم تستطع مليشيات الحوثيين وقوات حليفها علي صالح الصمود في المعارك العنيفة، مثل معارك تحرير عدن وتعز والضالع والجوف وشبوة وأجزاء من محافظة صنعاء باتجاه أمانة العاصمة (منطقة نهم)، ثم معركة تحرير المخا وغيرها، وكانت الهزائم والنكسات تتوالى، وبعد أن توقفت معارك التحرير، لم تستطع مليشيات الحوثيين استعادة السيطرة على أي منطقة مجددا بعد انسحابها منها.

وكل الانتصارات التي حققتها المليشيات الحوثية أنها أخمدت انتفاضات شعبية محدودة ضدها اندلعت داخل مناطق سيطرتها، أبرزها انتفاضة منطقة حجور بمحافظة حجة. أما الانتصارات المحدودة في بعض الجبهات خلال الأشهر الأخيرة، مثل جبهات منطقة نهم بمحافظة صنعاء وبعض جبهات محافظتي الجوف والبيضاء، فيعود ذلك لكونها إما جبهات مهمشة يضعف فيها تواجد الجيش الوطني، أو جبهات محاصرة ولا تحظى بالدعم من الجيش الوطني والإسناد من قبل الطيران الحربي للتحالف بقيادة السعودية.

- مؤامرات التحالف والانقسامات الداخلية

لا تبدو المعركة في اليمن ونمط التحالفات فيها لصالح الحوثيين، كونهم مليشيات بدائية ذات تسليح محدود، بينما السعودية التي تدخلت لإسناد السلطة اليمنية الشرعية ضد الحوثيين لديها ترسانة من الأسلحة الحديثة والمال والنفوذ ما يمكنها من القضاء على مليشيات الحوثيين عدة مرات، كما أن مختلف الأطراف اليمنية المناهضة للحوثيين في حال وحّدت صفوفها وأعلنت معركة القضاء على الانقلاب وتحريك كل الجبهات، فإنه بإمكانها القضاء على الحوثيين خلال مدة زمنية وجيزة، لكن الانقسامات الداخلية والمؤامرات الأجنبية هي من منحت الحوثيين كل تلك المكاسب وجعلتهم يتحركون ويسرحون ويمرحون في الفراغ الذي تركه لهم خصومهم.

يدرك الحوثيون تماما مدى الخدمات المجانية التي يقدمها لهم خصومهم، ولذلك فإن مخاوفهم من انتفاضة شعبية من الداخل أكثر من مخاوفهم من خصومهم في السلطة الشرعية والتحالف السعودي الإماراتي، لذا فإنهم يعمدون إلى إرهاب المجتمع في مناطق سيطرتهم والحكم بقبضة أمنية حديدية لمنع ظهور أي انتفاضة ضدهم، والعمل على نشر ثقافة العنف والإرهاب في أوساط الأجيال الجديدة لتفخيخ المجتمع وتأسيس مبكر لجيش من المقاتلين استعداد لحروب مستقبلية طويلة الأمد ما لم تسارع مختلف الأطراف للقضاء على الانقلاب قبل أن يستحفل السرطان الطائفي في البلاد.

وبخصوص معارك التوسع أو الحفاظ على المكاسب الميدانية، فإن مليشيات الحوثي تلجأ إلى كثافة العنصر البشري لتعويض النقص الحاصل لديها في العتاد العسكري النوعي، وغالبية المقاتلين الحوثيين هم من الجهلة والفقراء والمغرر بهم والمتعصبين مناطقيا ومذهبيا، كما تعتمد المليشيات الحوثية على مخازن السلاح التي سلمها لها حليفها السابق علي صالح ولم يطلها قصف طائرات التحالف، بالإضافة إلى الأسلحة المهربة من إيران، وكل ذلك التسليح وكثافة العنصر البشري لا يجعل مليشيات الحوثي قادرة على فرض سيطرتها على كل أنحاء البلاد، ولو بقدرتها ذلك فإنها لن تتردد لحظة واحدة، بل فقدراتها العسكرية لا تؤهلها حتى للصمود في مناطق سيطرتها في حال وجدت النوايا الحقيقية للقضاء عليها واستعادة الدولة.

- السيطرة في الفراغ

الخلاصة، تستمد مليشيات الحوثي استمرار سيطرتها في محافظات عدة من الفراغ الذي حرص التحالف السعودي الإماراتي على إبقائه لتتحرك داخله، من خلال منع الجيش الوطني من التقدم صوب العاصمة صنعاء، ومحاصرته من الحصول على أسلحة نوعية حديثة تمكنه من التسريع بالحسم العسكري، ووصل الأمر لدرجة إيقاف صرف الرواتب وإيقاف التغذية، مع استمرار منع السلطة الشرعية من العودة إلى الداخل، وتعطيل الموارد السيادية للبلاد التي تمكن الجيش من الاستمرار والصمود في المعركة، يضاف إلى ذلك استمرار الانقسامات بين مختلف الأطراف التي يفترض مناهضتها لعودة الحكم الإمامي المستبد.

وهكذا توسع الحوثيون في البداية داخل النفوذ السياسي والعسكري لحليفهم السابق علي عبد الله صالح، الذي سلمهم حصاد 33 عاما من النفوذ والقوة العسكرية في لحظة واحدة، ويستمدون في الوقت الحالي بقاءهم من الفراغ الذي تركه لهم التحالف السعودي الإماراتي والانقسامات الداخلية وعدم جدية الأطراف الأخرى في التسريع بالحسم العسكري. ورغم كل ذلك الخذلان، فإن القوة الصلبة للحوثيين تتآكل وتنهار في أسوار محافظة مأرب وتخوم محافظة تعز وحدود محافظة شبوة، وما يميز هذه المحافظات أنها غير خاضعة لإملاءات السلطة الشرعية والتحالف السعودي الإماراتي الذي يدير المعركة بالمؤامرات والخذلان.

 

تقارير

بائع الفاصوليا.. مشروع شاب يعرف زبائنه من أصواتهم

إذا اعتقدت بأن الحياة خذلتك في جانب معيّن، عليك أن تنظر ماذا فعلت الحياة مع "ياسر ثابت"، وكيف واجهها، ولم يعرف الاستسلام؛ كونه متسلحا بالأفكار، فمن لديهم الأفكار والهمم؛ سيعيشون لأجل تنفيذها، ويظلون يحاولون حتى يعثروا على الطريق.

تقارير

"حيث الإنسان" يساعد عشرات الأطفال في مأرب على الوقوف والسير من جديد

يحكي برنامج "حيث الإنسان"، - الذي تدعمه وتموِّله مؤسسة "توكل كرمان"- قصة أب لا يعرف الاستسلام، وقد صنع عالما أجمل لمجموعة صغيرة من الأطفال، بينهم طفله، بتأسيس مركز تأهيل للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، في مدينة مأرب، الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي لليمن.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.