مقالات

عن جلالة الصورة

03/07/2023, 07:46:51

في الإعلام - اليوم - تتجلَّى مشاهد الحياة اليومية النابضة بأنفاس الناس والإحساس بقيمة اللحظة الفارقة بين الحلم والواقع، أو بين الذات والآخر.. أو اللحظة الكامنة بين تخلُّق الفكرة واكتمال الرحلة، في كل زمان ومكان، وفي كل حدث وحديث.. للصورة موقع الصدارة.

في لحظات الفرح، وفي ساعات الترح.. في اختلاجات المشاعر على صفحات العيون والوجوه والقلوب.. في اهتزازات المراحل وانعطافات المصائر في حياة الأفراد والشعوب.. في النصر والنكسة، والقهر والثورة.. هنا... تتجلى قيمة الصورة.

وتولد الصورة دائماً في الوعي والوجدان قبل العدسات والأضواء والألوان. وإذا تعطَّلت لغة الكلام، وذابت كل أشكال التعبير.. تبقى الصورة سيدة الموقف، تتحدث بلغة تتجاوز كل لغات البشر والطير والحيوان.. لغة عجزت القواميس والمعاجم عن ترجمتها.. لغة فوق خطاب القلم واللسان.

اقترن الإعلام المعاصر كثيراً بسيادة الصورة في رقعة الخبر، وإطار الحدث.. تستوي في ذلك الصورة الفوتوغرافية والصورة التلفزية. وقد غدت الصورة تحصد الجوائز الرفيعة، وتنال الأموال الباهظة، بعد أن تقدَّمت قيمتها وأهميتها على قيمة وأهمية الخبر المنطوق أو التقرير المكتوب.

صار في الإمكان نشر أو بثّ صورة واحدة تحمل استثنائية خاصة في التعبير أو الدلالة، فتستعيض بها عن آلاف الكلمات. صار في مقدرة الصورة أن تتحدث - لوحدها - عن الحدث بطلاقة مطلقة. تأخَّر القلم والصوت.. وتقدَّمت العدسة والضوء.

هل يتذكَّر أحد عبارة واحدة من ملايين التقارير والمقالات والمقابلات، التي انسكبت على بساط هذا الحدث، أو ذاك من الأحداث الكبرى في تاريخ الشعوب والمجتمعات، أم أن الصورة هي التي ظلت راسخة في الذاكرة ؟

لقد حفرت الصورة عميقاً جداً في الوعي والوجدان والذاكرة، بحيث غدت أثقل من كل أطنان الكلمات، التي قيلت في تلك الأحداث وعنها وحواليها.

اليوم، وفي ظل جبروت الثورة الاتصالية المعلوماتية الهائلة، راحت الأقمار الصناعية تبث الصورة أولاً إثر لحيظات قليلة جداً من وقوع الحدث، بل قُل في لحظة وقوع الحدث ذاتها. ثم يأتي بعد ذلك الخبر المنطوق أو المكتوب، وغيره من تعليقات وتقارير ومقابلات ومقالات. وفي حالات كثيرة ومشهودة، كانت الصورة - والصورة فقط - تتسيَّد الشاشة أو الصفحة من دون أدنى حاجة إلى كتابة أو كلام من أيّ نوع، وبأيّ قدر أو مساحة.

وقد خلقت جلالة الصورة وهيبتها وسطوتها - في المشهد الإعلامي المعاصر - فناً مهنياً جديداً ومتميزاً بين الفنون الصحافية كافة، هو فن "الكتابة للصورة".. أي أن الصورة صارت سيّداً يستلزم تابعاً هو الكتابة.. وليس العكس، كما كان سائداً في الماضي القريب لا البعيد، حين كانت الصورة مجرد وردة في عروة قميص القلم!

وهنا أعتذر من الكاتب الروائي والصحافي الفذّ البير كامو، الذي قال يوماً إن "الصحافي مؤرخ اللحظة"؛ لكي أُعدِّل في عبارته الشهيرة، فأقول: بل المصوِّر هو مؤرِّخ اللحظة.

مقالات

المفاخرة بالغباء!

قد تُقابِل شخصاً محدود التعليم، أو ربما لا يقرأ ولا يكتب، لكنك لا تستصغر مقامه لديك، أو تحطّ من شأنه.

مقالات

كل الطرق لا تقود إلى الطريق!

سيقف اليمنيون مجدداً أمام أهم حدث في تاريخهم المعاصر - وحدة 22 مايو- إما شاردون وقد أخذتهم متاهات الحرب بعيداً أو منقسمون بين متغنٍ بمجد الإنجاز الضائع أو باحث في إرشيف الإستعمار عن دولة " المستقبل"!

مقالات

ما الذي فعلته "الجزيرة"؟

الصحفي والمشاهد العربي، الذي عاش زمن ما قبل "الجزيرة"، يُدرك هذا جيداً: يُدرك بأن لحظات انطلاق بث القناة الإخباري والبرامجي الجريء، وغير المسبوق، كان أشبه بانفجار عظيم في المنطقة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.