أخبار سياسية

المولد النبوي في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.. من مناسبة دينية إلى أداة لتعزيز النفوذ السياسي

16/09/2024, 11:01:34

أصبح المولد النبوي حدثاً يحمل أبعاداً تتجاوز البعد الديني، وتحول إلى وسيلة لتعزيز النفوذ السياسي لميليشيا الحوثي، في اليمن، وفرض الجبايات بالإكراه.

في الوقت الذي يفترض أن يكون فيه الاحتفال بمولد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- تعبيرا عن المحبة والتقوى تحولت هذه المناسبة إلى أداة تستخدمها الميليشيا لتعزيز وتكريس سلطتها السياسية من خلال
استغلال بعدها الديني، لإضفاء صبغة من القدسية على سلطتها، عوضا عن التكلفة العالية التي يدفعها اليمنيون في الجبايات تحت مسمى المولد والاعباء المالية المفروضة على المواطنين والتجار تحت ذريعة
تنظيم الاحتفالات وإقامة الفعاليات الدينية.

شوارع ممتلئة بأكوام النفايات والمخلفات، والناس يموتون جوعا، ولا تخجل ميليشيا الحوثي من الوضع الإنساني المزري لليمنيين وهي تنهبهم مئات الملايين من الدولارات وتستعرض بهذه الاحتفالات الباذخة وتتلاعب بالمناسبات الدينية وتكرسها لأغراض سياسية، لاعتقادها أن ذلك من حسنها وتظن انه من الصعب انتقاد أو معارضة تصرفاتها تحت مظلة الاحترام الديني.

وسيلة لجباية الأموال

يقول الباحث في التاريخ اليمني، عنتر الذيفاني، نحن ننظر إلى هذا الاحتفال بأنه احتفال باطل من عدة وجوه، أولا: بأي حق أن ميليشيا الحوثي تحتفل بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو نبينا؟ ما علاقتها بالنبي
أصلا؟! وهي التي تنكر سنته وتتخذ موقفا معاديا من أصحابه، وتتحدث بما يسيء إلى أعراض زوجاته، 
وفسرت القرآن الكريم الذي نزل عليه بحسب اهوائهما، لذا فإن هذه الميليشيا هي أبعد الناس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وأضاف: ميليشيا الحوثي تتخذ من النبي وسيلة لجباية الأموال بعد أن فرغت معنى النبوة من محتواها وحولتها إلى مسألة ملك وسلطة، وحولت النبي -محمد صلى الله عليه وسلم- بدلا من أن يكون رحمه للعالمين، جعلت منه رحمة لسلالة او لطائفة، ونقمة على الآخرين؛ وحاشاه أن يكون كذلك.

وتابع: ميليشيا الحوثي حولت الإسلام عموما من إسلام أنزله الله رحمة للعالمين، إلى رحمة لسلالة ونقمة على الآخرين، بما تقوم به من استغلال حب الشعب اليمني للنبي -صلى الله عليه وسلم- استغلالا سياسيا وحولت الدين الذي أنزل عليه إلى شركة أو مؤسسة اقتصادية تجبى الأموال باسم النبي، وتنهب الناس باسم النبي وتسرق باسم النبي وتهتك الحرمات باسم النبي -صلى الله عليه وسلم- لذا فالنبي أبعد عن هذه الميليشيا بهذه
الأعمال.

وأردف: نحن ننظر إلى أن هذه البدعة التي جاء بها الفاطميون في القرن الرابع الهجري، لأن الشعب المصري كان يكرههم، ويريدون أن يظهروا أن الشعب المصري يحبهم ويوالونهم، فلجأوا ببدعة المولد النبوي، تماما كما يصنع الحوثيون اليوم، حيث يكرههم الشعب اليمني، ولا يطيقهم فجأوا بمثل هذه البدعة لينقلوا صورة للشعب اليمني بأنهم يحبون النبي وهم أبعد الناس عن النبي.

وزاد: الحوثيون لا يذكرون النبي طوال السنة، وينكرون سنته ويعادون أتباعه، وفي هذه الأيام يذكرونه عليه الصلاة والسلام، فقط من أجل الجبايات والإثراء غير المشروع، ومن أجل إيهام الجهلاء والأميين، أنهم أتباع النبي، وهم لا علاقة لهم بالنبي، قالوا عنه بأنه هو فقط يتلقى الوحي من الله، وهم كسلالة من يفسرون الإسلام والوحي.

وقال: النظرة التاريخية للحوثيين والشيعة عموما، أنهم يتخذون من الإسلام غطاء، من أجل تحقيق أهدافهم المشبوهة.

تكريس الوصاية

يقول الصحفي عبدالعزيز المجيدي،  إن هناك ما يسمى في الاتصال السياسي بأسلوب الحملات المستمرة، وغالبا هذا المبدأ يتم استخدامه في الدول التي تشهد عملية ديمقراطية وتنافس على السلطة بين الأطراف التي تسعى إما للوصول للسلطة أو للبقاء في السلطة، لكن من الواضح نحن أمام جماعه تستغل الدعاية بشكل مستمر ودائم وتختلق المناسبات من أجل الترويج لأيدولوجيتها الدينية والطائفية من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية الى حد كبير.

وأضاف: المولد النبوي في الواقع لم يعد احتفاء بالمولد بحد ذاته كمناسبة دينية، حيث كان اليمنيون في عقود سابقة يحتفلون بطريق بسيطة من خلال الاحتفالات الشعبية بحلقات الذكر وأيضا بقراءة القرآن وما إلى ذلك، لكن هذه الجماعة أرادت ان تصبغ على هذه المناسبة بعدا سياسيا وطائفيا بصوره واضحة، ويريدون القول بأن هذا النبي هو نبينا نحن، وليس نبي أحد آخر، هو نبي العائلة التي تسيطر وتحكم و لديها ما تعتقد انه حق
إلهي في حكم البلد وأنها معنية بهذا الاحترام ومعنية بتكريس المولد كمناسبة عائلية للاحتفال بما تعتقد.

وتابع: ما يحاولون تأكيده بأن هذا ليس رسولا للعالمين وإنما رسولا جاء للعائلة، وحاشاه ان يكون كذلك لكن نحن بصدد جماعة استغلت كل المناسبات من اجل التحشيد والتعبئة وإعادة صياغه هوية المجتمع اليمني من أجل تكريس هويتها الطائفية وإخضاع اليمنيين لهذه الهوية.

وأردف: يكاد يكون الجانب الاخطر الذي يحدث في الحالة اليمنية، ألا يكون هناك يقظة يمنية في مواجهة مثل هذه التعبئة وهذا التحشيد.

وزاد: ميليشيا الحوثي، منذ أن انقلبت على الدولة وسيطرت على الحكم، استخدمت السلطة في تكريس نفسها باعتبارها وصية على اليمن ووصية على الدين أيضا باعتباره نصوص قابله للتأويل، ومن يمتلك تأويله هو عبد الملك الحوثي وجماعته باعتباره أنه هو المتحدث باسم هذا الدين وهذا الإسلام وأن هذه
الجماعة هي المعنية أصلا بالتصرف بشؤون اليمنيين ودينهم.

وقال: أصبحت المناسبة مع مرور السنوات أشبه بعملية إجبارية، يُدفع الناس قصرا في الاحتفاء بهذه المناسبة سواء من خلال رفع الأعلام وطلاء الألوان ترديد الشعارات الطائفية ونهب الجبايات المالية التي تأخذها الميليشيا من التجار ومن الناس وصولا ايضا الى طلبة
المدارس.

وأضاف: شاهدنا بأ الهيئة النسائية خلال الأسبوع الماضي بدأت بشن حملات على مدارس البنات من أجل جباية أموال وجمع أموال من أجل هذا الموضع.

وتابع: أعتقد بأن هذه الميليشيا تستخدم مزيج من الأدوات والوسائل التي تقسر الناس باتجاه الحروب أو ترغبهم بالخروج، فنحن نرى بأن الوضع الاقتصادي بصورة عامة في اليمن وفي المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثيين يكاد يكون منهار بشكل تام ليس هناك مصادر دخل للناس الرواتب توقفت القطاع الخاص وايضا الذي يشغل جزء كبير من اليمنيين يكاد يكون شبه متوقف، وهذا الأمر يخلق احتياج مضاعف لليمنيين الذين يعانون من الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية، فتصبح مثل هذه المناسبات فرصة للحصول على مبالغ بسيطة، إما للمواصلات او تخزينة القات.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.