تقارير

اتفاق السلام القادم من السعودية.. هل يلبِّي تطلعات اليمنيين؟

17/09/2023, 07:42:36

استقبلت الرياض وفداً مفاوضاً عن مليشيا الحوثي برفقة وفد عُماني، لأول مرة منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2014، وإعلان السعودية عملية عسكرية بمساعدة 17 دولة، بهدف إنهاء انقلاب المليشيا وإعادة الشرعية إلى صنعاء.

أحداث كثيرة جرت، خلال الثماني سنوات الماضية، بدأت بإعلان السعودية عملياتها العسكرية باسم "عاصفة الحزم"، وانتهت بتوجيه دعوة لمليشيا الحوثي إلى إرسال وفد حوثي إلى الرياض امتدادا لمبادرتها التي أعلنت عنها، في مارس من العام 2021م.

زيارة وفد المليشيا لقيت ترحيبا من الحكومة اليمنية، المعنية بالتوقيع على ما سيتم التوصل إليه من اتفاقات، وليس من المؤكد ما إذا كان لها أي تمثيل أو مشاركة في صناعة الاتفاق المتوقَّع إعلانه.

وبحسب تسريبات صحفية، فإن وجود الوفد الحوثي في السعودية يعد مقدمة لإعلان التوصل إلى اتفاق سلام بين مليشيا الحوثي والحكومة الشرعية، الذي يمكن أن يسهم في حل كثير من مسائل الخلاف التي ظلت عالقة طوال السنين الماضية، ومنها ملف مرتبات الموظفين، وعائدات تصدير النفط، وانقسام البنك المركزي، إضافة إلى ملفي إطلاق الأسرى والمحتجزين، وفتح الطرقات المغلقة بين المحافظات.

- اتفاق مفخخ

يقول الأكاديمي والمحلل السياسي، د. عبدالوهاب العوج: "إن الجميع يأملون خيرا بأن يكون هناك اتفاق سلام، لكن المؤشرات الأولية لهذا الاتفاق -للأسف الشديد- أنه اتفاق مفخخ، يُؤسس لحروب قادمة في اليمن؛ لأن مليشيا الحوثي لم تعلن، حتى اليوم، قبولها بالمرجعيات، أو بالتعددية السياسية، أو بالرأي الآخر".

وأوضح: "قناعات الشعب اليمني، من خلال تجربة طويلة مع مليشيا الحوثي، منذ ما قبل حروب صعدة الستة وحتى اليوم، أن هذه المليشيا لا تلتزم بالاتفاقات، وحتى اليوم لم نسمع أي قيادي حوثي يقول بأن جماعته ليست جماعة عنصرية كهنوتية تعتمد على نظام ولاية الفقيه، الذي جاء من إيران".

وأضاف: "مليشيا الحوثي لم تصدر حتى تصريحا واحدا بأنها تقبل بالمرجعيات، أو أنها تقبل بالأطراف اليمنية، أو أنها تقبل بالتفاوض مع الحكومة الشرعية، التي يمثلها مجلس القيادة الرئاسي من أطراف كثيرة".

وتابع: "إذا تم السلام بهذا الشكل، الذي نسمع عنه بأن قضايا الخلاف وقضايا آليات تنفيذ تسليم المرتبات وغيرها سترحل إلى لجان، والمبعوث الأممي، فإنه اتفاق مفخخ يسمح لمليشيا الحوثي بأن تحقق مكاسب وفوائد جديدة، دون أن يؤسس لحل مشكلة جذرية للحرب في اليمن، أو لدخول كل الأطراف في عملية مصالحة وطنية تعتمد على نظام الأقاليم، وحكم واسع الصلاحيات للمحافظات، وصندوق الانتخابات والتعددية السياسية".

وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي تحصل على مكاسب ومغانم تُلقى لها كطوق نجاة، كما أُلقي لها في اتفاق ستوكهولم".

وأردف: "كان المطلوب من السعودية، قبل الدخول في هذه المفاوضات والوصول إلى هذه المرحلة، أن تسوي ملعب الشرعية في المناطق المحررة، وأن تدمج التشكيلات العسكرية في الجيش الوطني، وأن يكون هناك غرفة عمليات واحدة، وأن تكون هناك هناك قناعات لدى الأطراف أن اليمن تتجه نحو الحكم الاتحادي والفدرالية، والقبول بالآخر".

- محاولة تقسيم اليمن

يقول رئيس دائرة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني سابقا، اللواء محسن خصروف: "إن كل المقدمات تشير إلى أن مليشيا الحوثي تخطط للانفراد بالشمال، وإقامة دولة في الشمال بالتخادم مع المجلس الانتقالي، وضمان أمن المملكة العربية السعودية في حدودها الجنوبية، وتحقيق بعض طموحات السعودية والإمارات في صحراء الربع الخالي، وشبوة والمهرة، وغيرها".

وأضاف: "من يرغب بالسلام يفترض أن يتعامل مع خصمه، فالحكومة الشرعية تعلن استعدادها الدائم للتفاوض مع مليشيا الحوثي، والوصول إلى حلول سلمية، لاستعادة الدولة اليمنية ومؤسساتها، وإقامة علاقات طبيعية في العلاقات الإنسانية بين مكونات المجتمع اليمني، بينما لم نسمع كلمة واحدة من مليشيا الحوثي تشير إلى أنها على استعداد بأن تتفاوض مع الدولة الشرعية وخصمها في الميدان، وتعتبر الحكومة الشرعية والجيش الوطني بأنهم عملاء ومرتزقة وخونة".

وتابع: "الحكومة الشرعية الآن مثل اليتيم في مائدة اللئام، لا قول لها ولا فعل، ولا تشير ولا تستشار، وليس لها كلمة، وإنما ستستدعى للتوقيع على ما تم الاتفاق عليه بين السعودية ومليشيا والحوثي، لكن أين بقية القوى الوطنية والأحزاب السياسية والنخب من الذي يحصل؟".

وأردف: "السعودية تريد أن تقول بأنها قد رفعت يدها عن اليمن، وأنها تسعى للسلام، وأنها ليست طرفا فيه وإنما وسيطا".

وزاد: "ما يجري الآن يشير إلى أن هناك محاولة لتسليم شمال اليمن لمليشيا الحوثي، وتقسيم المناطق المحررة لكنتونات تخضع إما لأبو ظبي أو الرياض، لكننا نتمنى ألا يكون ذلك ما يحدث بالفعل".

- اتفاق الضرورة

يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي: "الإعلان عن ذهاب وفد حوثي إلى الرياض ليس مفاجئا، لأن هذا الإعلان بدأت هندسته منذ إعلان أبريل عام 2021م، بـ إزاحة الرئيس عبدربه منصور هادي، والإتيان بمجلس القيادة الرئاسي، والذي نص بكل وضوح أن المجلس جاء من أجل التوقيع على اتفاق سلام شامل مع مليشيا الحوثي".

وأوضح: "منذ إعلان تشكيل المجلس، هناك هدنة غير معلنة، وهناك حوارات واتفاقات في الغرف المغلقة، بين السعودية كطرف ومليشيا الحوثي كطرف، بوساطة عمانية، بينما الحكومة الشرعية مهمتها الأساسية البحث لها عن موطئ قدم آمن، فهي لا تجد الأمان حتى لنفسها، ولا علاقة لها بالأمور السياسية مطلقا".

وأضاف: "الاتفاق الذي ممكن أن يعلن، أنا أسميه اتفاق الضرورة، وهو اتفاق لجأت إليه السعودية لتعلن للعالم بصورة نهائية وحاسمة بأنه لم تعد لها علاقة باليمن".

وتابع: "لا يمكن أن نجهل أن مليشيا الحوثي، اليوم، بعد ثماني سنوات من الحرب، منهكة اقتصاديا وسياسيا، وهذا الاتفاق أشبه بعملية إنقاذ".

وأردف: "نحن -كيمنيين- نتمنى أن نذهب إلى سلام، خاصة بعد حالة الألم والوجع التي دخلت إلى كل بيت، وهذا منطقي في نهاية كل بندقية وقذيفة، خيمة وطاولة ومفاوضات، ولا بُد أن تتوقف هذه الحرب في فترة من الفترات، لكن على أي أسس؟ وما هي المرجعيات والضمانات، خصوصا وأنها مع جماعة منفلتة؟".

وزاد: "من خلال هذا الاتفاق، وهذه التسريبات، هل سنكون أمام مراحل، بمعنى أن هذه المرحلة الأولى للاتفاق هي مرحلة الضرورة، ثم ستؤجل القضايا الكبرى إلى مراحل لاحقة؟"، موضحا: "إذا كان هذا بالفعل ما هو حاصل فهذا يعني أنه تأجيل للحرب إلى مرحلة جديدة، ويعني أننا سنشهد مرحلة جديدة من الحرب متعلقة بتقسيم السلطة، ومؤسسات الحرب".

وتساءل: "ماذا سيكون مصير اللجان والمقاومة الشعبية والقوات المختلفة العسكرية التي نشأت في هذه الحرب؟ وماذا عن قضية تقسيم السلطة؟ وماذا عن العدالة الانتقالية؟ كل هذه القضايا معقدة، وإذا استفردت بها السعودية ومليشيا الحوثي سنكون أمام كارثة".

وقال: "يتقرر مصير اليمن بطرفين، أحدهما انقلب على السلطة، وآخر لا علاقة له بالإرادة الشعبية، فهذه كارثة، وإذا كان الاتفاق بشأن اليمن تم هندسته بين إيران والسعودية، وما على الأطراف اليمنية إلا أن توقِّع، فإننا أيضا سنكون أمام كارثة أخرى -للأسف الشديد".

تقارير

لماذا يستمر الحوثيون في شن حربهم الاقتصادية ضد اليمنيين؟

تتفاقم الأزمات الاقتصادية والإنسانية في اليمن، في ظل استمرار الانقلاب، حيث تنهب مليشيا الحوثي كافة مقدرات البلاد في مناطق سيطرتها، دون أن تعكسها على شكل خدمات، بل إنها تفرض الجبايات غير القانونية، الأمر الذي يفاقم من الأزمة الاقتصادية والإنسانية.

تقارير

مؤتمر "العهد الديمقراطي" في سراييفو.. هل يحقق العدالة في العالم العربي؟

في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية، التي تعصف بالعالم العربي، انعقد مؤتمر "العهد الديمقراطي العربي: خارطة طريق للديمقراطية العربية" في "سرايفو"، بحضور نخبة من المفكرين والسياسيين والناشطين العرب، المدافعين عن الديمقراطية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.