تقارير

الإفطار في المساجد.. تجمعات عشوائية ومخاطر تفشي 'كورونا'

07/05/2021, 16:52:17
المصدر : خاص - حسان محمد

منذ سنوات، اعتاد محمد الجمالي على حمل وجبة الإفطار من المنزل إلى مسجد الحيّ، للمشاركة في الإفطار الجماعي الذي يحضره كثير من أبناء الحارة، لاستشعار اللحظات الروحانية مع الأهل والأصدقاء قبل أذان المغرب.

في باحة الجامع، شكّل الجمالي مع بقية المصلِّين حلقات إفطار دون أن يهتموا بما يتم تداوله عن تفشي "كوفيد-19"، وتحذّر منه المؤسسات الطبية والمنظمات الدولية، وآخرها منظمة "أطباء بلا حدود"، التي عبّرت عن قلقها الشديد من التفشّي، والارتفاع الحاد في عدد الإصابات في ظل بنية صحيّة متدهورة، وقطاع صحي تصل عدد مرافقه الخارجة عن الجاهزية إلى 50%.  

استهتار وغياب الوعي

 

يرفض الجمالي تغيير عادة الإفطار الجماعي في المسجد، على الرّغم من انتشار الموجة الثانية من فيروس "كورونا" في اليمن، وإصابة أكثر من 6390 حالة، منها 4948 حالة تعافٍ، و1240 حالة وفاة، بحسب إحصائيات اللجنة الوطنية للطوارئ التابعة للحكومة الشرعية حتى الخامس من مايو الجاري.

وهذه الإحصائية لا تتضمّن المحافظات التابعة لسيطرة جماعة الحوثي، التي اتخذت سياسة التكتم عن عدد الإصابات في المناطق الخاضعة لها، والتزمت حيال ذلك الصمت.

وعلى الرّغم من أن الجمالي لا ينكر انتشار الفيروس، إلا أنه يهوّن من خطورته، وطريقة انتشاره، ويعتبر أن الإصابة فيه قضاء وقدر، ولا يمكن لأي شخص أن يموت دون بلوغ أجله، كما يقول لـ"بلقيس".  

يوافقه في ذلك أغلب المصلّين، الذين كانوا يتحدّثون في ساحة المسجد باستهتار ولامبالاة عن الوباء، وهم ينتظرون أذان المغرب، مستدلين بآيات قرآنية وأحاديث نبوية عن القدر والموت والحياة.

يعلق علي الكوكباني على الموضوع بأنه شعر العام الماضي بقلق من الإصابة ب"كوفيد-19"، وامتنع عن الإفطار في المسجد، واتبع التدابير الاحترازية نتيجة للتهويل والضخ الإعلامي عن الفيروس، لكنه يرى أن الواقع لم يكن كما صوّروه، وكانت عدد الإصابات قليلة والوفيات من كبار السنّ، والمصابين بأمراض مُزمنة.

يقول الكوكباني لـ"بلقيس": "هذا العام عُدت إلى الإفطار في المسجد، ولم اتخذ أي إجراءات وقائية، ولم أعد أخاف من المرض، فأغلب الوفيات يكون سببها القلق، وتدهور الحالة النفسية والإفراط في الخوف". 

  غياب الإجراءات الوقائية 

ليست قضية الإفطار الجماعي وحدها التي يستهتر بها اليمنيون بتعاملهم مع المرض، فخلال الموجة الثانية تلاشت مظاهر الخوف، وغابت كافة الإجراءات الاحترازية التي كانت ظاهرة في الموجة الأولى، وصار من يرتدي الكمامة أو يمتنع عن المصافحة بالأيدي محلا للسخرية والتندّر من بقية الناس.

ولم تتخذ الحكومات، ولاسيما التابعة لجماعة الحوثي، أي إجراءات وقائية، كالتي صاحبت الموجة الأولى، وتمثلت في إغلاق عددٍ من المرافق والمحلات، وحملات الرش، وتقليص عدد الموظفين وغيرها.

وفيما تتسابق دول العالم على الحصول على اللقاحات المضادة ل'كورونا'، تقف اليمن في ذيل قائمة البلدان الحاصلة على اللقاح، ووصلت الجرعة الأولى من لقاح 'استرازينيكا" في 3 مارس الماضي عبر  مبادرة "كوفاكس"، التي تعد مبادرة مشتركة تقودها الأمم المتحدة للتوزيع العادل للقاحات "كوفيد-19"، ويتصدّرها التحالف العالمي من أجل اللقاحات (جافي) ومنظمة الصحّة العالمية، والتحالف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة.

وشملت الدّفعة الأولى 360 ألف جرعة لقاح، و13 ألف صندوق أمان، ومليونا و300 ألف حقنة، خُصصت لحماية العاملين الصحِيين والأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً، ويعانون من الأمراض المُزمنة، بحسب ما نشرت  "يونيسف" في صفحتها على "فيس بوك".

التشكيك باللقاح

لم تصل اللقاحات إلى المحافظات التابعة لسيطرة جماعة الحوثي، لأنها اعتبرت اللقاحات ضمن "نظرية المؤامرة" على الشعب اليمني وشعوب العالم، ولم تلاقِ القبول من الناس حتى في المحافظات التابعة للحكومة الشرعية، خاصة بعد تداول دراسات ربطت بين تعاطي اللقاح والجلطات الدّموية، وحدوث جدل على مستوى العالم حول مضاعفات اللقاح.

يقول الجمالي: "لو وزّع اللقاح مجاناً في المرافق الصحيّة بصنعاء، فلن أذهب لأخذ الجرعة، إلا إذا أصبت بالمرض، وعجزت المناعة لديّ عن المقاومة".   

منظمة "أطباء بلا حدود" حذّرت، في بيان صحفي، من هذا التهاون في التعامل مع الوباء، وضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي، ولبس الكمامة، وغسل اليدين بالماء والمعقّمات. 

وقالت المنظمة: "كثير من المرضى يصلون إلى المستشفيات وهم في وضع حرج، وتستدعي حالة البعض توفّر مستوى عالٍ من الرعاية الطبية في وحدة العناية المركّزة وتنفس اصطناعي، إلا أن هذا يعد أمرا صعبا للغاية على المستوى التقني، لاسيما في ظل النّقص الذي يطال جميع أصعدة العمل القائم للتصدّي ل"كوفيد-19".

فقدان الأحبة 

يتواصل في المساجد بصنعاء وأغلب المحافظات الإفطار الجماعي، وسط تهاون واستخفاف واضح بتفشي "كوفيد-19"، على الرغم من أخبار الموت التي تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي، وفقدان كثير من الناس أقارب وأحبة خلفوا وراءهم الكثير من الألم والحزن.

تقارير

معادلة السلام والحرب.. عودة للمسار السياسي وخفض التصعيد في البحر

يشير الواقع إلى أن مليشيا الحوثي، التي عطلت مسار جهود الحلول الأممية، خلال السنوات الماضية، وفق تصريحات الحكومة المتكررة، لا تمانع الآن من الدخول في تسوية محدودة مع السعودية، تسد حاجتها المالية والاقتصادية، وتخفف من أزمتها الداخلية.

تقارير

صفقة سعودية حوثية.. ترتيبات متقدمة وتحذيرات من النتائج

تتسارع الخطى نحو وضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق الأممية، التي تحمل في مضمونها تفاهما وتقاربا حوثيا - سعوديا، لم يكن يتوقعه أحد، لا سيما إن استعدنا شريط الذكريات للعام الذي انطلقت فيه عاصفة الحزم، وتهديد الطرفين بالقضاء على الآخر، إذ تعهد الأول بإعادة الشرعية إلى صنعاء، فيما توعد الآخر بالحج ببندقيته في مكة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.