تقارير

"تجار الحروب".. اختفاء أدوية الصّرع يهدد حياة المرضى في تعز

27/11/2023, 17:14:28
المصدر : قناة بلقيس - بشرى الحميدي

تشهد اليمن، في الآونة الأخيرة، أزمة حادة في توافر أدوية الصَّرع، حيث اختفت العديد من الأدوية من الصيدليات في محافظة تعز، مما أثار مخاوف لدى المرضى الذين يعتمدون عليها للسيطرة على نوبات الصَّرع.
يقول أحمد لـموقع "بلقيس": "قبل الحرب كُنت أخرج إلى أقرب صيدلية وأحصل على العلاجات الخاصة بالصَّرع بكل يُسر وسُهولة، وبأسعار مناسبة، أما الآن أصبحتُ أواجه صعوبة كبيرة في الحصول على الأدوية الخاصة بي".

- استغلال التّجار

في الآونة الأخيرة، ازدادت شكاوى مرضى الصَّرع في محافظة تعز من أزمة اختفاء الأدوية من الصيدليات، بما في ذلك الأدوية الأساسية، التي يحتاجها المرضى للسيطرة على نوبات الصَّرع.

يضيف أحمد لـموقع "بلقيس": "العلاجات، التي كان يحصل عليها، اختفت في البداية من السوق بشكل تام، بعدها توفَّرت أدوية مهرَّبة لا تفي بالغرض، مثل الأدوية السابقة، وظلت تختفي شيئاً فشيئا، ممّا جعل بعض تُجار الحروب والصيادلة يستغلون احتياجات المرضى الماسّة للأدوية".

وأوضح: "التجار يستغلون حاجتنا للأدوية، ويقومون برفع أسعار الأدوية بشكل جنوني، حتى أصبحنا غير قادرين على شراء الأدوية حتى المهرَّبة، بسبب الأسعار الخيالية".

يتابع: "قبل الحرب كنت اشتري علاج تيجراتول سي 200 ملي جرام بـ٤٥٠ إلى ٥٠٠ ريال؛ الباكت يحتوي على خمسة أشرطة وعلاجا رسميا فعالا وممتازا، والآن نفس المسمى، ولكن ليس له فعالية، ومهرب، والباكت يحتوي على شريطين فقط، وبسعر ٥٠٠٠ ألف ريال، ومع ذلك غير متوفِّر".
"يظل اختفاء أدوية الصَّرع أزمة تهدد حياة المرضى، الذين يعتمدون عليها للسيطرة على نوبات الصَّرع في حين تحتاج الحكومة اليمنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة، قبل أن تتفاقم وتؤدي إلى عواقب وخيمة".

من جهتها، تقول المديرة التنفيذية لمركز "حماية ومعالجة مرضى الصرع"، سوسن جار الله، إن أكثر من 2000 حالة مقيَّدة في قاعدة البيانات لديهم في محافظة تعز، والعدد مرشَّح للازدياد.

وتضيف جار الله: "حالات الإصابة بالصرع تزداد يوما بعد آخر، حيث يشكو مرضى الصرع من ارتفاع أسعار العلاجات، إضافة إلى انعدامها واختفائها من السوق لفترة طويلة، حيث لا نعلم أين تذهب تلك الأدوية، مما يتسبب بتفاقم حالة المريض، هذا إن لم يكن سبباً لإصابته بأمراض أخرى؛ نتيجة استخدام أدوية بديلة؛ خاصة تلك المهربة".

ويعتبر داء "الإبليبسيا"، أو ما يُعرف بداء الصَّرع، من أكثر الأمراض انتشاراً؛ بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، 50 مليون شخص في العالم يعانون من الصرع.

- الحرب والحصار

ترى وكيلة محافظة تعز للشؤون الصحية، إيلان عبد الحق، أن الحرب وتراكماتها كانت سببا في انعدام الكثير من علاجات الأمراض المزمنة، بما فيها علاج الصرع، بسبب الحصار المزمع على مدينة تعز، الذي أنهى قرابة عقد من الزمن.

تقول عبد الحق: "انعدام القدرة الشرائية لدى غالبية المرضى بسبب ارتفاع أسعار العلاج، والظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة، كان سبباً في عدم توفير الأدوية لدى كثير من تجار الأدوية، إلى جانب تزايد انتشار مرض الصَّرع بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وهو ما جعل الدواء ينفد، خصوصاً وأنه يتواجد بكميات بسيطة".

وتضيف: "هناك مشكلات كثيرة تواجه الجهات المعنية، منها التزايد المستمر لحالات الصَّرع، وعدم وجود مراكز أبحاث لتشخيص أسباب زيادة انتشار المرض، وعدم وجود ميزانية في الوزارة محددة للاهتمام بهذه الفئة".

- الاعتماد على دعم المانحين

يقول مسؤول سابق في مكتب الصحة العامة والسكان بتعز: "قلة الدعم المقدم من وزارة الصحة العامة والسكان المتعلق بأدوية الصَّرع، الذي كانت تعتمد الوزارة اعتمادا كليا على توفيرها من المانحين، ممثلة بمنظمات الصحة العالمية، أو مركز سلمان للإغاثة، أدت إلى الأزمة الحاصلة".
ويوضح: "دعم المانحين تقلص بحجم كبير جدا، كما أنه لا يتم توزيع الأدوية المتعلقة بالأمراض المزمنة في الوزارة بحسب التعداد السكاني، باعتبار تعز أكثر المدن كثافة سكانية، وحصتها لا تلبي الاحتياجات الفعلية".

ويؤكد أن وزارة الصحة ما زالت تعتمد على الأدوية من المانحين، ولم يتم تفعيل برنامج الإمداد الدوائي، الذي لديه موازنة معتمدة من وزارة المالية فيما قبل الحرب؛ لشراء أدوية الأمراض المزمنة؛ من ضمنها أدوية مرضى الصَّرع.

ويشير إلى غياب الدور الفاعل والإيجابي لقيادة السلطة المحلية في دعم مكتب الصحة في توفير الأدوية الأساسية الخاصة بالأمراض المزمنة، وبالذات في الآونة الأخيرة؛ كون موزانة مكتب الصحة لا تلبِّي توفير هذه الأدوية.

- توقف التصدير

يقول نائب مدير فرع الهيئة العليا للأدوية في مأرب، محمد عبدالغني الحماطي: "معظم أدوية الأمراض المزمنة عامة وأدوية الصرع تنتجها شركات أجنبية، وتسمى الشركات العالمية، وأن هذه الشركات أوقفت التصدير لليمن بسبب الحرب، ومنها توقف الوكيل في اليمن عن الاستيراد؛ بسبب ارتفاع سعرها مقارنة بارتفاع صرف العملة".

ويضيف الحماطي: "توقف التصدير شجَّع البعض على توفيرها بطُرق غير قانونية، حيث تُهرب من أسواق السعودية أو مصر أو تركيا، وتكون بكميات قليلة مقارنة بكميات الاستيراد الرسمي، ولذلك هي تختفي وتتواجد أحياناً".

ويشير إلى أن المريض أصبح مُجبرا على شراء مثل هذه الأصناف بغضّ النظر عن طريقة وصولها، وآلية نقلها، وبأي ثمن، لكن مُمكن لبعض المرضى شراء أدويتهم من أسواق دول أخرى؛ مثل مصر، حيث تسمح السلطات هناك بمرور كميات بسيطة، لكن المشكلة في المريض، الذي ليس له أحد هناك؛ لكي يشتري، ويرسل له".
ويقول الحماطي: "يمكن للمريض أن يستخدم البديل مما يتوفّر في السوق اليمنية، وعادة تكون منتجات لشركات هندية أو عربية، وهذا يتطلب تعاون الأخصائيين لكي يصرفه للمريض، ويتابع حالته، وهل استجاب له المريض، أو هناك فَرق في حالة المريض الصحية".

وينوّه الحماطي إلى أن "الهيئة العليا للأدوية في عدن تعمل بظروف استثنائية نتيجة الحرب، ووجود هيئة دواء في صنعاء، رغم محاولتها التنسيق، أو اعتماد بعض إجراءات توفير الدواء لما فيه مصلحة المريض، كاعتماد الشركات والأصناف المسجّلة سابقاً في صنعاء، والسماح بالاستيراد مباشرة، إلا أن هيئة الدواء في صنعاء لم تقبل بدخول أي أصناف دوائية مسجَّلة في هيئة عدن، بل ويشترطون تسجيلها في صنعاء مرَّة أخرى".

تقارير

"قصر حبشوش".. أبرز مَعَالم الحيَّ اليهودي في صنعاء يتحوّل إلى خرابة

على مقربة من البوابة الشرقية لحيّ اليهود، تظل مظاهر الخراب شاهدةً على انهيار وزوال قصر المؤرخ اليهودي اليمني "حاييم" حبشوش، تاجر الذهب والفضة الشهير، الذي عاش في الفترة ما بين 1833 ـ 1899م، وباعتباره شخصية مثقفة ومقرباً من السلطة آنذاك.

تقارير

كيف عملت السعودية على تقديم اليمن بلا ثمن لإيران وأدواتها؟

منذ ليلة السابع من أبريل من العام 2022م، لم يعد المشهد السياسي اليمني واضح المعالم، بل تدرّج نحو اندثار الصَّف الوطني، وخفوت صوت السيادة اليمنية، وذلك عبر وثيقة صدرت في القصر الملكي السعودي، مُبطلة معها عمل الدستور اليمني، ومشكلة مجلس العَار -كما يسميه الشعب اليمني هذه الأيام.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.