تقارير

"تراب الإمامة الدفين".. أحد أقطاب الفكر الحوثي يكشف المستور

05/02/2025, 10:27:56

أطلّ محمد عبد العظيم الحوثي، مكاشفا أو هكذا يخيّل إلينا، يمد يده إلى تراب الإمامة الدفين، ينفض عنه الغبار ثم يزيح الستار عمّا ظل مكنونا في أروقة الجماعة الحوثية لسنوات طوال، يتحدّث الرجل بنبرة متطرّفة واثقة، لا تعرف المداراة ليصف أئمة اليمن بالمنافقين، وثوار 26 سبتمبر بالنواصب، والديمقراطية محرّمة في حكمهم.

القيادي الحوثي ينتمي للعائلة ذاتها، التي تقود صنعاء اليوم، يمضي في حوار مصوّر مع مؤسسة إيرانية فيكشف بنبرة متعالية واثقة، أن الحكم ليس سوى إرث حصري في "آل البيت"، وأن الديمقراطية ليست سوى بدعة وافدة لا تليق بقداسة العرش الهاشمي، ويدّعي أن الجمهورية حادت عن السراط حين سمحت للجموع أن تختار، لتتجلى الرؤية الحقيقية، حكم عائلي مغلق، وانتقائية عقائدية توظِّف النصوص لخدمة مشروع صغير، وحنين جارف إلى استبداد غابر.

تصريحات حوثية تقدِّم مكاشفة حول المسكوت عنه في أدبيات الحركة الحوثية، ترسم صورة قاتمة لمستقبل اليمن؛ ثوار سبتمبر نواصب، والديمقراطية حرام والجمهورية زائلة، وتشير إلى أن الصراع أعمق من مجرد حروب داخلية، فمن يصادر الثورة باسم النّسب، ويحرّم الديمقراطية باسم الدِّين، لن يفتح بابا لحوار، بل سيشيّد جدارًا أمام أحلام اليمنيين المتطلِّعين للحرية والعدل.

- تصريحات ليست مفاجئة

في هذا السياق، يقول المفكّر والباحث زايد جابر: "بالنسبة لي لم تمثل لي هذه التصريحات أي مفاجأة، فأنا أتابعه منذ 15 أو 20 سنة، وهذا الرجل الإشكالية أن البعض كان يقدّمه بأنه الممثل الحقيقي للزيدية، باعتبار أن الخلاف والصراع، الذي وصل إلى حد المواجهات العسكرية، بينه وبين عبد الملك الحوثي وأتباع الحوثيين".

وأضاف: "محمد عبدالعظيم الحوثي كان يقول إن عبد الملك الحوثي وجماعته أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى، وله فتوى مشهورة في 2013، ولم يكونوا يدركوا أن الخلاف كان حول من له الحق بالتصدّر ومن له الحق بالإمامة مع أنه كان يقولها بكل صراحة".

وتابع: "هذا المذهب السلالي والإمامي في صعدة تقاسم شخصيّتين بارزتين، مجد الدين المؤيدي، وبدر الدين الحوثي، وكان عبد العظيم الحوثي من تلاميذ مجدالدين المؤيدي، وحين مات مجد الدين المؤيدي، هذا رأى نفسه بأنه الأحق، وأن شروط الإمامة تنطبق عليه، وأنه الأعلم".

وأردف: "كان يقول إن عبد الملك الحوثي هذا يصلح وزير دفاع عندي، وأنا أخليه مقاتل، لكن لا يصلح أن يكون هو الناطق باسم الزيدية، لكن من خلال المقابلة الأخيرة يتضح أنهم قد لملموا خلافاتهم، وأنه أصبح يعترف بشرعية عبد الملك الحوثي، ويعمل تابعا له، بل حتى المقابلة وزيارته لإيران هذه أيضا جديدة بالنسبة لمحمد عبد العظيم الحوثي، لم تكن علاقته من قبل كعلاقة عبد الملك وجماعته".

وزاد: "ما يميِّز هذا الرجل أنه متمسك بالإرث الهادوي كما هو، دون تقية أو مراحل، ففي الأخير ليس هناك، مثلا: قضية الإمامة في البطنين، هذه يرونها أصلا من أصول الدين، ففي عام 1990، وهم منضويون في أول حزب أسسوه، وهو حزب الحق، أصدروا بيانا فيه مراوغة، أربعة من علماء حزب الحق في صنعاء، أن الإمامة كانت مرحلة تاريخية، وأن الصحابة لم يطيقوا نصا على علي، يعني هم مؤمنون بالنص، وأن أمير المؤمنين علي قال لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ونحن ما دام الناس لا يريدونها الآن فلا داعي لأن نثير مشاكل".

وقال: "هذا البيان، الذي صدر ووقَّع عليه أربعة من علماء الهادوية في صنعاء (حمود عباس المؤيد، ومحمد المنصور، والكبسي وشخص آخر)، رفضه علماء صعدة، بمن فيهم رئيس الحزب مجد الدين المؤيدي، وبدر الدين الحوثي، وكان هناك إجماع قالوا هي عقيدة ودين ولا يمكن أن نقبلها".

وأضاف: "كان حسين بدر الدين الحوثي ترشّح لمجلس النواب، وأدى القسم الدستوري كغيره من الأعضاء، وفيها أن ألتزم بوحدة اليمن، وبالنظام الجمهوري، وسلامته، وهذا القسم ظل محمد عبدالعظيم الحوثي يعايره به، ويقول لهم لستم صادقين معنا، وهم
يقولوا نحن اضطررنا، وإلا نحن مؤمنون مثلكم، وهو يقول لهم قلتها أمام علي عبد الله صالح، إنك لست شرعيا، وأن الإمامة فينا، وأن هذه عقيدة، أما أنتم فحسين أقسم".

وتابع: "بعد هذا الصراع، الذي كان بيننا، والبيان الذي صدر ضد حسين بدر الدين، جاءت الوثيقة الفكرية التي جمعت تلامذة مجد الدين المؤيد، أو جناحي الزيدية في صعدة بالعقيدة المشتركة، بمن فيهم تلاميذ وأتباع عبد العظيم الحوثي، الذين أكدوا فيها أن الإمامة فيهم والعلم فيهم، وأن كل شيء فيهم، وحتى الذين وقَّعوا على ذلك البيان المراوغ في عام 91، وقَّعوا هذه الوثيقة الفكرية".

وأردف: "ليس هناك خلاف حقيقي فكريا وعقديا ومذهبيا بين عبد الملك الحوثي وجماعته، وبين عبد العظيم الحوثي وجماعته، جميعهم يؤمنون بنفس هذه الأفكار، اللهم أن أولئك، في فترة من الفترات، كانوا يرون أنه لا داعي لأن نصدم الناس بها، ونكتفي بهذه الأفكار لتلاميذنا، ومع الوقت بعد أن دخلوا صنعاء تغيَّرت تدريجيا".
 
وزاد: "بدر الدين الحوثي، في مقابلته مع صحيفة الوسط في عام 2004، بعد الحرب الأولى، لمّا سُئل عن الجمهورية، قال أنا لا أؤمن بها، ولا نعرف حاجة اسمها جمهورية. لأن الإمامة في البطنين، قالها بوضوح في ذلك الوقت المبكر".

- أفكار ليست جديدة

يقول المفكر زايد جابر: "ما قاله محمد عبدالعظيم الحوثي هو أفكار ليست جديدة، ربما الناس صدموا من حجم هذه الصراحة المخلوطة بالوقاحة، لأنهم رأوا قليلا من المراوغة مع جماعة عبدالملك الحوثي".

وأضاف: "محمد عبدالعظيم الحوثي هو بنفس هذه الوقاحة منذ أكثر من 40 سنة، ولديه مؤلفات أيضا، من السب والشتم والقذف، وهو الممثل الأمين للمذهب، فعندما يقول مثلا: إن من لم يؤمن بولاية علي بن أبي طالب فهو كافر، هو بنفسه قال، وهذا ما قاله الإمام الهادي في كتابه الأحكام، وزاد جاب لكم المرجع".

وتابع: "كانت معي دراسة في 2007، كيف حاول حسين الحوثي أن يكون نسخة طبق الأصل من الإمام الهادي، كل ما ورد من تكفير، ومن بذاءة، ومن سفه، ومن تطرف في ملازم حسين الحوثي، أرجعتها إلى أصولها في كتب الإمام الهادي، وهو لا يخفي، لكن لأنه كان يجيبها في محاضرات، كان يقول كما قال الإمام الهادي، ارجعوا إليها بس يقولها باللهجة المحلية".

وأردف: "هذا الرجل الآن، محمد عبدالعظيم الحوثي، عندما سب ولعن وشتم الشوكاني وغيره، وقال إنهم منافق ن، هذا الحقد على الشوكاني كان منذ حياته، حتى أن ابن حريوه السماوي، أحد المتطرفين الكبار في الهادوية والعنصرية، عمل بضعة مجلدات سماها الغطمطم الزخار المطهر حدائق الأزهار، في الرد على الشوكاني".

وزاد: "هذا الغطمطم الزخار عدة مجلدات؛ حدثت ندوة في جامعة صنعاء تقريبا عام 93 و94، استفزت دعاة السلالة كلهم، فكلفوا محمد عزان، كان لا يزال معهم في ذلك الحين، قبل أن يختلف معهم، قام بتحقيق هذا الكتاب الغطمطم الزخار، وقدمه له أحمد محمد الشامي".

وقال: "ما الذي فعله عزان؟ وجد كلمات كان فيها لعن وسب وشتم وقذف بشكل مقذع، ما يذكر أحدا إلا ويقول لعنه الله، ابن الزناء، ابن اليهودي، ليس فقط للشوكاني وإنما للخلفاء الراشدين، للمذاهب الإسلامية، لأهل السنة، فقام بحذف هذا السب واللعن والشتم، حتى لا يقع تحت طائلة المساءلة القانونية، وقامت قيامتهم بعد ذلك، وقالوا إنه خان الأمانة العلمية، وأنه حذف ما اضطره أن يظهر قائمة بمفردة الشتائم التي حاول أن يحذفها".
 
وأضاف: "وكان يضعها بين قوسين، ويضع نقاطا عليها؛ أن هذه فيها سب وشتم، وفيها لعن وتكفير للصحابة والتابعين، ومع ذلك قاموا بعد الحرب الأولى واتهموه أنه خان الأمانة، وأعادوا إصدارها مرة أخرى بكل بذاءاتها وسبها وشتمها".

وتابع: "عندما يتكلم عن الشوكاني إنما يغرف من هذا الإرث، رغم شيبته الكبيرة، وكذلك أحمد لطف الديلمي، عمل مجلدات ضد الشوكاني وبنفس الحقد".

وأشار إلى أن "هؤلاء رؤوس الإمامة في صعدة، هم قاتلوا مع بيت حميد الدين، وبعد هزيمة الإمامه ظلوا يقاتلوا حتى جاءت المصالحة عام 1970، ورضخوا كأمر واقع، لكنهم لم يعترفوا بالجمهورية، لم يعترف أحد من علماء صعدة بالجمهورية؛ لا بدر الدين الحوثي، ولا عبد العظيم الحوثي".

وذكر أن "عبد العظيم الحوثي هو ابن عم بدر الدين الحوثي، وعم عبد الملك الحوثي، ابن عم أبيه، لكن بينهم تنافس وليس خلاف".

تقارير

الانعكاسات الخفية.. كيف أثرت الحرب على الصحة النفسية للأطفال في اليمن؟

تعيش اليمن منذ سنوات في دوامة من الصراع المستمر الذي ألحق أضراراً جسيمة على جميع جوانب الحياة، ولم تقتصر تلك الأضرار على البنية التحتية أو الاقتصاد فحسب، بل امتدت لتطال جوانب أخرى أكثر عمقاً، مثل الصحة النفسية للأطفال في المناطق المتضررة.

تقارير

إحصاءات مقلقة.. تحدّيات ومعاناة يعيشها مرضى السرطان في اليمن؟

الرابع من شهر فبراير من كل عام هو اليوم العالمي لمرضى السرطان، الذي يحل على اليمن بإحصاءات تثير القلق، حيث أعلن مسؤول في مكتب الصحة بتعز ارتفاع عدد حالات الإصابة بالسرطان بنسبة 34 % في المحافظة، خلال العام الماضي، مقارنة بسابقه 2023".

تقارير

جيل مفخخ.. كيف تصنع ميليشيا الحوثي قنابل فكرية في المدارس والجامعات؟

الحرب في اليمن لا تتوقف عند الجبهات العسكرية، والهدنة لا تعني الكثير بالنسبة للمستقبل، طالما بقي آلاف الطلاب يخضعون للتجنيد الإجباري، والتعرض للأفكار الطائفية المتناقضة مع عقائد المجتمع ومصالحه ومحيطه وتاريخه.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.