تقارير
جواسيس الحوثيين.. كيف يتكفل جهاز الأمن والمخابرات بالهيمنة السياسية؟
كشف تقرير ل"مشروع مواجهة التطرف" الدولي الأساليب التي تهيمن بها جماعة الحوثي الإرهابية على 20 مليون يمني يعيشون تحت حكمها، والتي تمنع من ظهور معارضة قوية لهم.
وقال إن إحدى الأدوات الرئيسية التي تمكّن الحوثيين من الحفاظ على سيطرتهم على اليمن وتوسيعها هي جهاز الأمن والاستخبارات التابع للجماعة.
وأضاف التقرير، الذي حمل عنوان "عيون الحكم.. كيف يتكفل جهاز الأمن والمخابرات الحوثي بالهيمنة السياسية في اليمن"، إن الحوثيين كرسوا موارد كبيرة للسيطرة على العديد من جوانب حياة السكان، وتقليل معارضة حكمهم؛ نظرا لأن غالبية اليمنيين لا يؤيدون المبادئ الدينية والسياسية المتطرفة للجماعة.
ويعد جهاز الأمن والمخابرات الحوثي أحد أجهزة الاستخبارات الرئيسية، التي تحافظ الجماعة الإرهابية من خلاله على هيمنتها على اليمن. وجرى تشكيل جهاز الأمن والمخابرات، في عام 2019، من خلال دمج جهازين حينها يعرفان باسم "جهاز الأمن السياسي وجهاز الأمن القومي"، مما قد يفسر سبب امتلاكه مثل هذا الاختصاص الواسع اليوم.
فعلى الصعيد المحلي، تشمل مسؤوليات جهاز الأمن والمخابرات تعزيز التجنيد في الصفوف العسكرية للحوثيين، وإدخال أيديولوجية الحوثيين في النظام التعليمي، ووسائل الإعلام، وتوزيع الضروريات على الشرائح المفضلة لديهم من السكان، والإشراف على مشاريع البنية التحتية (التي تدفع معظم تكاليفها المنظمات الإنسانية الدولية)، والترويج لعودة اليمنيين النازحين الذين فرّوا من الحوثيين، وتنظيم الأحداث الدِّينية والسياسية للحوثيين والمشاركة فيها.
وتشمل أنشطة الجهاز القمعية ضد معارضي الحوثيين الاحتجاز التعسفي والتعذيب والقتل.
وخارج المناطق، التي يسيطر عليها الحوثيون، يسعى جهاز الأمن والمخابرات إلى تعزيز الأهداف العسكرية للجماعة من خلال تقويض القوات المناهضة للحوثيين. وهناك مزاعم تستند إلى مجموعة متنوعة من المصادر الموثوقة، بما فيها شهادات المخبرين، وتقارير خبراء الأمم المتحدة، بأن جهاز الأمن والمخابرات متورط في تهريب الأسلحة من الخارج إلى الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، ونشر المخربين اليمنيين في أراضي "العدو" لزعزعة استقرار المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليا، والتعاون مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وفي حين لم يتمكن التقرير من تحديد العدد الإجمالي لموظفي الجهاز، أو حجم أو مصدر تمويله، إلا أن البحث حول القيادة العليا لجهاز الأمن والمخابرات وأنشطتها أظهر أن الجهاز لديه أربعة مجالات نشاط رئيسية على الأقل؛ وهي كما يلي:
- الانخراط في قضايا الأمن الداخلي لتعزيز استقرار نظام الحوثي. ويقود هذا العمل مطلق المراني (القسم الثالث "و").
- استهداف وحرف المساعدات الإنسانية، والتي جرى تكليف المراني بها سابقا، إلا أن محمد الوشلي عمل بهذا الجانب بشكل متزايد منذ عام 2023 (القسم الثالث "د").
- مراقبة الاقتصاد المحلي، الذي يديره حسن المراني (القسم الثالث "ه")، بالرغم من أن ذلك يتقاطع أحيانا مع تكليف محمد الوشلي.
- الإشراف على الأنشطة الاقتصادية الغامضة للحوثيين في الخارج، التي تشمل -على سبيل المثال لا الحصر- غسيل الأموال وشراء الأسلحة. حيث إن الشخص المكلف بهذه المسؤولية هو محمد عامر.
ويرأس عبد الحكيم الخيواني جهاز الأمن والمخابرات، وبسبب الأنشطة، التي يقوم بها تحت هذه الصفة، جرى فرض عقوبات عليه من قِبل الولايات المتحدة بموجب قانون "ماغنيتسكي" العالمي.
كما جرى فرض عقوبات على نوابه الكبار، بمن فيهم نائب رئيس الجهاز عبد القادر الشامي، ورئيس الأمن الداخلي مطلق المراني، ورئيس العمليات الخارجية حسن الكحلاني، من قٍبل الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن قيادة الجهاز أكبر بكثير من مجرد أربعة أشخاص، وقد حدد هذا التقرير أكثر من 20 من كبار المسؤولين في الجهاز مع ذكر أنشطتهم.
وأوضح التقرير أن معظم قادة جهاز الأمن والمخابرات لا يحضرون المناسبات العامة بالزي العسكري. ويرتدون، عوضا عن ذلك، الزي التقليدي، ومن المحتمل أنهم قليلو الظهور، ويظهرون أن طبيعة أعمالهم الأساسية مدنية.
وبالرغم من أن العديد من كبار مسؤولي الجهاز يحملون ألقابا عسكرية (لواء أو عقيد)، إلا أن أفراد الجهاز ليسوا أعضاء في جهاز عسكري ولا يشاركون في القتال.
وخلافا لذلك، جري تصوير رئيس جهاز الأمن والمخابرات عبدالحكيم الخيواني بانتظام بالزي العسكري.
وحدد التقرير موظفي وأنشطة شاغلي الوظائف العليا في جهاز الأمن والمخابرات التي يعزز بها الجهاز مصالح الحوثيين.
يذكر أن العديد من مسؤولي جهاز الأمن والمخابرات، الذين حددهم التقرير، قد شاركوا ب"أعمال تهدد -بشكل مباشر أو غير مباشر- السلام أو الأمن أو الاستقرار في اليمن"، وبالتالي يجب أن يكونوا عرضة للعقوبات، بعض هذه الأعمال تشمل تطرف الأطفال اليمنيين لتعزيز الولاء المطلق لزعيم التنظيم المتطرف عبد الملك الحوثي، وتهريب الأسلحة لتجهيز العتاد لمسلحي الحوثي، تجنيد جواسيس سهلوا محاولات اغتيال مسؤولين رفيعي المستوى من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وتطوير علاقات الحوثيين مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وتورّط جهاز الأمن والمخابرات بانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، حيث احتجز الجهاز وقتل موظفين في منظمات إنسانية، وعطل المساعدات الإنسانية، وحرفها عن مقاصدها، واستهدف أفرادا أبلغوا عن انتهاكات لحقوق الإنسان، وعذّب المنتقدين والأقليات الدِّينية، واستولت على أصول المعارضين السياسيين.
ويعد الأفراد المسؤولون عن هذه التجاوزات عُرضة للعقوبات بموجب الشروط المنصوص عليها في برنامج جزاءات "ماغنيتسكي" العالمي.
وتابع التقرير بالقول إن العديد من كبار المسؤولين في جهاز الأمن والمخابرات تورّطوا في استهداف العاملين في مجال حقوق الإنسان، وتسببوا بتطرّف جيل من اليمنيين (بمن فيهم الأطفال)، وتعطيل المشاريع الإنسانية في اليمن من أجل جني مكاسب مالية شخصية، وإدارة شبكات الحوثيين المالية والمشتريات الغامضة، وتجنيد عملاء لزرع الفوضى والدّمار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليا في اليمن.
وشدد التقرير على ضرورة استهداف هؤلاء الأفراد، على أقل تقدير، من خلال العقوبات، ومنعهم من الوصول إلى النظام المالي الدولي.