تقارير

في حلقته الأولى من برنامج "الشاهد​".. يتحدث الدبلوماسي والسياسي يحيى العرشي​ عن طفولته وتشكيل شخصيته الإدارية

11/03/2025, 20:50:45

يتحدث الدبلوماسي والسياسي اليمني، يحيى العرشي​، في حلقته الأولى من برنامج "الشاهد​" في موسمه الرابع، عن تأثير بيئة طفولته على تشكيل فكره وشخصيته السياسية.

تبحث هذه السلسلة الوثائقية من برنامج "الشاهد"، التي يعدها ويقدّمها مدير عام قناة بلقيس، الزميل أحمد الزرقة، عن قصة الوحدة اليمنية: الآمال والتحدِّيات، والألغام التي زُرعت في طريقها، وكيف تحوّل مسار الوحدة من مباحثات بين الدّولتين إلى حوارات بين الحزبين الحاكِمين.

ارتبط اسم يحيى العرشي بالوحدة اليمنية، من خلال توليه منصب وزير شؤون الوحدة في الشطر الشمالي سابقا، في الفترة الأكثر حساسية في تاريخ ومسار الوحدة.

خلال الحلقات القادمة، سيكشف ضيفنا عن تلك التحولات التي شهدها ملف الوحدة، وما حدث من صراعات بين شريكي الوحدة: حزبي المؤتمر والاشتراكي.

في هذه الحلقة، والحلقات القادمة، يستعرض "الشاهد" تباعا أجزاء من شهادات حول أوضاع اليمن في العهد الإمامي وقيام النّظام الجمهوري.

- النشأة

يقول العرشي إن أكثر ما يهم المشاهد اليوم هو كيف كان حال الوطن، والمراحل التي مرَّ بها، والمحطّات التاريخية، التي ربّما تغيب عن الجيل الكثير من الصّور فيها، خاصة وأن مناهج التعليم في بلادنا تغيب عنها القضايا الوطنية.

يضيف: "أنا أنتمي إلى أسرة بيت العرشي، الذين ينتمون إلى منطقة العروش في خولان الطيال، وكانت منطقة العروش تتكون من خمسة أقسام؛ قسم بيت الدوّام الذي أنتمي إليهم، قسم الغادر، وقسم الرفضي، وقسم الهيَّان".
 
وتابع: "جدنا، قبل خمسة أجيال وأنا في الجيل الخامس أو السادس، فضّل أن يترك القبيلة والمشيخ ليتّجه إلى التعليم، وإلى صنعاء، هكذا كان خياره، وكان خيارا أفضل، وبدأ الاستقرار في صنعاء، في مشهد جوار الصحابي الجليل المُرادي، واستقر لفترة هناك يتعلم في الجامع الكبير، وفي مدارس صنعاء، ومنها انتقل إلى قرية الدجاج في الحصبة، وأخيرا استقر في الروضة".

وزاد: "في الروضة، استقر به الحال، وتزوج من بيت الرحبي، ومن هناك انطلق في تأسيس آل عرشي في صنعاء، وكان مهتما في قضية تعليم الأولاد، فأولاده انتشروا؛ منهم من استقر في صنعاء للدراسة، ومنهم من ذهب إلى الأهنوم، ومنهم من ذهب إلى ذمار، والحداء، ومنهم من ذهب إلى الكِبس، وأنا من الذين استقروا في صنعاء، واختاروا حي القزالي".

وأردف: "أنا من مواليد حي القزالي بصنعاء، في رجب من عام 66هـ، الذي يصادف في نفس اليوم الثاني والعشرين من مايو 1947، هناك كانت ولادتي من أسرة متواضعة، من طبقة متوسطة، والدتي كانت قد طُلقت من والدي الذي كان قد تزوجها وهو في خارج صنعاء".

واستطرد: "لهذا كانت ولادتي في أحضان والدتي وجدتي وأختي وأخي القاضي عبدالكريم العرشي، واختاروا لي الاسم تيمنا بابن زكريا يحيى".

- التعليم
 
يقول العرشي: "نشأت في هذه الأسرة المتواضعة، وكانت الوالدة تولي اهتماما خاصا بالإشراف على ذلك؛ لأن أخي عبد الكريم -بحكم عمله- كان يغيب عن صنعاء، وتولت والدتي اختيار المدرّس واختيار المدرسة، ومن حسن الحظ أن حي القزالي عدد من المدرِّسين ينتموا إليه؛ الأستاذ التهامي، الأستاذ العطاب، الأستاذ الذماري، فالتحقت بمدرسة الزمر للإرشاد، وتلقيت فيها الابتدائية، وانتقلت إلى مدرسة الإصلاح في التحرير، وكان يسمى ميدان شرارة".

وأضاف: "تلقيت تعليما متواضعا، في ذلك الوقت، بشكل عام المدارس كانت متواضعة، ومناهجها متواضعة، كانت في غالبيتها تبدأ بالأساس (القرآن الكريم)، الدروس الدينية والفرائض، وقليل من التاريخ، وقليل من الجغرافيا، وقليل من التربية، ولكنه منهج متواضع بحكم الظروف التي كانت تعيشها اليمن، وهي ظروف صعبة، لكن مع هذا كانت توفر الحد الأدنى من التعليم".

وتابع: "بقيت في صنعاء؛ المدينة الجميلة المدينة الهادئة والمتواضعة، المسورة بالأبواب المغلقة، وأتذكر في تلك السنوات الأولى من حياتي، ليس هناك شيء جميل إلا حينما نخرج أحيانا إلى بعض البساتين بصحبة والدتي، أو إذا كنا في المدرسة فيدعوا لنا لنقل الموتى، كان مدير المدرسة أو المدرّس يخرج في مناسبة دفن فلان في المقبرة الفلانية، وكانت بالنسبة لنا هذه فرصة للخروج من المدرسة، والخروج من باب اليمن".

وزاد: "هناك مشهد لا يفارقني، في بداية الخمسينات، ربما بعد 1955 بعد حادثة انقلاب الثلايا على الإمام يحيى، كنت أشاهد ناس في باب اليمن ونحن عائدين يتجهون إلى العُرضي، وبحكم التطلّع إلى المشهد، كُنّا مجموعة من الطلبة الصغار دخلنا العرضي، وإذا هي مناسبة إعدام القاضي الشامي، الذي كان مشاركا في حركة 1955، واستغربت من هذا المشهد، وعلقت في بالي هذه الصورة المأساوية".

وأردف: "عدت للبيت وأنا حزين لهذا المشهد (قطع الرأس بالسيف)، وظليت طوال الليل أتفزفز بسبب هذا المشهد، وهو مشهد لم أنسَه في الواقع".

ولفت إلى أن "المشهد الجميل، كان حينما يزف الطالب عندما يتجاوز مرحلة معينة".

- مرحلة التثقيف الذاتي

يقول العرشي: "أخي عبدالكريم كان في تعز، والكثير مِن مَن يرغب في أن يبحث عن عمل يذهب إلى تعز؛ لكي يوظّفه الإمام، لأنه ليس هناك من يوظف عدا الإمام، وعيّنه عاملا لمغرب عنس في نواحي ذمار، والعامل يعني أن يستقر في المنطقة مع عائلته، مهما كان وضع المنطقة، وعندما عُين، عاد إلى صنعاء ليتزوج ويصحبنا معه، أنا وأمي وأخي وأختي، وكان فارق العمر بيننا 20 سنة".

وأضاف: "وصلنا نقيل يسلح، ونزلنا من على السيارة، ومشينا على الأقدام؛ لأن السيارة لا تستطيع النزول وهي محملة بالرُّكاب، ولم نكن نعرف شيئا اسمه إسفلت حينها".

وتابع: "تجاوزنا يسلح بصعوبة، نزلت السيارة، ونحن عدنا إليها، وعندما وصلنا إلى جهران، ما بين نقيل يسلح وجهران تعرّضت السيارة للغراز، وكان يتطلب رفعها، وتجميع كم ممكن من الأتربة والأحجار حتى ترتفع، وتمشي، يعني معجزة، شيء عجيب أن تمر هكذا، ولكن هذا هو الواقع".

وزاد: "وصلنا جهران، ومن حسن الحظ أن عمي أحمد عبدالله العرشي هو عامل جهران، فكانت الاستراحة في بيت عامل جهران، رغم إن المقاهي هناك كانت مشهورة، ومنها قهوة كانت تسمى بنت عبّاد".

وأردف: "كانت الاستراحة في بيت العامل، وهو بيت لا بأس، بيت ممثل الإمام، كما كانوا يقولون إن العامل كان يمثل الإمام في هذه النواحي، وكل ناحية فيها عامل وحاكم، عامل للإدارة المدنية، وحاكم في الجانب الشرعي، ومدير مال، هناك ارتحنا، وفي اليوم الثاني واصلنا السفر إلى ذمار، ناحية مغرب عنس، وتبعد مسافة عن ذمار، وما فيش سيارات، والوصول إليها إما بالحمير أو بالبغال".

واستطرد: "وصلنا مركز ضباة، وسط مغرب عنس، في تبَّة بين مجموعة جبال محيطة، وفيها فقط بيت العامل والمحكمة التي يدير فيها الشؤون والحبس، ومكان الجنود الذين يرافقوه، والجامع، وثلاث أو أربع مقاهي يرتادها من يأتي للشريعة، ولدفع الزكاة والواجبات، وبالقرب منها ما يسمى الحرف، والحرف هذا فيه من يسكن من بيت عبد الرزاق، وهم ينتمون إلى أحمد عبده الصنعاني، كلهم قضاة يسكنون هذه المنطقة".

وقال: "وجدت نفسي انتقلت من المدينة إلى الريف المطلق، معزول تماما، بل انتقلت من الطفولة إلى حياة الرجال، لم أعد طفلا من ذلك الوقت، وحُرمت من الطفولة، ووجدت نفسي في حياة الكبار مع القاضي، مع أخي عبدالكريم، ومن حسن الحظ أن الذي كان يساعده، القاضي يحيى أحمد الصديق، وهو من أفضل الشخصيات المثقفة اليمنية، كان له دور في الحركة الوطنية في عدن، ثم عاد إلى ذمار، وعين هناك".

وأضاف: "كان يحيى الصديق ذي وعي وثقافته واسعة، وكان هو المراسل الوحيد لإذاعة لندن، يراسلها برسائل أدبية من اليمن؛ من مغرب عنس، كان مثقفا وواعيا إلى درجة لم أكن أتصورها بمستواها في ذلك العصر، ولكنه بحكم إطلاعه وعيشه في عدن، وحصوله على مجموعة من الكتب".

وتابع: "فبقيت إلى جانب أخي وأستاذي عبدالكريم، وكل ما أمامي هي كتبهم، قرأتها".

وأردف: "كان التواصل مع عبد الصمد قطران في ذمار، وهو كان على صلة بعدن تأتيه التجارة، وتأتيه الكتب والمجلات، فكان يرسل الكتب لأخي عبد الكريم والقاضي يحيى الصديق، وهي كانت فرصتي، وأتذكر فيها كان سلسلة إقرأ، كانت عبارة عن كتيِّبات كل كتيِّب موضوع متخصص، تُصدَر في مصر، لذا كانت هذه بالنسبة لي مدرسة".

تقارير

رمضان يضيء عتمة الفقراء من خلال توفير فرص عمل تخفف من وطأة الحرب على اليمنيين

على أعتاب سوق مدينة مارب، حيث تزخر بروائح الخضارِ الطازجة، اتخذت “أم أحمد” مكانها منذ أول أيام شهر رمضان، ورتّبت عددًا كبيرًا من رقائق اللحوح، وإلى جوارها وردٌ ورياحينُ متنوعة (مشاقر)، جميعها من خراج يدها، إذ ترتب وتعرض بضاعتها بينما تنتظر بفارغ الصبر زبائنها المحتملين كل يوم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.