تقارير

لحرمان الفقراء من المساعدات.. قسائم تجارية خاصة بالقيادات والفاعلين الحوثيين

13/03/2025, 12:23:12
المصدر : قناة بلقيس - خاص

ما أن تلوح بوادر قرب دخول شهر رمضان المبارك حتى تتعلق آمال المعوزين من الناس بوصول المساعدات الغذائية التي اعتادوا عليها من فاعلي الخير ورجال الأعمال، إلا أن سياسة مليشيا الحوثي القائمة على التجويع والاخضاع بددت تلك الآمال وفرضت قيود وإجراءات لمنع وصول الصدقات إلى الفقراء، حتى وصل بهم الحال إلى احتجاز وتغريم من يقدم على توزيع الصدقات. 

يتذرع الحوثيون لتبرير إجراءات منع توزيع الصدقات من رجال الأعمال والميسورين إلى الفقراء مباشرةً بحجة أنهم الدولة، ويعرفون المعسرين المحتاجين إليها أكثر من غيرهم، ولديهم القدرة على تنظيم فوضى التوزيع، إلا أن "عبدالله" نجل أحد تجار مضخات الآبار والمولدات الكبيرة، يرى أن توزيع الصدقات يجب أن لا يكون للدولة علاقة بها لأنها ليست فريضة. 

ويقول عبدالله لـ"بلقيس": كثير من التجار رفضوا تسليم صدقاتهم إلى الحوثيين لأنهم يعرفون أنها لن تذهب إلى مستحقيها، وستدخل فيها معايير تضعها المليشيا، تصب كلها في صالح المقربين و المنتسبين إليها من الذين يطلقون عليهم أسر الشهداء أو عوائل مقاتليها في الجبهات علاوة على تبديد الجزء الأكبر منها في أيدي القيادات والمشرفين. 

ويرى "عبدالله"، أن للحوثيين حسابات أخرى في منع توزيع المعونات الغذائية، تقوم على أنه لا يجب أن يكون لأحد من الناس وجاهة اجتماعية، أو يحظى بقبول وحب  الناس ويكسب قلوبهم عبر الأعمال الخيرية، وتكون المليشيا هي صاحبة الفضل واليد العليا، ولهذا يسعون إلى تجرديهم منها. 

بذخ المعونات

تعيش العاصمة صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي واقعين اقتصاديين منفصلين، الأول خاص بالأسر الفقيرة التي اتسعت بشكل كبير بعد الانقلاب على السلطة لتشمل العمال وموظفي الدولة والجزء الأكبر  من الطبقة المتوسطة، والتي صارت تكافح بكل طاقتها لتأمين اساسيات العيش، والثاني يضم قيادات الحوثيين ومنتسبي المليشيا الذين يسيطرون على إيرادات الدولة والجبايات، ويعيشون حياة الترف والرفاهية بعيدا عن تبعات الحرب.

ومن المفارقات العجيبة أن المليشيا على الرغم مما تمتلكه من موارد تحتكرها عن المواطنين، إلا أنها تعمل جاهدة على حرف مسار  المعونات الإنسانية التي يقدمها الخيرين للفقراء والمحتاجين لتصب في جيوب منتسبيها الاثرياء، وتحرم المستحقين من الوصول إليها. 

وفي سبيل تسهيل توزيع المعونات داخل المليشيا، تقوم إدارات خاصة بالتعاقد مع محلات تجارية كبيرة لتموين أعضائها بسلال غذائية عبر قسائم تجارية تشمل كل احتياجات رمضان وعيد الفطر، فيما يظل المحتاجين يبحثون على الفتات. 

مؤسسة غدرة التجارية التي تقع شمال أمانة العاصمة ويمتلكها تاجر ينتمي إلى محافظة صعدة، تعد من أبرز المحال التي يتعاقد معها الحوثيين بقسائم التموين، وعلى مدار شهر رمضان المبارك يتوافد عليها منتسبي المليشيا من مناطق مختلفة للتزود من المعونات. 

وبحسب "ماجد" الذي يعمل في مؤسسة غدرة التجارية فإن أغلب المبيعات في شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى تذهب عبر قسائم التموين.

يقول ماجد في حديثه لـ"بلقيس": "تتنوع مبالغ القسائم من ٥٠ ألف وأكثر, والبعض يأتي بأكثر من قسيمة، وغالبا ما يشتري بها مواد غير أساسية، مضيفا أن قسائم العيدين تكون خاصة بالزبيب واللوز ومكسرات أخرى. 

 المعونات لا تخص الفقراء 

الثلاثينية "فاطمة" كانت تعمل في مركز تحفيظ القرآن الكريم شمال أمانة العاصمة وتجمع مع زميلاتها مبالغ مالية من ميسورين ومغتربين بالمملكة العربية السعودية لشراء معونات غذائية للأسر الفقيرة بشهر رمضان، وبعد إغلاق المركز استمرت مبادرتها الخيرية الا أنه قبل ما يقارب الثلاث سنوات أرسل لها الحوثيين إنذار بمحاسبتها إن استمرت في توزيع المساعدات بعيدا عن سلطتهم. 

لم ينقطع آمل المحتاجين بعودة سلالهم الغذائية على الرغم من مرور سنوات، وكلما عاد شهر رمضان تتواصل معها بعض الأسر لتسألها عن السلة لكنها تعتذر لهم وقلبها ينفطر حزنا، كما تقول لـ"بلقيس". 

يقول عبدالله "نجل تاجر المضخات": حاولنا تجاوز إجراءات منع توزيع المساعدات للفقراء من خلال توزيع مبالغ مالية للبيوت بصنعاء القديمة بدلاً من توزيع السلال لكنهم اكتشفوا الأمر، ووجهوا لنا تهديدات بالحبس والعقاب إذا لم نتوقف. 

قبل الحرب كانت رقعة الفقراء والمحتاجين للمساعدات متوسطة، وكانت المساعدات الغذائية تتوافد عليهم من أماكن عدة خاصة في شهر رمضان لكن انقلاب الحوثيين على السلطة جعل هذه الفئة تتسع، مما جعل الاحتياجات أضعاف ما يجود به الخيرين من ميسوري الحال.

إجراءات الحوثيون لم توقف المساعدات على المعوزين في شهر رمضان فقط وإنما توقفت المشاريع الإنسانية طوال العام، وهاجرت المنظمات الدولية والمحلية من مناطق سيطرتهم بشكل جماعي بعد أن ضيقت عليهم الخناق، فرضوا عليهم قيود إدارية على كافة المشاريع، وتوظيف موالين لهم، علاوة على اعتقال عدد من موظفي المنظمات، وإلصاق تهم الخيانة والتخابر بهم.

تقارير

بعد أشهر من التوقف.. هل تنجح محاولات الحكومة في احتواء إضراب المعلمين واستئناف العملية التعليمية؟

“لا يمكنني العودة إلى الفصل الدراسي وأطفالي يواجهون الجوع، فيما راتبي لا يكفي حتى لسد احتياجات أسرتي الأساسية”، يقول المعلم عبد الله أحمد، الذي أمضى أكثر من 25 عامًا في سلك التعليم، لكنه اليوم، وبعد أربعة أشهر من الإضراب، يشعر بأن الوعود الحكومية لم تعد تعني شيئًا بالنسبة له.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.