تقارير

'لصوص الترجمة'.. ذئاب تفترس اليمنيين الباحثين عن العلاج في الهند

08/04/2021, 12:25:31
المصدر : قناة بلقيس - نشوان علي

يلجأ الكثير من المرضى اليمنيين إلى الذهاب إلى خارج البلاد، بحثا عن "العلاج" الذي يفتقدونه في الداخل، لكنهم في المقابل يقعون في فخ "لصوص" من نوع جديد، يسلبونهم ممتلكاتهم، حتى قيمة الدّواء.

ضحايا كُثر وقعوا ضحية "لصوص الترجمة" في جمهورية 'الهند'، جنوب آسيا، حيث يحزم الكثير من المرضى اليمنيين أمتعتهم، ويولّون وجوههم إليها دون أن ينقذهم أحد من 'الشراك'، الذي وقعوا فيه مستغلين، جهلهم بـ"الانجليزية"، وأماكن المستشفيات التي سيتلقون فيها العلاج الناجع.

تبدأ الواقعة بوصول المريض إلى الأراضي الهندية، فيستقبله أبناء جلدته بالترحاب وبثقة مطلقة، يبدأون في عرض خدماتهم عليه، ومعرفتهم بأرقى المستشفيات، وأفضل الأماكن وأرخصها، كما يقول لـ"بلقيس" مشير الخالدي (اسم مستعار)، العائد من الهند حديثا،  عمل مترجما  وتوقف عن العمل.

يضيف الخالدي: "عند الإيقاع بالمريض الضحية، الذي لا يعرف شيئا مطلقاً، يتم الذهاب به إلى شقة يكون قد استأجرها المترجم بمبلغ زهيد لا يتجاوز 150 دولارا أمريكيا، فيؤجرها للضحية بمبلغ يصل إلى 600 دولار".

"لم تنتهِ الحكاية هنا، حيث يقوم المترجم بأخذ المريض إلى المستشفى الذي نسّق معه مسبقاً، ويوصله إلى إدارة المستشفى، التي تقوم بمعاينته، ووضع تكاليف العلاج، فيتم منح المترجم نسبته (20% للمترجم العادي و30-40% للمترجم المحترف)"، وفق الخالدي.

وأوضح الخالدي أن ولايات: بونا، دلهي، حيدر أباد، بنجلور، ومومباي، تعد الأسوأ من حيث انتشار "لصوص الترجمة"، حيث يكثر فيها وجود الطلاب اليمنيين الذين تركوا تعليمهم، وتفرّغوا للعمل كمرافقين ومترجمين للمرضى اليمنيين، الذين يصلون إلى الأراضي الهندية.

وأشار الخالدي إلى أن "الكثير من الطلاب تركوا دراستهم، واتجهوا إلى الترجمة، لأنها مهنة مربحة، وتُدرّ عليهم أموالا كبيرة، خاصة في ظل انقطاع المنح المالية التي ترسلها الحكومة للدارسين في الخارج".

2500 دولار 

يقول محضار راشد (42 عاما) لـ"بلقيس": "ذهبت أنا وعائلتي إلى الهند بغرض العلاج، بعد أن اضطررنا لبيع كل ما نملك في اليمن، لتغطية تكاليف علاج شقيقتي المريضة، وبعد أن تقطّعت بنا السُّبل، نظرا لعدم امتلاكنا اللغة والخبرة الكافية، التقيت بشخص احتال علينا، وأخذ كل ما نملك من أموال لعلاج شقيقتي (2500 دولار أمريكي)، بعد ذلك اضطررت إلى العودة برفقة شقيقتي إلى اليمن، دون أن تتلقى العلاج اللازم".

محضار راشد ليس سوى ضحية واحدة من مئات وقعوا في فخ "لصوص الترجمة"، الذين ازداد عددهم، وشكلوا ما يشبه "عصابات" تستدرج الضحايا، وتستولي على أموالهم، بالتعاون مع المستشفيات الهندية، التي تمنحهم نسبة 20-30% عن كل مريض، يصل لتلقي العلاج، بحسب "الخالدي".

سوق ملتهب 

تواصلت "بلقيس" مع السفير اليمني لدى الهند، عبد الملك الإرياني، وعرضت عليه القضية، فأحالنا إلى المستشار الطبّي في السفارة (الدكتور أنيس العفيفي)، الذي أكد أن شكاوى كثيرة تصلهم من ضحايا "المترجمين"، خاصة فيما يتعلق بفواتير العلاج عند خروجهم من المستشفيات، واصفا سوق المترجمين في الهند بـ"الملتهب".

وقال العفيفي: "قبل جائحة كورونا المستجد (كوفيد 19)، كان يصل إلى الهند 20 ألف يمني سنويا، بقصد العلاج، برحلات منتظمة، لكن هذا العدد تراجع بعد تفشي الوباء".

وأوضح العفيفي أنه عند تلقيهم شكوى من أي مواطن يصل إلى الهند: "نتدخل بالتواصل مع المستشفيات، ونضغط لحصول المريض على الخصم والتخفيض".

وأضاف العفيفي: "دائما نتدخل ونتواصل مع المستشفيات في عموم الهند من أجل التسهيلات والتعاون، واعتماد السعر المحلي للمرضى اليمنيين، وتقديم الرعاية لهم".

وأشار العفيفي إلى أنهم يضغطون على المستشفيات الهندية من أجل اعتماد تكلفة العلاج بالسعر المحلي مع التخفيض للمرضى، لافتا إلى أن "المستشفيات تطلب من السفارة إبلاغ المواطنين بالتعامل مباشرة مع المستشفيات دون أي وسيط".

نصائح 

وشدد المستشار الطبّي في السفارة اليمنية في الهند، الدكتور أنيس العفيفي، على ضرورة أن يؤخذ أي مريض -يأتي إلى مومباي بغرض العلاج- إلى الدكتور والمستشفى المناسب، بعد أن يأخذ رأي أكثر من دكتور في المدينة نفسها، التي سينزل فيها، وألا يأخذ برأي دكتور واحد فقط".

وقال العفيفي: "هناك نقطه مهمة، وهي أن على المريض أن يطلب -بداية وصوله- التعامل بالسعر المحلي أسوة بالمواطن الهندي".

وأكد العفيفي أن "اعتماد مترجمين من قِبل السفارة في مدن مترامية الأطراف في الهند قضية صعبة، وربما تحصل تجاوزات منهم، ويعود اللوم على السفارة، باعتبارها الجهة التي زكّتهم في ظل وسط ملتهب للترجمة".

قانون مرن 

وحول الإجراء الذي يتم اتخاذه من قِبل السلطات الأمنية في الهند، في حال ضبط أي من المترجمين المحتالين، قال مصدر في السفارة اليمنية في الهند - طلب عدم ذكر اسمه - لـ"بلقيس": إن "القانون الهندي مرن، بحيث يمكن للمترجم المحتجز أن يدفع مبلغا ماليا يصل إلى 20 ألف روبية، ما يعادل 270 دولارا أمريكيا، ويخرج من السجن".

وأشار المصدر إلى أن "السلطات الأمنية تقوم باحتجاز جواز سفر المترجم المحتال، لكن الأخير يقوم باستخراج جواز سفر جديد من أي محافظة تابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، ويقدم بلاغا في منطقة أخرى بأنه فقد جوازه السابق".

وأكد المصدر أنه "دون أي رادع قانوني أو اعتماد لوائح من قِبل السفارة والقنصلية لإنقاذ ضحايا 'لصوص الترجمة'، ستبقى المشكلة قائمة".

وشدد المصدر على ضرورة إيجاد آلية للتنسيق بين السفارة وأجهزة الأمن اليمنية بعمل "قائمة سوداء"، يتم تجديدها بشكل مستمر، وإيجاد عقوبات رادعة لمن يقومون بالإساءة لسمعة بلدهم، وأبناء جلدتهم، وكذا التنسيق مع السلطات العليا بالهند، لعمل حل جذري لهذه المشكلة، كترحيل من يثبت أنه يعمل بالترجمة، ودخل الهند بفيزة طالب، وليس مترجما وخدمات طبية.

وقال المصدر: "القانون رادع، وسلطة للحد من أي جريمة، وفي حين أن الكادر الدبلوماسي يتغيّر يبقى 'لصوص الترجمة' يمارسون أعمالهم بحرية تامة".

تقارير

معادلة السلام والحرب.. عودة للمسار السياسي وخفض التصعيد في البحر

يشير الواقع إلى أن مليشيا الحوثي، التي عطلت مسار جهود الحلول الأممية، خلال السنوات الماضية، وفق تصريحات الحكومة المتكررة، لا تمانع الآن من الدخول في تسوية محدودة مع السعودية، تسد حاجتها المالية والاقتصادية، وتخفف من أزمتها الداخلية.

تقارير

صفقة سعودية حوثية.. ترتيبات متقدمة وتحذيرات من النتائج

تتسارع الخطى نحو وضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق الأممية، التي تحمل في مضمونها تفاهما وتقاربا حوثيا - سعوديا، لم يكن يتوقعه أحد، لا سيما إن استعدنا شريط الذكريات للعام الذي انطلقت فيه عاصفة الحزم، وتهديد الطرفين بالقضاء على الآخر، إذ تعهد الأول بإعادة الشرعية إلى صنعاء، فيما توعد الآخر بالحج ببندقيته في مكة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.