تقارير
ما انعكاسات زيارة ترامب لدول الخليج على الملف اليمني؟
في أهم حدث في المنطقة، زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السعودية، في جولة ستشمل عدة دول في الشرق الأوسط. ورغم ما نقلته الوكالات الإخبارية من أن الزيارة ستركّز على الصفقات الاقتصادية أكثر من تركيزها على الملفات الأمنية، إلا أن الأحداث التي تعيشها المنطقة لن تكون بمنأى عن طاولة اللقاء.
من طهران جاءت التحذيرات صريحة، على لسان رئيس أركان قواتها المسلحة: “ألا تنخرطوا في مخططات ضد إيران”، وعلى دول الخليج التزام الحياد. ومن صنعاء، أبدت قيادات الحوثيين مخاوفها من هذه الزيارة، وحذّرت الدول العربية، على لسان محمد علي الحوثي، من عقد أي اتفاقيات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
زيارة اقتصادية
يقول المحلل السياسي نظير الكندوري: “أعتقد أن زيارة ترامب لدول الخليج ما هي إلا طموحات اقتصادية، يريد أن يوجّه فيها رسالة إلى حاضنته الشعبية في الولايات المتحدة بأنه قادر على جلب الاستثمارات إلى الولايات المتحدة”.
وأضاف: “أما ما تعانيه المنطقة من إشكالات، فهي ربما ليست أولوية بالنسبة للرئيس ترامب، وموقفه من الحوثي هو أنه يعتقد بأن الإدارة الأمريكية السابقة قد أخطأت حينما رفعت الحوثي من قائمة المنظمات الإرهابية، وأنه يرى أن سياسة العصا والجزرة مع هكذا جماعة هي مفيدة”.
وتابع: “ترامب أرجع ميليشيا الحوثي إلى القائمة التي تضم المنظمات الإرهابية، لكنه في الوقت نفسه عقد معها اتفاقًا لوقف إطلاق النار، حيث إنه، وبكل صلافة، قال إنه كان يريد من عمليته العسكرية ضد الحوثي تأمين الملاحة للسفن الأمريكية، أما ما يتعلق بما تفعله هذه الميليشيا في اليمن وفي غيرها من المناطق، فهو ليس من شأنه”.
وأردف: “ترامب بذلك يعطي انطباعًا في غاية الأنانية، كما هو الحال مع باقي الإدارات الأمريكية”.
وزاد: “ما صدر عن الجانب الإيراني، وتبعه أيضًا بعض قادة ميليشيا الحوثي من تحذيرات إلى الدول العربية، خصوصًا من أن تعقد اتفاقات تُوجّه سلبًا تجاه إيران أو الحوثي، يأتي في هذا السياق، وهم يعلمون أكثر من غيرهم بأن الدول العربية، وبالأخص السعودية، لا تغامر بعقد صفقات أو اتفاقات سياسية أو عسكرية موجّهة ضد إيران أو حتى ضد ميليشيا الحوثي”.
وقال: “سياسة السعودية والدول الخليجية الأخرى كانت واضحة في الفترات السابقة، وحتى في الفترة الحالية، بأنها لا تريد أن تتورط في حرب مفتوحة مع الجانب الإيراني، وبالتالي، فهو تحذير يأتي في السياق، ولكن أوضح الإيرانيون بأن هذا ليس تهديدًا، إنما تحذير”.
وأضاف: “إبقاء الجو مشحونًا ما بين إيران والدول الخليجية، يصب أيضًا في مصلحة الولايات المتحدة، لأن ذلك الجو المشحون بين الجانبين يؤدي إلى عقد صفقات عسكرية بمليارات الدولارات، وهذا الذي يحصل. هناك صفقة تم التوقيع عليها، وهي تعتبر من أكبر الصفقات”.
إعادة ترتيب أمن المنطقة
يقول المحلل السياسي الدكتور فارس البيل: “إن كلمة ترامب يوم أمس كانت واضحة وشاملة في مسألة ربط المشكلة في المنطقة بإيران، وهذه الرؤية الكاملة والشاملة أعتقد أنها تُفكك كثيرًا من القضايا”.
وأضاف: “صحيح أن ترامب يتحدث الآن في المملكة العربية السعودية بهذا الشكل، لكن أعتقد أن في مسألة ميليشيا الحوثي، هو أشار إليها ضمن الأذرع التي كانت تتبختر بها إيران طوال الفترة الماضية، وقد لمح بشكل واضح إلى طبيعة الإشكالية التي تكمن في المنطقة من جذرها، باعتبار أن إيران هي التي تغذي هذه المشكلات، سواء في اليمن أو في لبنان أو في العراق أو في سوريا”.
وتابع: “أعتقد أن الإدارة الأمريكية الحالية تنظر للمشكلة اليمنية باعتبار أن ميليشيا الحوثي ورقة ضمن إطار الصراع مع إيران، وهذه نظرة جيدة نوعًا ما، صحيح ليست متعمقة لحل بعيد المدى أو استراتيجية لحل المشكلة اليمنية، لكن على الأقل كانت الإدارة السابقة تنظر إلى الحوثي باعتباره ورقة منفصلة يمكن التفاوض معها أو يمكن حلها بعيدًا عن الحالة الإيرانية”.
وأردف: “إدارة ترامب رأت أن مشكلة الحوثي متصلة تمامًا بطبيعة التعقيدات مع إيران، وكما أوضح الرئيس ترامب، وأشار إلى استخدام القوة في حال لم تلتزم إيران بالمطالب المطروحة الآن على الطاولة، وقال بوضوح إنه لن ينتظر إلى الأبد لهذه الفرصة لتلتحق إيران بمسيرة التنمية، على الأقل وتبعد شرّها عن المنطقة”.
وزاد: “الرؤية كانت واضحة في هذه المسألة، وأعتقد أنه وجّه رسائل حقيقية في هذا الشأن، من ضمنها أنه لن يتوقف عن دعم المملكة والمنطقة في حال كان هناك نوع من الهجوم أو الاعتداء أو ما إلى ذلك، وهذه إشارة واضحة إلى طبيعة الاستعداد للعمل العسكري، في حال خرجت إيران، بشكل أو بآخر، سواء بشكل مباشر، أو عبر أذرعها ووكلائها، لإعادة سيناريوهات إقلاق الأمن في المنطقة”.
وقال: “أعتقد أن المسألة الآن تعتمد، بشكل أو بآخر، على أن هذه الزيارة، وإن كانت اقتصادية في جانب، لكنها مهمة في إعادة ترتيب أمن المنطقة، باعتبار دفع المملكة العربية السعودية إلى الأمام كمركز حقيقي لأمن واستقرار المنطقة، بعيدًا عن النفوذ الإيراني. بمعنى: تخلية الحالة الإيرانية من النفوذ الأمني في المنطقة، واستبداله بأمن المملكة وأمن الشركاء، وأمن ما يمكن أن نسميه الأمن الاقتصادي الجديد، القائم على الاستقرار والتنمية، بعيدًا عن حالة الاحتراب والصراع”.