منوعات

الحراك الثقافي في زمن الحرب باليمن.. أعمال وفعاليات باهتة

10/08/2023, 09:07:59

انعكست آثار الحرب المستمرة في اليمن، للعام التاسع، على كل ما له صلة بالمجال الثقافي في عموم البلاد، ولاسيما التهديد الجدي للمواقع التاريخية والتراثية، إذ تعرضت الكثير من المدن القديمة والمعالم الثقافية للدمار والتخريب؛ نتيجة القتال والاشتباكات المستمرة والقصف الجوي، وفي مقدمتها مدينة صنعاء القديمة التي كانت تعتبر موقعاً للتراث العالمي من قِبل اليونسكو، وما تزال تتعرض لأضرار جسيمة حتى اليوم. 

ومن بين أبرز مظاهر تراجع الحراك الثقافي في البلاد الآثار التي طالت المؤسسات الثقافية القليلة، التي كانت متواجدة قبل الحرب، إذ توقف إصدار الصحف والمجلات والملحقات الثقافية، ومعها توقفت دُور النشر والمكتبات العامة عن مزاولة نشاطها، وغابت العديد من الأسماء، التي كانت في مراحلها الأولى للبروز، تحت مظلة اتحاد الأدباء والكُتاب اليمنيين. 

كما طالت آثار الحرب النشاط الثقافي والفني في اليمن، وتضاءلت الفعاليات الثقافية والفنية بشكل كبير؛ نتيجة عدم الاستقرار والظروف الأمنية الصعبة، وانخفضت حركة الحياة الثقافية والفنية، مما أثر على تبادل الأفكار والتعبير الثقافي بين الأفراد والمجمتع. 

ولم تتوقف آثار الحرب المدمرة للقطاع الثقافي في اليمن عند هذا الحد، بل شملت التعليم والبحث العلمي، الذي تأثر أيضا بشكل سلبي جراء الصراع، وانخفضت جودة التعليم وتوفر الفرص التعليمية للشباب، مما أثر على مستقبل الجيل القادم وقدرتهم على المساهمة في التنمية الثقافية والاقتصادية، وقد تعرضت الجامعات والمؤسسات العلمية لأضرار لا حصر لها، سواء بسبب القصف أو الانتهاكات المتعمدة التي تمارسها مليشيا الحوثي الانقلابية بحق التعليم.  

وتفاقمت مشكلة الإرهاب الثقافي في ظل الحرب، حيث استغلت بعض الجماعات المتطرفة الفراغ الثقافي والاجتماعي لنشر أفكارها المتطرفة، وفي مقدمتها مليشيا الحوثي، وهو الأمر الذي أدى إلى تهديد التنوع الثقافي والديني في اليمن، وتعرض العديد من المظاهر الثقافية والدينية التقليدية للخطر.  

- حضور باهت  

يقول كُتاب وروائيون يمنيون، تحدثوا لموقع "بلقيس": "إن الحراك الثقافي، خلال الحرب، باهت جدا، وعدد الكُتب التي نُشرت قليلة مقارنة بتلك التي كانت ستُنشر قبل الحرب". 

ويفيدون بأنه "إلى قبل الانقلاب الحوثي، كانت الحركة الأدبية في اليمن بدأت تستعيد عافيتها، وانفتح الشباب على القراءة والكتابة، فيما أبدا اتحاد الأدباء والكُتاب استعداده لتأهيلهم ومنحهم العضوية، وتلك الفترة كانت ثورة للكُتاب الشباب". 

في خضم الحرب والمعارك، التي شهدتها البلاد، ضاعت معالم الفعاليات الثقافية التي كانت تُقام في مختلف المحافظات اليمنية بشكل مستمر، وهاجر العديد من المثقفين إلى خارج البلاد؛ بحثًا عن مأوى آمن، فالثقافة والحرب نقضيان لا يجتمعان". 

ويرى أستاذ الأدب والنقد في جامعة تعز، فتحي الشرماني، أنه "قبل الحرب كان هناك استقرار في اليمن، ولكن لم تكن اليمن تعمل بكل مقوماتها الثقافية والمعرفية على الرغم من وجود أكثر من مؤسسة ثقافية، لم تكن هناك حركة في صناعة المعرفة، أو استثمار معرفي، كما يجري في بعض البلدان العربية، إضافة إلى أن المنافسة المعرفية في حركة النشر لكل ما هو ثقافي ومعرفي تزيد من الرصيد المعرفي للوطن"، مشيرا إلى أن "في اليمن كان هناك جهد متواضع قياسا على بعض الدول المجاورة". 

- ممثل وحيد 

افتقر اليمن -خلال سنوات الحرب- إلى وجود مكونات خارجية تمثل الثقافة والحضور الثقافي في المحافل والمعارض العربية والدولية، وبقيت اليمن بدون ممثل خارجي حتى تأسست دار "عناوين بوكس"؛ لتصبح بذلك ممثلا وحيدا لليمن في الخارج. 

ولم يجد المثقفون والكُتاب اليمنيون، سواء الذين كان لهم حضور قبل الحرب أو المبدعين الذين برزوا خلال الحرب، من يهتم بطباعة ونشر مؤلفاتهم الفكرية والأدبية في الداخل اليمني، الأمر الذي جعلهم يلجأون إلى دُور النشر العربية لنشر أعمالهم. 

"أحمد عباس" -مدير العلاقات والنشر بدار "عناوين بوكس" للنشر- يقول: "إن هناك فجوة بين صناعة النشر في اليمن مقارنة بالدول العربية، وذلك لأن اتحاد الناشرين في اليمن تأسس في العام 2007، فيما اتحاد الناشرين العرب كان قد تأسس في العام 1962م". 

يضيف أحمد: "حتى قبل الحرب كان معظم الكُتاب اليمنيين يتّجهون للطباعة في دُور النشر البيروتية، المصرية، الأردنية وغيرها، وكان مركز عُبادي للدراسات والنشر هو النشط في فترة التسعينات وبداية الألفية، وكانت وزارة الثقافة تتبنَّى بعض الإصدارات بشكل موسمي ومناسباتي". 

يقول "أحمد عباس": "في ظل هذه الظروف الصعبة، التي تمر بها البلاد، تم تأسيس دار "عناوين بوكس" في العام 2020، وتم طباعة أكثر من 200 عنوان معظمها لكُتاب وكاتبات من اليمن، بالإضافة إلى أنه تم تمثيل اليمن في أكثر من 15 معرضا دوليا للكتاب، وفي معظمها كانت الدار هي الممثل الوحيد لليمن".

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.