منوعات

الحياكة.. ملاذ فتيات نازحات لتحسين ظروف أسرهن المعيشية

15/11/2023, 09:48:08

مع بداية العام 2018، وصلت أمة الرحمن عدنان، برفقة والدها إلى مدينة المكلا في حضرموت، قادمة من مديرية وصاب بمحافظة ذمار؛ لتصل هناك وسط ظروف مزرية مع انعدام أي مقوِّمات الحياة، وعدم وجود عمل لعائل الأسرة، يساعده في تلبية احتياجاتها في ظل النزوح.

وصل والدها، يرافقه ثلاثٌ من بناته، وولداه إلى مدينة المكلا؛ ليقوم باستئجار منزل كان يعرف حينها مدى صعوبة توفير إيجار المنزل في ظل فقدانه مصدر رزقه في الحديدة، حيث كان يعمل نجارا وخياطا من خلال عمله الحُر، فكانت فكرة افتتاح معمل للحياكة لبناته إحدى هذه الأفكار، خاصة وأن مهنة الخياطة، التي يمتهنها ليست عملا دائما، وإنما يتوقف بين الفينة والأخرى.

يقول والد الفتاة النازحة إن الهدف الرئيس من افتتاح هذا المعمل هو تحقيق اكتفاء لبناته من أجل توفير متطلباتهن، في الوقت الذي ينشغل هو في العمل الحُر وغير المستقر لتوفير إيجار المنزل، ومعيشة أسرته.

واثنى الوالد على عمل بناته اللائي، قال لموقع "بلقيس"، إنهن ساعدنه، وخففن عنه كثيرا، على الرغم من المتاعب خلال تعليمهن، لكن الأسرة تجاوزت ذلك من خلال التكاتف، فصارت صناعتهن متميزة، وتلقى رواجا في السوق.

وأوضح الحاج عدنان أن أغلب الأدوات، التي يتم الحياكة عبرها، هي صناعة يدوية تتطلب نجارا وخشبا، يقوم بتجهيزها من خلال خبرته السابقة، حيث تنقَّل بين مهنتي النِّجارة والخياطة منذ أن كان صغيراً.

ويتطلب هذا العمل، في المقام الأول، خيطا؛ ثم "الموجع"، الذي يتم استيراده من الهند، فقيمته تتجاوز المائة الريال السعودي، أما الخيوط فتتراوح بين 70 - 80 ريالا سعوديا، وتشترى من أماكن الصيد، نافيا تحصّله على أي دعم؛ كون الدعم سيُحّسن من الإنتاج كثيرا، ولاسيما هناك مكائن صينية حديثة تنتج في اليوم مائة قطعة، مستدركا -في حديثه- بالاعتماد على النفس، والتأقلم مع المعيشة التي يمر بها.

عامان منذ بداية أمة الرحمن عدنان عملها في مهنة الحياكة برفقة شقيقتها، وتعمل في حياكة السباعيات الحضرمية، والمعاوز،  مشيدة بدور والدها الذي ساعدها كثيرا من خلال دعمه وتدريبه لهن؛ للاعتماد على ذاتهن في معترك الحياة، بالإضافة إلى تخفيف العبء على والدهن.

تقول أمة الرحمن لموقع "بلقيس" إن مهنة الحياكة صعبة، وتحتاج الكثير من الجهد والتركيز أثناء العمل؛ تفاديا لأي خلل قد يعطل العمل.

ولحياكة المعاوز خطوات -وفق أمة الرحمن- منها وجود الخيط، وبعد ذلك يتم عمل القصب؛ كي تُدخل فيها الخيط؛ كونها هي التي تشكل الخياطة لمعاوز حسب الرغبة، وحسب الأنواع.

وتحيك أمة الرحمن مع شقيقاتها العديد من الأنواع؛ منها: الحديدي، والبيضاني، وأسهل الأنواع هو الشحري؛ كونه يأخذ وقتا أقل، والشغل فيه قليلا، ناهيك عن سعره القليل، حيث يتم عمل 2 في يوم واحد، بخلاف البيضاني، الذي يأخذ مزجات كثيرة، وجهدا أكثر؛ من ثلاثة أيام إلى خمسة أيام، ويتم العمل على حسب الموديل المرغوب فيه، والخيط المتواجد هنا.

 فالشحري سعره 25 ألف ريال في حين البيضاني يتراوح سعره بين 50 - 60 ألف ريال.

وعدَّد والد أمة الرحمن المصاعب، التي تواجهها بناته في عمل الحياكة، قائلا إنها تتمثل في انقطاع الكهرباء؛ كون العمل يحتاج إضاءة قوية، وأي خلل في هذه الخيطة يعيق صناعة المعاوز، ناهيك عن تراجع الإقبال من حيث الطلب في السوق، ويضطرون إلى صناعة البضاعة، وادِّخارها للموسم، وإذا بيعت في غير الموسم تُباع بثمن قليل، وعند ضعف الطلب في الغالب يتم تجميعه لموسم المناسبات، بالإضافة إلى وطأة الديون في جانب الخيوط، حيث لم يصل بعد إلى المرحلة الكافية؛ كون الإمكانات شحيحة، والعمل الخاص بالكاد يوفِّر مصاريف الأسرة، وإيجار المنزل بالريال السعودي.

قناة بلقيس - محيي الدين الشوتري

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.