منوعات

"المكلوح".. نصف قرن من بيع السمك المجفف في ساحل لحج

18/05/2025, 15:17:15
المصدر : بلقيس- خاص- محيي الدين الشوتري

يُغادر علي المكلوح (75 عاماً) منزله الكائن في قرية "جديمة" بمديرية المضاربة ورأس العارة في محافظة لحج، نحو ساحل رأس العارة، قاطعاً مسافة 5 كيلومترات، وذلك للعمل في صندقة صغيرة مكوّنة من الخشب، يعرض فيها أنواعاً مختلفة من السمك المجفف.

لم تكن هذه المهنة للمكلوح وليدة اللحظة، بل هي مهنة حافظ عليها منذ خمسة عقود، وما فَتِئَ متشبثاً بها، وهو الوحيد الذي ما يزال يعمل بها في المنطقة الساحلية، وتمثل مصدر عيشه الوحيد. وفي سبيلها، يقضي معظم ساعات نهاره في تلك الصندقة الخشبية التي لا تتجاوز مساحتها مترين تقريباً.

يقول المكلوح لـ"بلقيس" إنه يبدأ يومياته من خلال شراء بعض الأسماك، التي لا يقوم بتسويقها بعض الصيادين في مراكز الحراج، حيث يقوم بشرائها منهم، وتشمل عدة أنواع من الأسماك، لكن أغلاها وأرفعها سعراً هو سمك "اللَّخم"، الذي يتجاوز سعره عشرة آلاف ريال، وهو الأفضل من حيث الجودة والإقبال من قِبل المواطنين في الأرياف الذين يقبلون على شرائه.

ووفق المكلوح، فإنه -بعد قيامه بشراء السمك- يقوم بتقطيعه ووضع الملح عليه وتجفيفه بعض الوقت تحت الشمس، ومن ثم يعرضه في الشاطئ، حيث يأتي إليه السكان من مناطق عديدة في المناطق الجبلية في "المضاربة" و"الوازعية" و"طُور الباحة"، من أجل بيعه في الأسواق الشعبية في تلك المناطق. فالأسماك المجففة تُعدّ لهم من أهم الوجبات التي تُستخدم في الغذاء، لانعدام الأجهزة الحافظة للسمك في تلك المناطق. 

تراجع الطلب

ويرجع المكلوح سبب تراجع باعة السمك المجفف في مناطق "ساحل لحج" إلى وجود الأجهزة الحافظة، ناهيك عن قيمة السمك الطازج، خاصة في ظل وجود الكهرباء التي تحفظ الأسماك لساعات أطول.

وتواجه بائع السمك المجفف الوحيد في "رأس العارة" مصاعب عديدة، تتمثل في عدم وجود وسيلة لنقله يومياً من المنطقة التي يسكن فيها، التي تبعد قرابة 5 كيلومترات عن الشاطئ، حيث يقوم بالتنقل مرتين نحو عمله: في الصباح وبعد الظهيرة. بالإضافة إلى جلوسه تحت الشمس الحارقة لعدم وجود ظلال، الأمر الذي يشكّل له معاناة كبيرة على صحته في ظل تقدّمه في العمر.

وتُعد أسواق السبت في "طُور الباحة"، وسوق الأحد في "المضاربة"، و"سوق الأربعاء" في "الشط"، من أكثر الأسواق الشعبية الأسبوعية التي يُعرض فيها السمك المجفف، ويهتم بشرائه أهالي المناطق الجبلية الريفية، حيث يدخل ضمن أنماطهم الغذائية اليومية. 

وفي هذا السياق، يقول محمد جعدان لـ"بلقيس" إن السمك المجفف له مذاقه الخاص لدى المناطق الجبلية التي تنعدم فيها الأجهزة الكهربائية، ويُخزّن لعدة أيام، ويدّخره السكان في أي مكان بالمنزل.

وأضاف أن أسعار السمك المجفف تتفاوت حسب نوعية السمك، فهناك أنواع تُباع بألفي ريال، وهناك أنواع تُباع بخمسة عشر ألف ريال، حسب النوع، لكن أفضلها على الإطلاق من حيث المذاق هو سمك "اللَُخم".

وتمتلك محافظة لحج، جنوبي البلاد، شريطاً ساحلياً يمتد لقرابة 90 كيلومتراً، حيث يعمل فيها أكثر من 7000 صياد، يمتلكون ما يربو على ألفي قارب اصطياد، وتمثل مهنة الاصطياد واحدة من أهم المهن التي يعمل بها سكان المناطق الساحلية.

من جانبه، يقول علي صالح عباد، أحد أهالي منطقة السبيل المحاذية لبلدة "رأس العارة" الساحلية، لـ"بلقيس"، إن باعة السمك المجفف في ساحل لحج قلّ عددهم بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، بسبب أن الغالبية يفضلون الحصول على المردود السريع من خلال بيعه دون الانتظار لأيام، بخلاف أبناء المناطق الريفية والجبلية الذين يحتفظون به لأيام من خلال تعليقه على سقف المنزل، وتقسيمه على الوجبات الغذائية من خلال طبخه فيما يُسمى بوجبة "الصَّانونة"، حيث يُعطي السمك مذاقاً ورائحة جميلة، ولا سيما سمك "اللَّخم"، بخلاف الأسماك الرديئة التي لا يتم الإقبال عليها.

وأضاف عباد أن باعة السمك المجفف يواجهون متاعب في أحيان عديدة من حيث عدم رغبة الصيادين في البيع لهم، ويفضلون البيع للمطاعم في المنطقة، في ظل رغبة الناس في أكل الأسماك الطريَّة، في حين يقتصر استخدام الأسماك المجففة على أبناء الريف والمناطق الجبلية، حيث يقوم البائع "المكلوح" بإرسالها إلى الأسواق أو البيع للمواطنين مباشرة من شاطئ "رأس العَارَة".

 

منوعات

محكمة في عدن تقضي باسترداد القطع الأثرية المهربة خارج البلاد

محكمة الأموال العامة الابتدائية في عدن تقضي بملكية الجمهورية اليمنية للعديد من القطع الأثرية الموجودة في كل من أسبانيا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا، وألزمت وزارة الخارجية والثقافة والسياحة والهيئة العامة للآثار والمتاحف باستردادها.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.