منوعات

وضَعه أمام منزله.. عقيد في الجيش اليمني يبتكر "فلتر مياه" لعابري السبيل

26/01/2024, 16:46:44
المصدر : خاص - محيي الدين الشوتري

لم يكن التهميش، الذي تعرَّض له طيف عريض من الكوادر العسكرية في اليمن خلال سنوات الحرب، حائلا أمام العقيد الخمسيني، سالم البرمة، من استخدام قدراته الفنية في تحقيق بعض من الابتكارات، التي أسهمت في تسهيل الأمور الحياتية له، وخدمة المجتمع الذي يقطن فيه.

ينحدر العقيد سالم البرمة من منطقة الرويس، التابعة إداريا لمحافظة لحج، الواقعة على تخوم مديرية الوازعية في تعز، وظل يعمل في الجيش اليمني في مجال هندسة الطيران والاتصالات، قبل أن تقعده هذه الحرب في منزله، أسوة بالآلاف من الكوادر العسكرية القديمة.

يقول العقيد البرمة لموقع "بلقيس" إن ابتكاراته بدأت عندما تعرض مقبض سلاحه للصدى، والخروج عن الخدمة، وعدم وجود مقبض في السوق يتناسب مع ذلك السلاح، الأمر الذي ولَّد عنده رغبة الابتكار لإيجاد مقبض بديل عن المقبض الذي خرج عن الخدمة.

وأشار البرمة -في سياق حديثه- إلى أن التساؤل، الذي كان يدور في فكره، هو ما المانع من المحاولة، وتحقيق ابتكار أسوة بجهود العالم الخارجي في تحقيق الابتكارات؟

اهتدى البرمة لشجر السدر، التي يتميُز جذعها بالصلابة، حيث حاول أكثر من مرتين وفشل، لكنه مع الإصرار نجح في صناعة المقبض، الذي اتضح له أنه -في صلابته- أقوى من المقبض الحديد، حيث إن المقبض المصنوع من السدر صعب الاختراق من قِبل الرصاصة.

يؤكد البرمة أن مقبض السلاح المصنوع من شجرة السدر أفضل من المقابض الحديدية فهو لا يصدى، ويستمر لفترة أطول، وسعره أقل، فهو يبيع المقبض الواحد بخمسة آلاف ريال، ويتعامل البعض معه من خلال طلبه، ولكن يبحث عن معدات كالمخرطة والمناشير، وافتتاح محل له في السوق ليتمكُن من عرض هذه المقابض.



لم تقتصر فكرة الابتكار عند مقابض السلاح، فمنطقة الرويس تعرضت للهجرة في فترات سابقة؛ بسبب المياه الملوثة وشحتها، فولَّدت عنده فكرة ابتكار فلتر مائي خشبي في قريته.

يقول البرمة إن جميع ابتكاراته، سواء المقابض أو الفلتر أو الونش، طوَّرها من  خلال استفادته من تخصصه العسكري كمهندس طيران، التي عمل من خلاله على مدى أكثر من ثلاثة عقود في قوات الدفاع الجوي، التي يتذكر فيها أجمل لحظات عمره في ثمانينات القرن الماضي في قاعدة العند، عند ما توقفت طائرة عن الإقلاع، وبعد ساعات من محاولة إصلاحها من قِبل مهندسين أوكرانيين نجح في إصلاحها من خلال تجربته، وإعادتها إلى الطيران.

يتقاضي العقيد في الجيش اليمني راتبا يعادل مائة دولار أمريكي، وهو غير كافٍ له في ظل المتطلبات الحياتية الكثيرة.

ولكون المياه غير نقية -مصدرها مياه الآبار التي يشرب منها سكان منطقته- كانت هناك حاجة إلى فلتر مائي لتنظيف تلك المياه.

وأشار البرمة إلى أن تكلفة شراء فلتر وصلت إلى 400 ألف ريال يمني تقريبا، وهو غير قادر على شرائه؛ نظرا لتواضع إمكانياته، فكانت هناك حاجة إلى وجود فلتر لتنظيف المياه.

تعتمد صناعة الفلتر على أدوات خشبية مع وجود فتحتين؛ إحداهما للمياه النقية، والأخرى لغير النقية. وضع العقيد البرمة الفلتر بجوار منزله؛ ليستفيد منه سكان المنطقة، وهو الآن يتمنَّى أن تتوفّر لديه الإمكانيات لتحقيق مزيدٍ من الابتكارات، وتطويرها؛ من أجل الاستفادة منها، وخدمة المجتمع.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.