مقالات

استعصاء الحل وجرائم الحرب

04/06/2023, 09:14:22

تدخل الحرب عامها التاسع، والهدنة، أو بالأحرى التهدئة الحالية، قلقة وهشة، كما أن أطراف الحرب كُثُر؛ ما يسهل الاختراقات، ويفتح الأبواب أمام احتمالات العودة إلى الحرب مرة أخرى. 

كل جرائم الحرب قائمة ومتصاعدة، وأطرافها المستفيدون منها حريصون على استمرارها، وبقاء جذوتها مشتعلة، وهم حريصون على بقاء كل جرائمها حية ومتجددة.

لم يُرفع الحصار الجوي والبري والبحري عن اليمن، ولم ترتفع الحصارات الداخلية، ولم يجرِ تبادل الأسرى (الكل مقابل الكل)، كما لم يجرِ الإفراج عن المئات والآلاف من المختفين قسراً، والمختطفين والمعتقلين السياسيين لدى مختلف الأطراف، بل إن الاختطاف والاعتقالات مازالت مستمرة.

لم تُصرف المرتبات، ولم تُحل مشكلة العملة، ولم يتم توحيد البنك المركزي، ولم يتوقف خطاب التحريض والكراهية والعنف.

ضل الانفصال بالقوة (الوجه الآخر للوحدة المعمّدة بالدَّم)، وسعي التحالف لتفكيك اليمن شمالاً وجنوباً، الذي يجري على قدم وساق؛ يعني إصرار التحالف على استمرار الحرب؛ ليتمكن من الاستيلاء على الجزر والموانئ، واقتطاع المزيد من الأراضي، وهم يريدونها حرباً يمنية - يمنية؛ ليقوموا بتغذيتها ودعمها، ثم لا يتحملون أية مسؤولية عنها.

ربما توهم بعض المخدوعين في الجنوب - شأن إخوانهم المخدوعين في الشمال بالأمس القريب- أن التحالف العربي، والرباعية الدولية، والأوروبيين، يريدون تأسيس دولة جنوب عربي قوي في مواجهة أنصار الله (الحوثيين)، وللحد من نفوذ إيران، وحماية باب المندب، وأنهم المختارون كوكلاء معتمدين؛ لحماية مصالح هذه القوى، وربما طمحوا أكثر بدخول مجلس التعاون الخليجي؛ غير مدركين التبدلات الحالية، سواء داخل مجلس التعاون، أو الوضع العربي العام؛ فطموح ومسعى العربية السعودية أبعد من مجلس التعاون، وبوضوح أكثر، فالأمريكان، والرباعية الدولية، والأوربيون يقفون وراء خطط وأهداف السعودية والإمارات، وهدفهما وراثة تركة الحرب، التي كانوا الطرف الأقوى فيها، وهما لا يريدان كياناً قوياً لا في الشمال، ولا في الجنوب، حتى لو كان تابعاً لهم، والحكام الموالون السابقون خير مثال، وآخرهم علي عبد الله صالح؛ فالغاية تفكيك اليمن، وليس توحيدها، والحرب لا هدف لها، ولا غاية غير تفكيك اليمن، وتمزيق نسيجها المجتمعي، وعدم تآخي وتصالح أبنائها. 

فتوازن الضعف بين الشمال والجنوب، وداخل مكونات كل شطر على حدة هو الهدف الأساس.

السعودية والإمارات وإيران يدركون مصالحهم، ولن تكون اليمن عائقاً أمام حماية مصالحهم، وتسوية خلافاتهم، وباب المندب يحميه التحالف الأمريكي - الأوروبي، الذي تشارك فيه إسرائيل، ومصر، والسعودية، والإمارات، والاحتياج لدولة الجنوب العربي وهم.

اللقاء في فندق "فوكو" في الرياض بين عدد من الحضارم، وحضور 27 دولة أوروبية يؤكد عزم التحالف على التفكيك، والاستيلاء على مناطق الثروة، وإبقاء جذوة الحرب مشتعلة، ولكن كما غاب الأمل في عاصفة الحزم، والأمل في عودة الشرعية، فإن الأمل بقيام دولة الجنوب العربي سيكون أخيب.

أطراف الحرب في الأرض اليمنية، وفي المستويات الثلاثة: الأهلي، والإقليمي، والدولي يتقاتلون ومختلفون، ولكنهم يتفقون على التنكيل بالشعب اليمني وتقتيله، وتشريده داخل الوطن وخارجه، وحرمانه من حق الحياة، وأبسط حقوق المواطنة، وحقوق الإنسان، ويتفقون على تدمير وحدته وكيانه، ويختلفون على الحصص والأنصبة.

إنهم لا يريدون نهاية للحرب؛ لأنها وسيلتهم الوحيدة للتسلط، وانتهاب الثروات، وفرض الإرادة، وخلق أكثر من بؤرة وكيان.

هم يريدون الأرض والثروة، ولا يريدون كيانا موحدا حتى لو كان مواليا، ويريدون تحويل الشعب اليمني كله إلى جبهات وقُبل وأطراف متعادية متقاتلة و«شقاة».

اجتماع "فوكو" في الرياض، في 24/ 5/ 2023، بين شخصيات حضرمية، واستبعاد المهرة وشبوة، والدعوة إلى خروج القوتين العسكريتين: الشمالية، والجنوبية من حضرموت يؤكد أن الخلاف بين قيادتي التحالف: السعودية، والإمارات على القسمة، وغنائم الحرب.

فرقاء الحرب لا يمتلكون الإحساس بمعاناة الشعب اليمني. أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) صرختها، يوم الأربعاء 24 أيار/ مايو، بشأن أطفال اليمن، مؤكدة أن الملايين منهم باتوا على خطوة واحدة من خطر المجاعة.

مكتب المنظمة في اليمن يشير إلى أن ما يقرب من ستة ملايين طفل في اليمن على بُعد خطوة واحدة من المجاعة؛ فاليمن على حافة كارثة؛ إذ تتوقع وكالات أممية أن يزداد الوضع الإنساني في البلاد سوءاً.

الصور، التي تعرضها القنوات، وتحديداً قناة الـBBC، مُرعبة تجرح المشاعر، وتخز الضمائر، وتدمي القلوب؛ فاليمن يُقتَّل ويُموَّت بالحروب، وبالأوبئة الفتاكة، وبالتجويع، وبالمعاناة القاسية، والتشريد داخل الوطن وخارجه، ويتنافس قادة الحروب فيما بينهم، ومع الصراع الإقليمي والدولي على ذلك؛ فهل يدرك اليمنيون أنهم كلهم ضحايا هذه الحرب الإجرامية، وأن الرهان على صراع الإقليم، أو الاهتمام الدولي خائب ومجرد سراب؟ ولا حل غير قبول اليمني باليمني، والعودة إلى الحوار، والتصالح، وقبول التعايش والتآخي.

اليمن رهينة حرب المليشيات، التي لا تريد الأمن والسلام والاستقرار، ويحرص قادتها على تقسيم اليمن إلى أكثر من كنتون، وتتكئ إيران على استمرار الصراع وتوظيفه لاعتبارات داخلية، وللمواجهة مع الجوار العربي، ومع الأمريكان والأوروبيين، وليس من غاية للتحالف العربي غير تمزيق اليمن، والاستيلاء على الموانئ والجزر، وبعض المحافظات.

مقالات

الحرب والسلام في اليمن.. من يضع النهاية الأخيرة للصراع؟

في حراكٍ سياسيٍ لليمنيين، ملحوظٍ في أكثر من عاصمةٍ عربية وغربية، لما بقي من الدولة، والقوى والنخب السياسية المبعثرة في الداخل والشتات، يسعى البعض إلى استغلال الضغط الهائل الذي وفرته الحملة العسكرية الأمريكية على "جماعة الحوثيين" أملاً في إقناعها بالتخلي عن تحالفها مع إيران، والقبول بالعودة إلى الداخل

مقالات

أحمد قايد الصايدي كعالم ومفكر

الدكتور أحمد قايد الصايدي رجلٌ عصامي، بنى نفسَه بناءً مُحكَمًا ومتينًا. منذ الصبا رحل من قريته (البرحي)؛ إحدى قرى عزلة بيت الصايدي بمحافظة إب، التي تلقى فيها تعليمَه الأولي، ثم رحل عنها بداية العام 1954 إلى المستعمرة عدن، ودرس فيها تعليمه الأساسي، الابتدائي والإعدادي، وواصل تعليمَه الثانوي في مصر وسوريا بداية الستينيات.

مقالات

صوت أمل.. لا يُطفئه الزمن

تختزل الفنانة أمل كعدل الفكرة الأعمق حول الفن بكلمات بسيطة وتلقائية. لا تترك لك شيئاً لتقوله ، أكثر مما لمسته بخفة أنيقة، وكأنها تلخص جوهر الفن وفكرته الرفيعة:

مقالات

مجلس القيادة الرئاسي والأسئلة التاريخية (3/2)

السبب الثالث: نستطيع القول إنه إذا كان مجلس القيادة الرئاسي قد تشكل من أغلبية أعضاء كانوا يقفون في الواقع على رأس تشكيلات عسكرية في المناطق المحسوبة على الشرعية، ضف إلى ذلك أنه احتوى مجلس القيادة على عضوية طارق وعيدروس، اللذين كانا يمارسان فعلهما السياسي والعسكري خارج سلطة الرئيس هادي، ثم أصبحا - على إثر مؤتمر الرياض - عضوين في مجلس القيادة الرئاسي، الذي أصبح رأس سلطة الشرعية المعترف بها دوليًا.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.