مقالات

أكتوبر شهر أحداث اليمنيين المفصلية!!

21/10/2022, 18:06:45

المعاين لتزاحم الأحداث المفصلية في تاريخ اليمن المعاصر، التي وقعت في شهر  متعدد الحضور في السنوات، سيجد شهر تشرين أول/  أكتوبر هو أحد الأشهر المليئة بالأحداث تمثيلاً لحالة المتابعة التالية:

- في الأول من أكتوبر 1972م سقطت مدينة (قعطبة) الحدودية الشمالية بيد قوات اليمن الجنوبي بعد أشهر طويلة من الاحتكاكات والمناوشات، التي ابتدأت في أبريل من العام نفسه بعد مقتل مجموعة من مشايخ قبيلة خولان الملكيين (منهم الغادر والهيال وحنتش) في منطقة بيحان بحادث تلغيم خيمة كانوا يستضافون فيها بعد وصولهم للتنسيق مع القيادة الجنوبية ضد نظام القاضي الإرياني.. لم تخفِ القيادة الجنوبية تصفيتهم بعد وصفهم بالتآمر على النظام الجمهوري.. بعد هذه الحادثة عمل بقية المشايخ - من المحسوبين على الجمهورية - على التحشيد لمحاربة الجنوب، وعملت السعودية عبر أدواتها لتأجيج الصراع.

احتشد المشايخ بعد معركة  قعطبة في منطقة "الراهدة" الحدودية في تعز، وخاضوا معركة أخرى، لكنّهم انكسروا من جديد، وتشتت جيشهم الشعبي الذي قاده مشايخ حاشد، وترتّب على تلك الأحداث لقاءات فوقية بعد وساطات عربية متعددة، أثمرت عن اتفاقية القاهرة في 28 أكتوبر (بين رئيسي الوزراء محسن العيني وعلي ناصر محمد) وبيان طرابلس (بين الرئيسين القاضي الإرياني وسالمين) في 28 نوفمبر،  وعلى نتائجهما بدأت الخطوات الوحدوية الباكرة بين الشطرين، وتمخّضت بعد سنوات عن مسودة دستور دولة الوحدة، الذي اُستفتي عليه بعد قرابة عشرين عاماً من تلك الأحداث (15-16مايو 1991).

 - في الثالث من أكتوبر في العام 1967م، تمّت تصفية أكثر من ثلاثين جندياً وخبيراً مصرياً في شوارع صنعاء، بعد مظاهرات حاشدة شهدتها المدينة ضد تواجد فريق اللجنة الثلاثية المشكَّل بقرار قمة الخرطوم لحل المشكلة اليمنية.
سارعت أصابع الاتهام إلى القوى القريبة من الرئيس عبدالله السلال، بافتعال هذه الأحداث، لأنها كانت ترى في التسوية المصرية - السعودية بعد مؤتمر اللاءات الثلاث  تصفية للقضية اليمنية دون إشراك صاحب القضية نفسه، ولأن اللجنة كانت منحازة بشكل واضح للطرف السعودي، الذي استغل الظرف الذي تمر به مصر بعد هزيمة يونيو التاريخية، فخرجت المظاهرات للتنديد بتواجد اللجنة في صنعاء، وأعقبها تلك الأحداث المؤسفة.

سارع السلال، في اليوم ذاته، لزيارة مقر القيادة العربية لتقديم التعازي في الضحايا، إلاَّ أنه كان في النفس الكثير، فقد رأى الضباط المصريون أن هذه الحادثة خيانة للدم المصري، يتحمّل وزرها من أخرج المظاهرات.. غير أن الأكيد، الذي تكشّف لاحقاً، أن طرفاً ثالثاً مندساً (خلايا الملكيين) هو الذي قام بتصفية الجنود العُزَّل، وهم يتسوّقون في المدينة استعداداً للمغادرة، وذلك خلط الأوراق في مرحلة شديدة الصعوبة في تاريخ ثورة سبتمبر.

هذا الحادث قاد المصريين إلى تحديد موقف قطعي من الرئيس السلال، والتكوينات القريبة منه، فصار منكشفاً أكثر من أي وقت مضي خلال سنوات أزمة الصف الجمهوري، لهذا سهُل على مناوئيه الانقلاب عليه بعد شهر ويومين من هذا الحادث المفصلي (الخامس من نوفمبر)، فصار المكوّن القريب من السعودية هو الحاكم الفعلي في صنعاء منذ ذلك التأريخ.

- في 11 أكتوبر 1977م، تمّت تصفية الرئيس الحمدي وأخيه عبدالله بحادث الغداء المعروف في ظهيرة صنعاء المشؤومة.  تورّط السعودية في هذا الحادث المؤلم لا تخطئه عين، بعد أن خرج الرئيس من طوعها السياسي، وبدأ الاشتغال في مساحات ملغومة سياسياً، منها منظومة أمن البحر الأحمر، والتقاربات السياسية مع قيادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الشطر الجنوبي من الوطن).

في أربعين شهراً (بين يونيو 1974- أكتوبر 1977)، استطاع الرئيس الحمدي خلق ظاهرة شعبية في اليمن الخارج لتوّه من حرب ملكية جمهورية، وسنوات أزمة طويلة، مستفيداً من جملة تحولات سياسية واقتصادية  في المنطقة أولاً، وثانياً من الفترة التي سبقت حكمه وكانت عصيبة على اليمنيين عنوانها الفوضى والانفلات وتعدد مراكز النفوذ، فأتى الحمدي (مصححاً) بواسطة  انقلاب ناعم وذكي بمباركة سعودية، التي لم تكن على وفاق تام مع سلفه القاضي الإرياني.  

"لم يكن إبراهيم الحمدي رئيساً منتخبا، بل قادما من المؤسسة العسكرية، في انقلاب عسكري قبلي على رئيس مدني، هو القاضي عبدالرحمن الإرياني. ومع ذلك، جعلت تجربة اليمنيين معه وكثيرين منهم ينظرون إليه على أنه ناصرهم، أو دكتاتورهم العادل. وكان يقول عن نفسه في خطابات عامة: إن الديمقراطية تجري في دمه، لكنه يأنف أن يقدم نموذجاً للديمقراطية المزيفة، وينتظر الوقت المناسب لاتخاذ إجراء انتخابات" (1).

- في 14 أكتوبر 1963م، انفجرت شرارة الثورة في الجنوب اليمني المحتل من جبال ردفان، ففي نهار ذلك اليوم:

"كان الفدائي القُطيبي راجح بن غالب لبوزة (1917-1963)، ومجموعة من الرجال الذين سلَّموه زمام قيادتهم -وجميعهم ينتمون إلى قبائل ردفان- في طريق عودتهم إلى منطقتهم بعد إتمام مهمّة مشاركتهم في معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية في الشطر الشمالي من الوطن اليمني. وكان لبوزة ورجاله مطلوبين جنائيًّا من قِبل سلطات الاحتلال البريطاني، طبقًا لقانون يعاقب كلَّ من يشارك في أيّ جيش أجنبي بسجنه ثلاث سنوات، وتغريمه عشرة آلاف شلن. في ذلك اليوم، كمنَت قوة بريطانية مسلحة لجماعة لبوزة في أحد جبال ردفان، بعد أن رفضوا التسليم للسلطات رفضًا قاطعًا، بل أرسل لبوزة رصاصة في مظروفٍ إلى القائد العسكري البريطانيّ، ردًّا على طلب التسليم، ما يعني أنّهم قرروا المقاومة حتى النهاية، وهو ما كان. فدارت المعركة بين الطرفين، وسقط عددٌ من رجال القبائل في ردفان، بينهم لبوزة نفسه"(2). ليصير هذا اليوم  رمزاً خالداً لنضال اليمنيين في  الجنوب اليمني المحتل، وليؤرخ به لثورة شعب اتخذ من الكفاح المسلح وسيلة لطرد المحتل، والذي تحقق فعلاً في الثلاثين من نوفمبر 1967م بالاستقلال الناجز.

 - في 26 أكتوبر 1970م، التئم مجموعة من المثقفين اليمنيين (أدباء ومؤرخين وسياسيين) في مدينة عدن في المؤتمر التاسيسي لـ"اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين"، كأول مؤسسة وحدوية في البلد الواحد المشطور، لتعمل هذه المؤسسة جهاراً لتحقيق هدفها الأسمى الذي صيغ على هذا النحو "تحقيق الوحدة اليمنية في الصدارة من مهام أجيالنا المعاصرة"، تشكلت الهيئة التأسيسية للإتحاد من كلٍ من: الأستاذ عبدالله البردوني، أحمد قاسم دماج، محمد أحمد عبدالولي، علي بن علي صبرة، سالم زين محمد، عبدالله عبدالكريم الملاحي، عمر الجاوي، محمد عبدالقادر بامطرف، القاضي محمد علي الأكوع، الدكتور محمد عبده غانم، أحمد سعيد باخبيرة، محمد سعيد جرادة، يوسف الشحاري، الدكتور عبدالرحمن عبدالله، عبدالله الصيقل، محمد ناصر محمد، ومحمد عبدالواسع حميد الأصبحي. كان عمر الجاوي رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون في عدن حينها، هو الفاعل المستتر في التواصل، وقد أُسندت إليه دائرة النشر والإعلام، فاقترح إصدار مطبوع يعبِّر عن هذا المشروع الرائد وأهدافه، وعمل أيضاً وبجهود ذاتية على إصدار أول أعداد (الحكمة) عن طريق مؤسسة 14 أكتوبر، التي كان يرأس تحريرها في ذلك الوقت الأستاذ سالم زين محمد، عضو الهيئة التأسيسية للاتحاد. هذه الهيئة صارت مع 12 اسماً مضافاً إليها، قواماً للمؤتمر التمهيدي الذي تألف من 28 عضواً، أما الأسماء المضافة هي: عبدالله عبدالوهاب القدسي، علي باذيب، أحمد محفوظ عمر، صالح الدحان، سعيد الجناحي، جعفر حمزة، عبدالله شرف، عبدالله الوصابي، محمد الذهباني، فريد بركات، محمد العديني وصالح سحلول"(3).

- في 28 أكتوبر 1962، أصدر الرئيس عبدالله السلال (رئيس الجمهورية القائد العام للقوات المسلحة) قرارًا بمنح ترخيص البنك اليمني للإنشاء والتعمير، وحيثية إصدار القرار حسب الوثيقة - المكونة من ثلاثة أسطر فقط ومكتوبة بخط اليد- كانت للحاجة لتشجيع الاقتصاد الوطني حتى تضمن البلاد التطور والتقدم.

هذه الوثيقة البسيطة لم تسبغ عليه صفة أول بنك وطني يتأسس في اليمن وحسب، وإنما حددت مهامه وأهدافه الاقتصادية الوطنية الكبيرة في بلد خرج لتوه من العزلة والانغلاق قبل 32 يومًا، بقيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962؛ ولكونه أول بنك وطني، فقد استلزم الأمر أن تتعدد أغراضه بحيث تشمل كافة الخدمات المصرفية الاعتيادية للقطاعين العام والخاص، إضافة إلى المساهمة في عمليات التنمية الاقتصادية من خلال تأسيسه لعديد من الشركات الحيوية التي كانت تفتقر إليها البلاد، وساهم في تأسيس شركات حيوية أخرى رافدة للاقتصاد الوطني، مثل المحروقات، والتبغ والكبريت، والقطن، والكهرباء والملح، والتجارة الخارجية، والأدوية، والشركة اليمنية للطباعة، والشركة اليمنية للسينما، وشركة مأرب للتأمين، وشركة تسويق المنتجات الزراعية، وغيرها" (4).

_________

(1)https://aljanadpost.net/p-11953

(2) حسن عبد الوارث – السردية المهملة في ثورة أكتوبر ، منصة خيوط https://www.khuyut.com/blog/nnor

(3) سؤال اتحاد الأدباء والكتاب بعد نصف قرن ما الذي تبقى من مشروع الطليعة الواعية؟ https://www.khuyut.com/blog/writers-union-half-century

(4) عن بنك البنوك وسنوات التأسيس الأولى البنك اليمني وما تبقى من صورة اليمن الجديد!  https://www.khuyut.com/blog/yemeni-bank

مقالات

أبو الروتي ( 14 )

كان المعهد العلمي الإسلامي يتبع الشيخ محمد سالم البيحاني -خطيب وإمام مسجد العسقلاني في كريتر- وكان مدير المعهد هو الأردني ناظم البيطار، الرجل الذي كان مجرد ظهوره يثير فينا الرعب.

مقالات

ما العمل؟

عندما قرأ مقالي «ماذا ننتظر كيمنيين؟»، عَقَّبَ الأستاذ المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير بسؤال: «ما الحل؟»، و«ما المخرج؟»؛ وهو «سؤال العارف». وقد وردَ في الأثر: "ما المسئول بِأعلمَ مِنْ السائل".

مقالات

"أيوب طارش".. اسم من ذهب

ما أكثر ما تعرَّض أيوب طارش لعداوات ساذجة من بعض المحسوبين -بهتانا- على رجال الدين، وخطباء المنابر المنفلتة، ليس آخرهم عبد الله العديني، الذي أفسد دينه ودنياه وآخرته بإثارة قضايا هامشية لا تهم أحدا سواه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.