مقالات

الثلاثون من نوفمبر ووثيقة مبادئ لَمِّ الشمل

01/12/2024, 10:37:50

يحتفل شعبنا اليمني بالعيد السابع والخمسين لتحقيق الاستقلال، وخروج آخر جندي بريطاني من أرض الجنوب، وقيام السلطة الوطنية المستقلة. 

ويصادف يوم الثلاثين من نوفمبر 1989 صدور بيان النظامين الوطنيين في الشطرين للتوافق على قيام الوحدة اليمنية في الـ22 من مايو 1990، والاتفاق على إطلاق الحريات العامة والديمقراطية، وحرية الرأي والتعبير، وإنزال دستور دولة الوحدة للاستفتاء؛ وهو الدستور الديمقراطي الذي جرى الاستفتاء عليه مِنْ قِبَل الشعب. 

في الثلاثين من نوفمبر 2024، أقر بالإجماع  في صنعاء، وفي مقر «مواطنة لحقوق الإنسان» الوثيقة السياسية (مبادئ لمّ الشمل)، وبناء الدولة اليمنية الحديثة. 

الوثيقة السياسية المُنوَّهُ بها جرى بشأنها، ولعدة أشهر، لقاءاتٍ ضمت العديد من الناشطات والناشطين، ومن مختلف مناطق اليمن ومدنها، ومن مختلف التركيبة المجتمعية، والاتجاهات السياسية الحزبية والفكرية والشخصيات العامة، ومستقلين ومستقلات كُثُر. 

جرى نقاش مستفيض حول الوثيقة، واقترح المتحاورون إنزالها إلى الشعب اليمني، وإلى مختلف فئات وشرائح المجتمع، وإلى الأحزاب السياسية، والتيارات الفكرية والأدبية، ومؤسسات المجتمع المدني؛ لإغنائها بالنقاش والملاحظات والإضافات؛ لتكون -بحق وصدق- تعبيرًا عن إرادة شعبية عامة كخارطة طريق وطني، ودليل عمل سياسي يتشارك فيه كلُّ فرقاء الحياة المجتمعية والسياسية، فيستطيعون بها، ومن خلالها، خلق اصطفاف وطني ومجتمعي شامل يحقق السلام، وينأى باليمن عن مسلسل الحروب والمظالم والفتن، ويجتث بؤرها ومصادرها وجذورها، ويعالج كل ما نجم وينجم عنها، وتكون العدالة الانتقالية المدماك الأساس والأرضية الصالحة للتصالح الوطني والمجتمعي، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية.

كل المصالحات الوطنية، التي عرفتها اليمن، آلت إلى الحروب، وتجدد الصراعات، وكأنها هدن مؤقتة أو استراحة محاربين، وغالبًا ما تكون عودتها أشد وأقوى. 

قبل فترة، أعد الباحث الدكتور هاني المغلس مبحثًا مهمًا عن العدالة الانتقالية، بتكليف من «منظمة مواطنة»، ودعت مواطنة العديد من الدكاترة والقضاة والمحامين للنقاش حول الدراسة.

توسع الحوار، وامتد إلى مختلف مناطق اليمن، وشمل قوى مجتمعية سياسية وفكرية، واستمر الحوار بضعة أشهر؛ لينتهي إلى الوثيقة «مبادئ لمّ الشمل وبناء الدولة اليمنية الحديثة». 

تتناول المقدّمة الأزمات والصراعات، التي شهدتها اليمن عقب قيام الوحدة في الـ22 من مايو 1990، وحرب 1994؛ كما تتناول ثورة الربيع 11 فبراير 2011، وبدء الصراع، وتعدد أطرافه، ودخول الصراع الإقليمي والدولي على الخط. 

كما تقف الوثيقة على تبعات النزاع المسلح على مدى عشرة أعوام، وما نجم عن هذا الصراع المدمر، وانتهاكات وجرائم تبدأ ولا تنتهي. 

ويقينًا، فقد قامت «مواطنة» برصد وتتبّع بالتوثيق لهذه الجرائم في العديد من الإصدارات، من قصف طيران التحالف العربي، وتجنيد أطراف الحرب الأهلية الأطفال، وقطع المرتبات، والحصار الداخلي والخارجي، وتسيّد خطاب الكراهية والتخوين والتكفير، والاعتقالات الكيفية، والاختفاء القسري، والمحاكمات الجائرة، والقتل خارج القانون، وتفكيك البلد، وتمزيقه، والعودة باليمن إلى مكوناتها الأولى. 

تدرس الوثيقة انعكاسات الحرب على مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ وصولاً إلى المجاعة، وانتشار الأوبئة الفتاكة. 

تحدد الوثيقة ثلاث مرجعيات: 1- مبادئ وأهداف ثورة 26 سبتمبر - أيلول 1962.

2- مبادئ وأهداف وقيم ثورتي: 14 أكتوبر 1963، و30 نوفمبر 1967.

3- مبادئ وأهداف وقيم ومكتسبات دولة الوحدة اليمنية لـ22 مايو- أيار 1990. 

كما تتناول المنهجية المتبعة  في إعداد الوثيقة والأهداف، والفئات المستهدفة، والإطار الزمني للعمل بالوثيقة، ومن ثَمَّ الإقرار والتعديل والنشر. وتتناول الوثيقة المبادئ والمحاور الرئيسية، وإعادة الإعمار والتعافي، والعدالة الانتقالية، والإصلاح المؤسسي والتشريعي، وإصلاح النظام السياسي، وتعزيز الديمقراطية  والحكم الرشيد، والتعليم، وبناء القدرات، وتعزيز حرية واستقلال الإعلام، وتعزيز أدوار مؤسسات المجتمع المدني والإصلاح المجتمعي، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

المقالة تحيّة للعيد السابع والخمسين لمجد الاستقلال، وبيان الثلاثين من نوفمبر 1989، وقراءة عناوين الوثيقة السياسية التي يجب إيصالها للجميع.

مقالات

أبو الروتي ( 10)

في أول يومٍ أذهبُ فيه إلى المدرسة (المعهد العلمي الإسلامي).. وفيما كنتُ أعبرُ بجوار السوق المركزي، وانعطفُ يساراً باتجاه "مدرسة السّيْلة" الابتدائية، شاهدت خمسة أطفالٍ شياطين يخرجون من الشارع الموازي للسوق المركزي؛ أربعة منهم بنفس عمري، وخامسهم أكبر مني، ومن أصحابه الأربعة، وكانوا جميعهم يشترون الرّوتي من فُرن الحاج، ويرونني هناك، لكن كبيرهم كان أول من لفت انتباههم إلى وجودي، وأول من صاح قائلا، وهو يشير إليَّ:

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.