مقالات

السلطة الخائفة .. الحوثي يترقّب

30/12/2022, 06:04:13

مقطع فيديو لناشط يتحدّث عن هموم الناس جعل سلطة بكامل بطشها تشعر بالذعر.. هل هذا علامة عافية ودليل يؤشر لقوة..؟ بالطبع لا. 

ماذا لو أن كل الناس أخرجوا زفراتهم، لا شك أن السلطة ستفقد كامل ثباتها الوهمي وتدخل حالة من الاضطراب أشد مما هي حياة الناس مضطربة. 

إذا أردت أن تقيس مستوى ثبات سلطة بشكل حقيقي، انظر إلى مستوى استقرار حياة الناس، حياتهم على مستوى رضاهم النفسي وليس مجرد توفّر حاجاتهم الواقعية. 

مع العلم أن الرضا النفسي لدى الجماهير أمر يصعب قياسه. ذلك أن طموحات الناس لا تنتهي. لكن ماذا لو كان سخطهم نابعا من فقدانهم حتى ما هو ضروري. في هذه الحالة فرِضاهم في مستوياتهم الدُّنيا. وعليه فدرجة استقرار السلطة الحاكمة لهم بالمستوى نفسه، بعيدا عمّا تحاول هذه السلطة تسويقه عن نفسها. 

في صنعاء -مناطق سيطرة الجماعة- خرج ناشط يتحدّث عن مظالم الناس، فسارعت السلطة لتكبيله، مع كونه ليس ناشطا مناهضا لها. هو تقريبا على المستوى السياسي ليس لديه آراء مناهضة جذريا للسلطة الحوثية. وما قاله في الفيديو هو مجرد تعبير عن احتجاج شعبي حول مظالم الناس. ومع ذلك، لم تحتمل السلطة حتى مجرد احتجاج من شخص ليس لديه مشكلة لو حكمته سلطة بلا مشروعية؛ لكنه حانق من شكاوى الناس وقد بلغت مستوى غير مسبوق. 

أوقفت السلطة الناشط أحمد حجر، ثم خرج مسؤولوها يحذّرون من الأذرع الناعمة للعدوان. مع أن ما يسمى العدوان أو الحرب متوقّفة كليا. لكنهم يستدعون حجة ما عادت صالحة للعمل؛ كي يواصلوا تبرير سلوكهم المستهزئ بحياة الشعب. يتحدّثون بالنبرة نفسها وكأنّنا ما نزال في بداية الحرب. يعتقدون أن مظلة العدوان ستقيهم من غضب الناس لعقود طويلة. لا أدري ماذا بحوزتهم من مبررات جديدة فعّالة؛ كي يسوّقوها للناس وقد صارت تهمة الولاء للعدوان معطّلة. وباتوا هم العدوان الوحيد المستمر على الشعب منذ سنوات. أدوات العدوان الناعمة والطابور الخامس، كانت تلك المسميات هي الغطاء البليد لسلطة الحوثي القمعية. 

حسناً، صنعاء كلها طابور خامس يا عبدالملك. طابور خامس طويل، ويتكاثر كل يوم، انتظارا لتلك اللحظة التي يزيحون فيها الكابوس من صدورهم. تحذّرون من الدعوات للفوضى وكأنكم صدقتم أنفسكم أنكم النّظام. أنتم الفوضى بأعلى تجلياتها، أسها وأساسها، ومصدر كل شر في حياة الناس. هناك فكرة واحدة عليكم أن تستوعبوها جيّدا: هذا الوضع شاذ بكل مقاييس الحياة، ولا يمكنه أن يستمر حتى النهاية. وعليكم أن تختاروا أي أسلوب تريدون للتصرّف، وفي كل الحالات ستقطفون الثمرة. 

لا يوجد شعب يترك مصيره مستباحا للأبد. للشعوب قدرة هائلة على الصبر والتكيّف مع أسوأ الظروف، يخضعون ويتماهون مع الظلم، وقد يمارسونه تحت عباءة السلطة الفاسدة؛ لكنهم في لحظة ما يتداعون ويثأرون من كل شيء بما في ذلك أنفسهم. حتى من شارككم الفساد، وتقبل سلطتكم، وقاتل معها، حين يؤوب لحياته الطبيعية ينكشف له الوهم، ويشعر بأن العيش تحت سلطتكم مستحيل، يفتش عن حل، ويجد المخرج في كل دعوة تصرخ ضدكم. وما أحمد حجر سوى نموذج عابر لملايين الصرخات المكتومة، ولسوف تجد صداها يوما وتنفجر من هنا وهناك. 

الخلاصة: تجتهد السلطة الحوثية لمراكمة أدوات القوّة وكأنّ مضاعفة قبضتها ستوفّر عوامل الأمان للسلالة الحاكمة، وبما يلغي إمكانية الثورة عليها أو يمنح السلطة استقرارا نهائيا ما دامت قادرة على المواجهة. هذا تكتيك مقلوب. وظيفة السلطة تأمين حياة الناس؛ كي تضمن هدوءهم وليس تأمين نفسها؛ لتردع الناس حين يصرخون ضدها. الحوثي لا يدرك هذه الفكرة البديهية، يترك الناس مكشوفين لكل صنوف الرعب والخوف، الخوف من تلاشي الحياة ويوجّه كل اهتمامه لتأمين سلطته. يعيش داخل أسواره الخاصة، وغدا سوف يتسرّب الخوف من الشارع؛ كي يخلخل السلطة. بدلا من قدرة السلطة على إخافة الناس، سيكون الشعب هو الأكثر قدرة على إخافة السلطة الفاقدة للمسؤولية. أحمد حجر نموذج، وفي الطريق آلاف الصراخات وبما يكفي ليجعل السلطة الحوثية مرعوبة على الدوام.

مقالات

أبو الروتي ( 14 )

كان المعهد العلمي الإسلامي يتبع الشيخ محمد سالم البيحاني -خطيب وإمام مسجد العسقلاني في كريتر- وكان مدير المعهد هو الأردني ناظم البيطار، الرجل الذي كان مجرد ظهوره يثير فينا الرعب.

مقالات

ما العمل؟

عندما قرأ مقالي «ماذا ننتظر كيمنيين؟»، عَقَّبَ الأستاذ المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير بسؤال: «ما الحل؟»، و«ما المخرج؟»؛ وهو «سؤال العارف». وقد وردَ في الأثر: "ما المسئول بِأعلمَ مِنْ السائل".

مقالات

"أيوب طارش".. اسم من ذهب

ما أكثر ما تعرَّض أيوب طارش لعداوات ساذجة من بعض المحسوبين -بهتانا- على رجال الدين، وخطباء المنابر المنفلتة، ليس آخرهم عبد الله العديني، الذي أفسد دينه ودنياه وآخرته بإثارة قضايا هامشية لا تهم أحدا سواه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.