مقالات

المقالح كلمة اليمن الخالدة (2)

25/01/2023, 07:19:22
بقلم : محمد صلاح

آمن الدكتور عبدالعزيز المقالح بالكلمة، ودورها، وقدرتها على تغيير الواقع منذ تفتح وعيه في مدينة حجة. وكان من المؤكد أن تكون الكلمة سلاحه، والمعرفة عدته، وعتاده، والثقافة سبيله، وتغيير الوعي هو الميدان الذي يخوض فيه معركته، من أجل تغيير الأوضاع في البلد، وتحقيق الثورة. 

لقد تتلمذ شاعر اليمن الأكبر على أيدي المستنيرين الأحرار، وقادة الحركة الدستورية عام 1948م، وهم طلائع التنوير في بلادنا في النصف الأول من القرن العشرين، وأرباب الفكر، وجميعهم ما بين شاعر، ومؤرخ، وناقد، وعالم دين مجتهد، وقد ساقتهم تطلعاتهم نحو التغيير إلى السجون، والمنافي، وعلقت أعناق بعضهم على أعواد المشانق. 

وعلى أيدي تلك الطلائع؛ من المستنيرين الذين سعوا إلى تغيير واقع البلد، تشرّب معارفه الأولى، وتأثر بهم. 

وقد لعبت الظروف التي أحاطت به، وظروف والده الذي ظل في سجون الإمامين يحيى، وأحمد، دوراً كبيراً في تحفيزه، وتحديه للواقع الذي كان يعيش فيه.

واقتفى أثر أبي الأحرار محمد محمود الزبيري الذي "استطاع أن يبلور تصويراً جديداً للشعر، بأن يكون الشعر مسؤولاً عن تغيير الواقع"  كما آمن بأن "مهمة الشعراء المناضلين أن يترقبوا ويخلقوا ساعة الصفر ثم يتقدموا دفاعاً عن كرامة وحياة الوطن" [د. عبدالعزيز المقالح شعراء من اليمن ص 121]، وهو لا يرى بأن للشاعر فضلاً في ذلك على الوطن، بل هي مهمتهم تجاه وطنهم، "أليس الوطن هو الذي أعطاهم الحياة وعلمهم الشعر، ومن فصوله الأربعة كالطيور تعلموا العزف والغناء" [المصدر نفسه]   

لعل من المهم علينا، ونحن نتحدث عن شخصية الدكتور عبدالعزيز المقالح، ولكي نستطيع التعرف على الدور الذي قام به – بقدر ما تسمح لنا هذه المقالات - هو أن نحاول التعرف على المؤثرات الأولى، التي ساهمت في تكوينه المعرفي، وساهمت في تشكيل شخصيته.  

بعد وصوله إلى حجة، مطلع الخمسينات، ووصول أسرته إليها ليكونوا بالقرب من والده، يقول الدكتور المقالح: "تفتح أمام عيني وعقلي عالم آخر، فقد رأيت أفضل رجال اليمن، أفضل علماء التاريخ، أفضل علماء الفقه، أفضل علماء النحو … لم تكن حجة يومئذٍ سجناً بل جامعة …. وفي حجة تلقيت تعليماً شبه منظم على أيدي أساتذة كبار… وكان الخوف والقلق يتحولان إلى طاقة استيعاب وتحدٍ للواقع المرعب والأيام الموحشة".

التحق بالمدرسة المتوسطة، التي كان يشرف عليها الأستاذ أحمد النعمان، ويقوم بالتدريس فيها أغلب روّاد اليمن، وقادة الأحرار، الموزعين على سجون حجة، ممن زج بهم الإمام أحمد في زنازينها المظلمة عقب فشل الحركة الدستورية، التي كانت تهدف إلى تغيير أحوال اليمن، وتطوير أوضاعها، وربطها بالعصر.

وكان من أساتذته في المدرسة المتوسطة، التي درس فيها، كل من المشير عبدالله السلال، والأستاذ أحمد محمد نعمان، واللواء حمود الجائفي، والقاضي المؤرخ عبدالله الشماحي، والمؤرخ والمحقق الكبير محمد بن علي الأكوع، والأستاذ أحمد حسين المروني، وكان بينه وبين الأخير علاقة أُثيرة، إذ كان يرسل إليه المقالح بواكير كتاباته الأولى في الشعر، وكان الأخير يعمل على تقويمها، ونقدها، كما سيأتي معنا. وجميع هؤلاء لعبوا دوراً مؤثراً في تاريخ اليمن السياسي، والفكري، ويعدون بناة الدولة اليمنية الحديثة في النصف الثاني من القرن العشرين. 

كان ذلك الجيل من الروّاد الأوائل، الذين تتلمذ على أيديهم المقالح حصيلة تلاقي، وتلاقح ثلاثة تيارات فكرية، كلها تنشد التجديد، والاجتهاد، وتتطلع إلى النهوض بالبلاد، وتسعى للتغيير والثورة، فهم ورثة مدرسة الاجتهاد اليمني التي كان أهم أعمدتها شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني المتوفي عام 1834م، وكان بعض المسجونين في حجة يعدون من الطبقة الثالثة من تلامذته، أمثال القاضي عبدالرحمن الإرياني والمؤرخ محمد بن علي الأكوع، والمؤرخ الشماحي، ومن المتأثرين بروّاد النهضة العربية في مصر والشام أمثال جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا، والأمير شكيب أرسلان، إضافة إلى من تلقوا دراسة وتعليما حديثا في العراق، وقد كانت أحد قلاع الثقافة لعربية آنذاك، وفيها اطلعوا على الدراسات والكتب المترجمة التي تتناول الثورة الفرنسية...إلخ.

في حجة أكمل الدراسة المتوسطة والثانوية... ثم التحق بالمدرسة العلمية التي كانت تدرِّس العلوم القديمة، وكان منهج الدراسة فيها يقتصر على النحو والبلاغة.

مقالات

وماذا بعد أيّها اليمن العنقاء!

لم تَعُدْ كلُّ الكتابات السياسية، والتحليلات، والتنبؤات، ونشرات الأخبار، والتقارير، وهلمَّ جرًّا، تعني شيئًا لليمن المتشظِّي، المفتَّت، والمقسَّم، والممزَّق بين ميليشيات باغية في كل زواياه، وجباله، وسواحله الممتدّة.

مقالات

"أسوأ من الموت بغارة جوية"

"الجائحة الحوثية باقية وتتمدد"، هذا ما صرَّح به الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ضمنيا حول وقف الغارات الجوية على مواقعهم مقابل عدم استهدافهم السفن في البحر الأحمر.

مقالات

عندما ترتجف المليشيا من فنان!

لا شيء يُرعب الطغاة كصوت الفن، ولا شيء يُعري القبح السلطوي كجمال النغمة الصادقة. الفن ليس ترفًا، ولا مجرد وسيلة للتسلية في حياة الشعوب. الفن، بمعناه الحقيقي، وعيٌ جمالي عميق، وحسٌّ تاريخي يتجلّى في أوضح صوره حين تُعزف الحقيقة في وجه الكذب. ينبثق كثورةٍ معنوية عندما تُغنّى الحرية في مسرح السلاسل. الفن، بمجمله، هو حين يُرتّل الوطن في زمن الملكية السلالية!

مقالات

أبو الروتي (33)

كانت غرفتي في سقف الفُرن تضم مكتبتي الصغيرة، وكان أجمل ما فيها راديو كروي الشكل لم أعد أذكر كيف حصلت عليه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.