مقالات

بدون عنوان

17/01/2022, 08:55:27

لا أفهم قدراً كثيراً - ولا حتى قليلاً - في الفن التشكيلي، ولا أعرف التفريق بين مدارسه ومناهجه، فيختلط عليَّ الكلاسيكي منها بالواقعي، والرومانسي بالتجريدي، والرمزي بالتكعيبي، والسوريالي بالانطباعي، وهلُمجرَّا. 

وقد أعجبتني إلى حدٍّ كبير سيرة حياة بابلو بيكاسو، من دون أن أفهم شيئاً من سيرته الفنية، ولا موضوعات لوحاته. أما سلفادور دالي فلم يعجبني فيه سوى شاربيه، أما لوحاته فتُذكرّني بقصائدي الحلمنتيشية في سن الرابعة عشرة. 

هذا رأيي أُشهره مُمدّداً ساقيَّ ولا أُبالي الاَّ بسروالي.

ولا أعرف حقيقة الأزمات البنيوية في الفكر المعاصر. ما هذا الذي يُناقشه المثقفون والمفكرون والفلاسفة؟ ما طبيعة أزمة العقل الآدمي الحديث؟ أو ما الإشكاليات التي يعاني منها الواقع المعاصر؟ وما هذا الذي يتحدثون عنه بخصوص ما وراء الطبيعة؟ وما بعد الحضارة؟ وما تحت السرير؟ حضرتُ مرةً محاضرةً لبروفيسور في الفلسفة، وبعد ساعتين كاملتين خرجتُ بخلاصة واحدة: أن الغرف المُكيفة والمغلقة لا تساعد البتة على طرد الروائح النتنة والأفكار العطنة. بعدها لم أُكرر هذي الفعلة.

أنا لستُ كائناً مثقفاً على الإطلاق. قرأتُ كثيراً حقاً، لكنني لم أفهم إلاَّ القليل جداً. يظن الكثيرون أنني فلتة من فلتات الزمان، غير أن أصحابي الخُلَّص يدركون حقيقة جهلي وغبائي. لكن الفارق الوحيد بيني والجهلة الآخرين أمثالي أنهم يُثرثرون عندما يُسألون، فيما ألتزمُ الصمت قائلاً: لا أدري. 

ثقافتي كلها قشرية سطحية تافهة، لكنني أحتال على الجميع بإطلاق بالونات لفظية تجعلهم يُفغرون أفواههم انبهاراً. 

سألني أحدهم عن موقفي من الأزمة السياسية القائمة، فأجبته بلغوٍ لم أفهمه قط، لكن السائل هزَّ رأسه مؤيداً بحماس!

وكانت أفدح خطيئة اقترفتها في حياتي أنني أهدرت وقتاً ثميناً وجهداً عظيماً في قراءة ومحاولة فهم "رأس المال" بدلاً من أن أسعى جاهداً إلى جمعه. وهي الخطيئة ذاتها التي كان اقترفها كارل ماركس نفسه. فحين جاء من يُهنّئ والدته على صدور "رأس المال"، كان ردّ الأُم المسكينة: ليته قضى كل تلك السنين في جمع رأس المال بدلاً عن تأليفه!

إنه مثل ذاك الذي ينصح الناس كيف يكونون أثرياء ويُشير لهم بالطرق المثلى لتحقيق هذه الغاية، فيما هو يغرق حتى أذنيه في الفقر المدقع والديون المتراكمة.

لا تُحدّثني عن المنهاج التفكيكي للتاريخ، ولا المنهاج الديالكتيكي في الفلسفة. أقسم بالله أنني لا أفهم عنهما شيئاً ولو بمقدار شروى نقير. 

لكنني أعشق غناء فيروز وديمس روسوس، وعزف ياني وعمر خيرت، وألحان عمار الشريعي وضحكته، وتمثيل Meryl streep وابتسامتها. ولا أحب أن أكتب في السياسة والاقتصاد والرياضة والفن والتحرش، وأعشق قصص التاريخ وحكايات جدَّتي وأساطير الفراعنة والقرون الأوروبية الوسطى.

 وقد أحببت مذكرات بابلو نيرودا وتشي جيفارا، وكرهت مذكرات برلنتي عبدالحميد واعتماد خورشيد.

أما أسوأ ما يمكنك أن تقرأه وتراه هو التاريخ السياسي اليمني - لاسيما حديثه والمعاصر - ففيه من النتانة والقذارة والحقارة ما يكفي عشرة شعوب لعشرة قرون. نحن سَفَلة، قتلى كنا أم قَتَلة! إعطني اسماً واحداً في متن هذا التاريخ لم يتوسّخ صاحبه قط، في السياسة أو الأخلاق، في المال أو الجسد، أما الروح فليست ثمة واحدة تُثير البهجة ولا الحسد.

 تاريخ اليمن القديم - ما قبل النار والكتابة - هو الوحيد الناصع والبريء. 

وأظننا قريباً عائدين إلى تلك الحقبة بحماسة منقطعة النظير، إذا ما استمررنا على هذا المنوال.

هل تعشق مثلي رائحة النيسكافيه من دون حليب؟ أنا أعشق هذه الرائحة حدَّ الوَلَه، وأعشق ثلاث روائح أخرى: المرأة بعد العَرَق، والقطة بعد المطر، أما الثالثة فلا أستطيع ذكرها لأسباب يصعب شرحها. وأعرف أنني سأتوقف قريباً عن القراءة والكتابة، وأكتفي باستجرار حلم لم أستطع تحقيقه منذ قرابة ستة عقود. وأكتب هذا الهراء (والهاء خاء، بحسب هناء عبدربه) لأتطهَّر ربما، وربما لألطّخ سُمعتي أكثر. وأستغفر للذين لا يدرون ولا يدرون أنهم لا يدرون ثم تجدهم يهرفون بما لا يعرفون!

مقالات

الوجود كصُدفة..تأملات عن الحرية

كلّ شيء يؤكد أنّ وجودنا مجرد صُدفة. ولدنا دون تخطيط، ولا أهداف محدّدة. كان يُفترض أن تستمر حياتنا مدفوعة بالمنطق البرئ نفسهض. لكنّنا تعرضنا لخديعة وجودية مرعبة، تورطنا في قبول تصورات أولية جعلت وجودنا مقيّدًا للأبد.

مقالات

المصائب لا تأتي فرادى!

قُدِّمَتْ صنعاء على طبق من فضة، أو ذهب، للمليشيات كما لم يحدث من قبل عبر التاريخ، التي بدورها استولت على كل مقدرات الدولة والجيش والشعب في غمضة عين من التاريخ والعالم والزمن، وتحالف أبشع رأس نظام سابق مع أبشع سلطة أمر واقع لتحقيق غاية واحدة

مقالات

نمذجة مقيتة

لطالما ردّدتُ أنني لا أخشى السلطة بقدر خشيتي من كلابها! وعلى القارئ الكريم أن يستبدل مفردة الكلاب بأية صفة أخرى يراها ملائمة. ولعلّ من الأمثلة الساخرة على هكذا صورة مقيتة:

مقالات

المساح المؤزر بأصالته

هذا الرجل كتاب من لحم ودم. لا يعلمك محمد المساح بكتاباته، فحسب، هو قبلها وبعدها يلهمك بذاته كإنسان. لم يعرف الزيف يوماً، هذا المساح المؤزر بأصالته وصدق شخصيته.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.