مقالات
تعز المدينة المعشوقة
في الثورة من أجل التغيير، أو في الحرب ضد الانقلابيين، يتصدّر أبناء محافظة تعز المشهد، ثم يُسلمون للصوص في نهاية المطاف، ويكتفون بالفرجة؛ لأنهم يبحثون عن دولة متساوية لجميع اليمنيين، ولم يظفروا بها حتى الآن.
اليوم، صحت المحافظة على احتشاد وجماهير تلوح، في شوارع تعز وأريافها، استقبالا لرئيس مجلس القيادة ومجموعة من المسؤولين المرافقين له؛ القادمين من الرياض.
يا سلام.. يا عليمي ونبيل شمسان.. هذا مشهد للتاريخ، لكن يجب أن يكون لهذا الاحتفاء نتائجة.. تعز بدون كهرباء، ولا مياه، ولا خدمات، والسؤال الأكثر منطقية هو:
كيف سيقضي المسؤول الأول في أعلى هرم السلطة لياليه وسط ظلام المدينة الدامس، ليكتشف كيف أصلا يقضي المواطنون حياتهم على هذه الحالة منذ عشر سنوات؟
لا يزال المخادعون يلوِّحون بورقة تعز كلَّما عصفت بهم النوائب، وباغتتهم المصائب.
واليوم تصل تعز إلى الذروة؛ لأن مِيزَتها "الوثب الوطني"، استقبلت رئيس مجلس القيادة ببهجة غير مسبوقة.
من أراد ترجيح الكفة استدعى تعز، عندما يشعرون بالغبن والقهر يلجأون إلى تعز.
نقصت المسيرات أو خفّت الأضواء، بحثوا الأمر مع تعز، حشدوا لمواجهة الرئيس الأسبق والسابق تفوقت تعز، حدث الانقلاب المشؤوم قاتلت تعز ودفعت أثمانا باهظة.
ومن لتعز يا رعاع، وسط هذا التردي الطاحن لحالتها، لو تديرون البلاد، وتقومون بواجبكم بطريقة محترمة، لن نحتاج لأي حشود أو هتِّيفة؛ لا في تعز أو غيرها من أي مدينة في البلاد.
يتضح أن تعز مدينة مفتوحة الجراح، كفوهة غائرة في القلب.. تعز مدينة حمالة الأسية، ولا تقوم بأكثر من نقل الاشتراك بالموت لسواها، في هذا الوضع الفقير للخدمات التجريفي والقاسي.
لقد حان لها أن تصمت، لا نريد أن تخطر لها حتى كلمة لتقولها، تعز تصارع الأمراض من كل صنف و نوع، محشوة بأوجاع أبنائها ولحمهم، الذي توزعته الساحات والجبهات والطرق قتل وحصار وقنص وموت بالجملة والتجزئة، بينما تحصد بعض المحافظات الأخرى المكاسب بالمحاصصات، والتقاسمات.
على الرغم من أن أبنائها مستعدون للموت بدلا من أي شخص آخر، لا يعرفونه في أي مكان من الوطن.
"نريد وطنا للجميع"، يبقى هكذا منطقهم دوما.
اليوم -فقط- تذكر العليمي بعد أن عاد خائبا من حضرموت أنه بحاجة إلى تعز وللمحافظة على ماء وجهه، ويلوّح من على مدرعات بقبضة يديه للجماهير الغفيرة.
ما فقدته -يا رشاد- في حضرموت لن تعثر عليه في تعز، إلا بتلبية مطالب الناس، وإنقاذهم من محرقة الأزمات المتلاحقة.
هؤلاء الذين ارتصوا في الشوارع تلفح وجوههم أشعة الشمس الحارقة بحاجة إلى خدمات ورغيف عيش بكرامة ودواء، مراوغة المنطق لن يقبل فيه أبناء تعز أو غيرهم.
لتسقط هذه المراوغات، الحياة باتت أكثر بكثير من أن يحتملوها، فلا تخذلوهم.