مقالات

دمعة على قبر المقالح

05/12/2022, 06:34:09

  حتى هذه اللحظة ، لا أقوى على الالمام بنواصي القلم و لملمة حواشي الكلِم . فقد صدمني النبأ ، بالرغم من معرفتي الأكيدة بتدهور صحته الجسدية على نحوٍ يومي فادح ، منذ عدة شهور . وبالرغم من توقُّعي سماع هذا النبأ بين حينٍ وآخر ، منذ فترة ليست بالقصيرة !

الاَّ أن وقع هذا النبأ الأليم على الأسماع والوجدان كان صادماً بحق . فهذا ما يحدث لأيّ امرىءٍ تجاه كل عزيز . وهل من عزيز كعبدالعزيز !
...
هل أنهار بابك الثامن يا صنعاء ؟
هل أسلمَ حارسك الأمين الروح ؟
... وسلَّم عاشقك الأبدي الراية ؟
كتب عبدالعزيز المقالح قصيدته الأخيرة في كتاب صنعاء ، وسِفْر الوطن ، ودفتر الحياة .. وقرَّر أن يُغادر مقعده في المكان الذي لم يعد مناسباً لتواجده ، وفي الزمان الذي لم يعد جديراً بوجوده .
هكذا ، بعد رحلة طويلة مُضنية ، حطَّ القلم على صدر الورقة ، بعد أن خطَّ الكلمة الأخيرة على وجهها : وداعاً .
...
كان ظهره قد تقوَّس وانحنى ، بعد أن ناءى بكلكلِ من اثقال ما عانى هو والبلاد ..
كان ظهره ، فقط . أما قلبه فلا . وأما قلمه فلا . وأما ضميره الوطني والانساني فلا ، ولا الذاكرة .
هل كان ظهرك يا عزيز ، أم عضد الوطن هو الذي توجَّع وتهاوى وانكسر ؟
أم أنك قرّرت فجأة أن تُواري كل هذا الوجع الذي كان بحجم البلاد .. وأن تدفنه معك في رحم المدينة التي عشقت حدَّ التمزق والألم ؟
وها قد ضمَّك رحم صنعاء في رحلتك الأبدية الى الأبدية . فأهنأ برحلتك الأخيرة مع المعشوقة التي لم تَرْقَ اليها معشوقة في فؤادك يوماً .
...
كنت مُتّقد الذهن والذاكرة حتى أيامك الأخيرة ، ومشتعل الروح والشعر ، وهانىء البال بسلامك الداخلي ..
وكنت تحتفي بأصحابك في دارك - بعد أن غبتَ عن مكتبك تحت وطأة التعب - وأنت بشوش المُحيَّا ، جذِلاً بهم .
وبرغم أن الأصحاب قد تناقص عديدهم ، وخَفَت نشيدهم ، الاَّ أنك لم تُدِر وجهك يوماً عن أحدٍ منهم في عاديّ يومهم أو عيدهم .
ألم تقُل لي يوماً :
" الأصدقاء
لم يعودوا مثلما كانوا
نجوماً تهتدي بها النجوم ،
والأعداء
لم يعد لديهم من فضائل الصبر
ولا أناقة اختيار الكلمات الجارحة " .
وقد كنت تراهم في دقيق البصر وعميق البصيرة :
" هذي الكتلة الكبرى من الزحام
لم يعودوا يُبصرون بعضهم
ولا طريقهم
لا خلفَ في قاموسهم
ولا أمام " .
...
رحمة الله تغشاك يا صديقي ورفيقي ومُعلّمي .. ورحمة الوطن .
بَيْدَ أنني أبكيك اليوم ، ليس للأمر الذي قضاه الله وقدَّره ، وهو أمر محتوم ..
انما أبكيك لأنك رحلت في اللحظة الكريهة في حياتك وحياة صنعاء وحياة الوطن والناس الذين أحببت ..
اللحظة التي لم تكن قط جديرةً برحيلك ، الرحيل الذي كان ينبغي له أن يكون شبيهاً برحيل النوارس والمآذن والمرافىء والأشرعة .
هل كان الرحيل الخطأ في اللحظة الخطأ ؟
نعم ، كان كذلك تماماً .
فقد كان ينبغي لك أن ترحل - اذْ ترحل - في حالةٍ صنعائية مُوشَّاة بالابتهاج .. في سُمُوٍّ يمانيٍّ مُكتظ بالعنفوان .. في موجة فرح ، لا تكسرها صخرة ناتئة في شطّ البلاد ..
ولا يُصادرها قرصان أعور تمطَّى على صارية الفجيعة الغاشمة .
وداعاً ... يا سيّدي وحبيبي .
مقالات

لا ضوء في آخر النفق!

عندما بدأت الحرب على اليمن في 26 مارس، بدون أي مقدّمات أو إرهاصات أو مؤشرات تدل على حرب وشيكة، حيث تزامنت هذه الحرب مع هروب عبد ربه منصور إلى سلطنة عُمان، وكان قرار الحرب سعودياً، ثم إماراتياً خالصاً، تحت مسمى "إعادة الشرعية"، التي في الأصل قامت السعودية بفتح كل الطرق لدخول الحوثيين إلى صنعاء وطرد الشرعية منها، وأن هذه الحرب لم تكن مرتجلة بل مخطط لها لإعادة اليمن إلى ما نحن عليه اليوم، من شتات وتمزّق.

مقالات

هنا بدأت رحلتي

أضواء خافتة تقسم الشارع بالتساوي بين الذاهبين والقادمين، قمر في السماء يوزع ضوءه بين سطوح المنازل وقناة الماء في ميدلبورغ، وأنا أجلس خلف ضوء دراجتي الهوائية، وخلف أمنيتي أن يستمر الطريق بلا نهاية.

مقالات

حديث لن يتوقف!

يومَ أعلن علي سالم البيض بيان الانفصال، في خضم حرب صيف 1994م، تنصَّلت جُل - إنْ لم يكن كل - قيادات وكوادر الحزب الاشتراكي عن مسؤوليتها تجاه هذا الإعلان المقيت، الذي لم تقوَ حُجَّته أمام كل ذي عقل بأنه كان اضطرارياً، كما حاول البعض الزعم به يومها، إذْ لم يجرؤ أحد على القول إنه يتفق مع مشروع الانفصال.

مقالات

أمير الشعر الحميني عبر كل العصور

"لا توجد كلمات غنائية أصيلة بدون ذرة من الجنون الداخلي". يطِلُ عبدالهادي السودي من بين هذه الكلمات، لكأنها كتبت فيه، وعن سيرته، وتفردهُ شاعراً، وعاشقاً، وصوفياً، وعلامة فارقة لِعصرهِ، وشاغلاً للأجيال من بعده.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.