مقالات

رماد الأسئلة

26/12/2020, 13:49:23
المصدر : خاص

 ( 1 )
يُحكى - والعُهدة على الراوي - أن الدكتور عبدالعزيز المقالح وصف أحد الشعراء اليمنيين البارزين بأنه "شاعر كبير .. لكنه لو أخذ قدراً ولو ضئيلاً من أنفة وكبرياء وعزة نفس الأستاذ محمد يحيى الزبيري - رحمة الله تغشاه - لكان شاعراً كبيراً .. وإنساناً عظيماً أيضاً".
وقد رحل الكبار ذات لحظة فارقة بين بذرة اليأس وشتلة الأمل. وظل الصغار يتكاثرون حتى كادوا أن يغطُّوا على المشهد تماماً، لكنهم ظلوا - في كل حال - مجرد حالة "popcorn".
ومع رحيل الكبار رحلت فراشات الأسئلة، فلم تعد ثمة حاجة ذات جدوى لدراسة الفلسفة، برغم أن هنري أدامز حسمها باكراً حين أشار إلى أن الفلسفة "إجابات غير مفهومة لأسئلة ليس لها حلول".
لم يبقَ من الأسئلة غير الرماد .. ولا بقيَ من الفلسفة غير دفتر أزرق الغلاف، أصفر الورق وأسود الحبر .. رميتُهُ منذ أكثر من ثلاثة عقود في ركنٍ قصيٍّ في المكتبة ونسيتُه. قبل بضعة أيام فقط، تذكَّرتُه عندما لاحت خلال شقوق صدئة في الذاكرة أطياف شبحيَّة تتسلل من ثنايا كهف رابض في الخيال البعيد، كان يلجأ إليه سيّدي أفلاطون.
( 2 )
كان الدكتور علي شريعتي - وهذا باعترافه الشخصي - إذا أراد التفكير في الله مَلِيَّاً، راح يمشي في الشارع، لأنه لم يعد يقعد في الجامع، حتى لا يظل يفكر قَلِقاً في حذائه مخافةَ أن يُسرَق!
ترى هل يستوي سارق الحذاء وسارق الغذاء؟
وهل يستوي السارق في الجامع والسارق في الشارع؟
إذا اغترب دين الجامع عن الشارع، خسر كثيراً .. وإذا اغترب الشارع عن دين الجامع، خسر كثيراً ..
وفي الحالتين تظل الأزمة قائمة: أين يُحدّد الدين إقامته؟
وحين رحلت فراشات الأسئلة .. صارت الأسئلة كومة رماد!
( 3 )
يتجاوز الصوفيّ اللغة المباشرة في خطابه اليومي إلى ابتكار لغة أخرى تتجاوز النص الحرفي إلى المجاز.
سأل عمرُ بن الخطاب حُذيفةَ بن اليمان عن حاله، فأجابه الأخير بأنه صار يحب الفتنة، ويكره الحق، ويُصلّي بغير وضوء، وأن له في الأرض ما ليس لله في السماء.
وحين أستبدّ الغضب بعمر، أفهمه علي بن أبي طالب سرَّ قول حذيفة، مُبيّناً له أن قوله إنه يحب الفتنة يعني المال والبنين، لقوله تعالى: "إنما أموالكم وأولادكم فتنة ..."، وقوله إنه يكره الحق يعني به أنه يكره الموت، وأما أنه يصلي بغير وضوء معناه أنه يصلي على النبي في كل الأوقات وبدون وضوء بالطبع، والذي له في الأرض وليس لله في السماء فهو الزوجة والولد.

وقتلوا الحلاَّج بسبب استخدامه المجاز والكناية في شعره وكلامه اليومي، من قبيل قوله "ما في الجُبّة الاَّ الحق"، قاصداً الموت، فيما الجهلاء يظنون أنه يقصد الله. ولم يكن حينها علي أو من هو في علمه ودرايته موجوداً ليُفسّر قول الحلاج للناس.
وكان ابن عربي يسير بين العامّة ناقداً: "الذي تعبدونه تحت حذائي". وفيما ظنَّ هؤلاء أنه قد كفر بالله، كان هو يقصد المال وزخرف العيش والجاه والسلطة، وغيرها من المباهج المفسدة.

مقالات

برفقة شوبنهاور.. حين يكون اليأس دافعًا أصيلًا للحياة

اليوم الثالث برفقة شوبنهاور، كان اسم هذا الفيلسوف في ذهني، يجلب معه إيقاع "الشوكة". يبدو كئيبًا ويعدك بالقنوط، ولهذا تأخرت في الإصغاء إليه. كنت بحاجة إلى التهيؤ له، ترقُّب تلك الحالة الذهنية الجسورة للاقتراب منه

مقالات

بيع الوطن بالتجزئة

أصبحنا، ونحن ننظر إلى الوطن اليوم، وكأننا ليس في وطننا بل في وطن يمتلكه مجموعة من الناس، الذين يحكمونه بالحديد والنار، ويمتلكون فيه كل شيء؛ من الهواء والطُّرق والسواحل والخطوط الطويلة بين المدن، وكأنهم يملكون الشروق والغروب والهواء والمطر.

مقالات

مقالة في الشعر

هنالك أشخاص يكتبون الشعر، وشعراء يحصلون على الجوائز، وشعراء يتم تكريسهم كأسماء رنانة، وشعراء يتم ترويجهم عبر أجندات وجماعات؛ كل ذلك لا علاقة له بالشعر. كثيرون بلا عدد يكتبون الشعر، لكن الشعراء نادرون.

مقالات

حكاية المُسَفِّلة غيوم عالم (2)

كانت المُسَفِّلَةُ غُيُوْمْ عَالم تدرك بأن عليها لكيما تضمن حرية التنقّل بين العالمين وتمارس مهنتها كمُسَفّلة أن تحتفظ بعذريتها فلا تتزوّج ولا تدع أحدا يقترب منها باسم الزواج، أو باسم الحب، ولأنها جميلة كان هناك من يحوم حولها ظنا منه بأنها، وإن كانت ترفض الزواج، لن ترفض الحب، وكان أولئك الذين خابت آمالهم في الزواج منها يأملون أن يصلوا إلى بغيتهم عن طريق الحب

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.