مقالات
طبيعة التسوية السياسية المرتقبة وسؤال الأحزاب السياسية (3/2)
عطفاً على ماذكر نستطيع القول بأن مثل هذه المعطيات السياسية والعسكرية القادرة على أن تلقي بظلالها اليوم وغدا على نتائج ومخرجات اي تسويات سياسية مرتقبة في اليمن هي بحد ذاتها اي المعطيات نتيجة طبيعية للتراجيديا المشهدانية التي تشكلت خلال عشر سنوات من عمر الإنقلاب والحرب في اليمن وليست سببا من أسبابه .
خصوصا إذا ما عدنا إلى نقطة البداية - اللاوطنية - أو إلى جذر التكوين المفصلي في هذه السياقات التي أفرزت معطيات غير وطنية ووسعنا دائرة الرؤية التحليلية في هكذا عودة تجاه حاضر المشهد اليمني هذا من جهة أولى ومن جهة ثانية مع عودتنا إلى نقطة البداية بنينا رؤيتنا التحليلية على محددات السؤال الجوهري الذي أريد بهكذا معطيات إزاحة محتواه السياسي والاجتماعي من على طوالة اي مشاورات أو تسويات سياسية مرتقبة في حاضر اليمنيين اقصد السؤال القائل لماذا حدث الإنقلاب والحرب في اليمن ؟
ما يعني في النتيجة النهائية، (وبناء على إزاحة هذا السؤال المفصلي من طاولة المفاوضات ) ذهاب اليمنييون إلى قبول تسوية سياسية تفرض عليهم بقوة ما هو كائن ={ سياسياً وعسكرياً } وبنفس الوقت تخليهم عما يجب أن يكون مؤسسا للمستقبل الذي يجب أن يكون، كما هو الحال مع ما هو متوقع في ظل النسوية المرتقبة.
لاسيما وأن مسار الإنقلاب والحرب قد أفرزت معطيات سياسية وعسكرية بقدر ما نجدها من جهة أولى قد أصبحت تشكل حالة موضوعية ناظمة على طاولة المشاورات السرية بين الحركة الحوثية والسعودية، فإن الأخذ في اعتباراتها كأمر واقع في أي مخرجات سوف يكون من جهة ثانية على حساب مستقبل اليمنيين الذي يجب أن يتأسس على الفكرة الوطنية التي تحقق مصالح الشعب .
وإذا كانت مصلحة اليمنيين كما هو حال غيرهم من شعوب العالم تمكن في تحويل بلادهم إلى دولة ووطن للجميع وفي المقابل إذا كانت التسوية السياسية المرتقبة بمنطق المعطيات السياسية والعسكرية المذكورة غير قادرة على إنتاج شروط التحول الوطني في اليمن، فإن السؤال الآخر الذي يجعل هذه المعطيات السياسية والعسكرية تحصل حاصل لفكرة الإنقلاب يقول من كان المتضرر من هكذا تحول سياسي واجتماعي أوشكت ملامحه التكوينية أن تتشكل وتتقدم نحو المستقبل قبل عشر سنوات وبطرق سلمية ؟
لاسيما عندما أوشك اليمنيون على الشروع في تنفيذ أهم المكتسبات السياسية لثورة 11 فبراير 2011م، اقصد مؤتمر الحوار الوطني الشامل ودستور الدولة الاتحادية الذي أصبح قبل حدوث الإنقلاب على المستوى السياسي معني وطنياً في مسألة إلغاء دولة المركز المقدس خصوصاً وأن هذه الأخيرة هي الحاضرة دائما في عملية ضرب مشاريع الدولة الوطنية الديمقراطية منذ ثورة الـ26 من سبتمبر، ومروراً بالوحدة اليمنية، ووصولاً وليس باخر المواجهات ضد الفكرة الوطنية، كان الإنقلاب على الثورة الثالثة في الـ 21 من سبتمبر 2014م.
إذن الحديث في مالات الإنقلاب والحرب اقصد في سؤال المعطيات السياسية والعسكرية التي أصبحت اليوم محيطة باي تسويات سياسية مرتقبة و متحكمة في مخرجاتها على حساب المستقبل، يجب أن يبدأ من تحليل الواقع السياسي الذي استدعاء الإنقلاب والحرب في اليمن وليس من نتائجه،
Hي أن الحديث في أسباب الإنقلاب سوف يقودنا إلى فهم طبيعة التسوية السياسية المرتقبة والأطراف المتحاروة على طاولتها بل سوف يقودنا حتماً إلى تقديم الإجابة المتعلقة بالسؤال القائل لماذا فقدت الحرب فكرتها الثورية في اليمن طالما وهي حرب اشتعلت في وجه انقلاب الحركة الحوثية ؟
خصوصاً وأن طرح مثل هذا السؤال المرتبط أساسا بمشروعية الحرب والتدخل العسكري ضد الانقلاب على الشرعية في اليمن لا يبدو اليوم مؤلم على الصعيد الوطني من زاوية الإحباط الذي أصاب الكثيرين من الحالمين في مسألة تحقيق المستقبل الذي يجب أن يكون في اليمن فحسب، بل هو أيضا مؤلم جدا من زاوية الثمن الذي دفعه اليمنييون في سبيل شرعية التوافق الوطني خلال عشر سنوات في ظل هذه الحرب التي يفترض أن يكون السلاح فيها قد خاض معركة التغيير الوطني وانتج في الواقع شروط ومعطيات التسوية السياسية التي تحول اليمن إلى دولة وطنية مدنية ديمقراطية اتحادية.