مقالات

عن دجاج الحوثي وفقَّاسة المراكز!!

12/05/2022, 13:08:25
المصدر : خاص

في أواخر شهر رمضان وعشية عيد الفطر، ارتفعت أسعار الدواجن في صنعاء بطريقة مبالغ فيها، وصلت إلى الضعف عما كانت عليه بداية الشهر، الذي دخل أصلاً بموجة غلاء فاحشة؛ كان تبرير أصحاب المحلات، في السوق القريب، بأن ملاك المزارع  قللوا الإنتاج من أجل التحكم بأسعار مرتفعة مع دخول العيد، ولم يربطوا الأمر، هذه المرة، بارتفاع أسعار الأعلاف وكلفة النقل، لأن توفّر المشتقات النفطية وهبوط سعر الصرف قليلاً منذ بدء سريان الهدنة، مطلع أبريل الماضي(بداية رمضان)، كان سيبهت هذه الحجة أو الرواية، التي كثيراً ما كانت تستخدم كذريعة لرفع أسعار هذا المنتج وغيره.

الأمر لم يتغيّر بعد إجازة العيد، إذ استمرت الأسعار في تصاعد غريب، حتى إن صديقاً رافقته في مشوار قصير، صباح يوم الاثنين الماضي، دفع أمام عيني ثلاثة الآف وخمسمائة ريال (ستة دولارات ونصف الدولار تقريباً) ثمناً لـ750 جراماً من لحم الدجاج من المحل الذي يتعامل معه منذ سنوات طويلة، وقال لي الصديق إن ما دفعه قبل يومين لكمية أكبر قليلاً (كيلوجرام واحد) كان ثلاثة آلاف ريال (خمسة دولارات ونصف تقريباً).

 في مساء اليوم نفسه، قرأت منشوراً تهكمياً لصديق، عليم ببواطن الأمور، يقول فيه إن عشرين مليار ريال جناها الحوثيون من مزارع الدجاج في محيط العاصمة فقط خلال العشر الأواخر من رمضان، وإن إجمالي ما جنته الجماعة من المزارع في المناطق التي تسيطر عليها، وسط اليمن وغربها، تتجاوز المائة مليار ريال.

اتصلت بصديق موثوق من أجل أن يتحقق من معلومات مثل هذه، فقال لي إن الحوثيين عيّنوا أشخاصاً في كثير من المزارع، مهمتهم جباية ثلاثمائة ريال عن كل دجاجة يقوم المُلاَّك بتوريدها إلى الأسواق أو بيعها لوكلاء يتولون عملية التسويق، وكان المبرِّر لهذه القرصنة تحصيل أموال الزكاة من باب زكاة المواشي والأنعام، وفي تفريع خاص يسمونه باب "زكاة مزارع الدجاج اللاحم"، التي يتوجب عليها الزكاة، لأنها تعود على صاحبها بالمال الوفير، وإن نِصَابها هو 2,5% في تقديراتهم.

أين تذهب مثل هذه الجباية الكبيرة، التي تعود على خزانة الجماعة بهذه المبالغ المهولة؟ مثلها مثل بقية الجبايات في قطاعات حيوية أخرى (الضرائب، والجمارك، والأوقاف، والوقود، ورسوم النظافة، وغيرها)؟
 الإجابة هي أننا نعلم جميعاً أنها لا تذهب لخدمة المجتمع على الإطلاق، وعلى رأسها مرتبات الموظفين الموقوفة، بل تذهب لتقوية مشروع الجماعة، وإنتاج طبقتها المسيطرة من المحاسيب، التي ابتلعت كل إيرادات الدولة، وبدأت تظهر على هيئات عقارات ومبانٍ ومشاريع استثمارية كبيرة في قطاعات الطاقة (محطات وقود محطات إنتاج الكهرباء الخاصة) في العاصمة والمدن الأخرى الواقعة تحت سيطرتها.

حتى الخدمات الشحيحة، التي تقدّمها بعض الجهات الحكومية (في الصحة ومياه الشرب والتعليم)، وتتباهى بها كإنجازات لا تنفق عليها الجماعة، وتتولى الإنفاق عليها منظمات دولية وإقليمية، ومع ذلك تصير هذه الخدمة سلعة تتاجر بها عندما تقوم بفرض موالين لها كمسؤولين تنفيذيين في الجهات، يتحكمون بإيراداتها كما ترغب.

لم تكتفِ الجماعة بمراقبة أعمال الجمعيات والمؤسسات الخيريّة المرخص لها وموازناتها وأنشطتها، وفرض نسب معلومة من تمويلات الأنشطة والبرامج لصالح هيئة تتبعها، وأنشأتها لهذا الغرض، بل وفرضت عناصر موالية لها في عديد من الجمعيات والمؤسسات في مواقع تنفيذية، وبغير رغبات منشئي هذه المؤسسات والمنفقين على أنشطتها.

(2)

دأبت الجماعة، منذ ستة أعوام، على إطلاق أنشطة المراكز الصيفية في المدارس والمساجد، لاستهداف ألوف الأطفال في سن التكوين الباكر، في واحدة من أدوات التأثير التي تتبعها الجماعة على شريحة في المجتمع في سن خطيرة للغاية، بعد أن أجرت العديد من التعديلات على المناهج الدراسية لخدمة مشروعها الاستحواذي القائم على التجهيل.

 قبل المرحلة الحوثية، كانت جماعة الإخوان - حزب الإصلاح لاحقاً- يقوم بالدور ذاته، حين كانت جزءاً من بنية السلطة في أكثر من أربعة عقود، وهو أمر يشير إلى تطابقات المشروعين، لأن الجماعات الدِّينية  بشكل عام، تدرك أن استهداف مثل هذه الشريحة يسهل عليها مراكمة قاعدة جماهيرية مطوَّعة، يمكن الخوض بها في أي طريق كان للوصول إلى الحكم، أو تصليبه، خصوصاً وأن ما يقدّم في هذه المراكز من محاضرات تلقينية لتقديس الخرافة، وأنشطة ذات منزع قتالي على هيئة ألعاب رياضية (كارتية وجودو وتايكوندو ورماية)، يعزز هذا التوجّه.

أكثر الأطفال، الذين زُج بهم في جبهات القتال، طيلة السنوات الماضية، وراحوا ضحايا ووقود حرب مستديمة، مروا عبر هذه المراكز، وتشبعوا بخطاب الجهاد والشهادة، التي لُقنوا بها في محاضرات متخصصين بالتحشيد، تلقوا دورات تدريبية عالية في قضايا التكوين النفسي والتأثير المعنوي، ويعملون في بيئات مُجهَّلة عن قصد ليسهل تطويعها.

هؤلاء الأطفال نسخة جديدة من أولئك الذين تم حشدهم إلى جبهات القتال في أفغانستان لمحاربة القوات السوفييتية، التي اجتاحت أفغانستان في ديسمبر 1979، ولعبت المعاهد العلمية وقتها دور الفقاسة العظيمة في تخريج ألوف (المجاهدين) الشبان الذين لا علاقة لهم بصراع دولي بين معسكرين، استخدما كل الوسائل للتحشيد بما فيها الشعارات الدينية التي قاتل تحتها أولئك الضحايا، وتكسَّب منها أمراء الحرب الذين صنعت منهم الدوائر الاستخباراتية زعماء روحانيين مقدّسين (بلحوم مسمومة). فقَّاسة الأمس صارت تقوم بها اليوم المراكز الصيفية للحوثيين، وبشعارات زائفة تنطلي على الكثيرين.

مقالات

أبو الروتي ( 14 )

كان المعهد العلمي الإسلامي يتبع الشيخ محمد سالم البيحاني -خطيب وإمام مسجد العسقلاني في كريتر- وكان مدير المعهد هو الأردني ناظم البيطار، الرجل الذي كان مجرد ظهوره يثير فينا الرعب.

مقالات

ما العمل؟

عندما قرأ مقالي «ماذا ننتظر كيمنيين؟»، عَقَّبَ الأستاذ المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير بسؤال: «ما الحل؟»، و«ما المخرج؟»؛ وهو «سؤال العارف». وقد وردَ في الأثر: "ما المسئول بِأعلمَ مِنْ السائل".

مقالات

"أيوب طارش".. اسم من ذهب

ما أكثر ما تعرَّض أيوب طارش لعداوات ساذجة من بعض المحسوبين -بهتانا- على رجال الدين، وخطباء المنابر المنفلتة، ليس آخرهم عبد الله العديني، الذي أفسد دينه ودنياه وآخرته بإثارة قضايا هامشية لا تهم أحدا سواه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.