مقالات
مسمار آخر في نعش الانتقالي
كنت مأخوذا بسلوك "فهمي" العالي، وأخلاقه النبيلة، البارحة اختطفته قوات تابعة للمجلس الانتقالي في عدن، فاستعدت شريطا من الذكريات.
في المحاضرة، سألت صديقي أنيس الجهلاني، الذي يتوسطنا في مقاعد الدراسة بسنة ثانية إعلام، من هذا الشاب المهذّب؟
قال: "فهمي العليمي".
كان هذا قبل نحو 20 سنة تقريبا، لا أبالغ إن قلت إننا أصدقاء منذ تلك السنة (2002)، تاليا صرنا أيضا زملاء في العمل الصحفي.
كان صاحبي متواضعا خفيف الظل، وبسيطا كأي شاب قادم من ريف مدينة تعز، وتحديدا من مديرية جبل حبشي، إلى صنعاء.
كان هادئا سمحا، تتجسد في ملامحه أُلفة ابن القرية البسيط المكافح..
لا أتذكَّر أنه أساء معاملة أحد، كان واحدا من توليفة طلبة أكثر ما يميِّزهم القلق والكفاح، مِيزة الدفعة العاشرة في كلية الإعلام - جامعة صنعاء.
إنها تزخر بأسماء زملاء مميّزين بأخلاقهم ومهنيتهم، وكان فهمي واحدا من هذه الكوكبة..
محافظته على سلامه النفسي مكّنته من التعامل بِرُقي وشهامة كانت ملفتة طيلة هذه السنوات.
لا أدري ما الذي سيجنيه الانتقالي، بجناحه العسكري (الحزام الأمني)، من اختطاف وإخفاء صحفي أعزل لجأ إلى عدن، وأقام فيها بحب وسلام مع أسرته منذ اجتياح مليشيا الحوثي صنعاء.
هذه الحادثة لن تكون سوى مسمارا آخر في نعش الانتقالي، أطلقوا الرجل، وأعيدوه إلى أسرته، بهذه المعاملات حوّلتم عدن إلى مستنقع!!!