مقالات

نجمان مضيئان

20/08/2023, 06:56:51

 

عبد الله ناجي إنسان كثير رائد من رواد الشعر الغنائي، والنقد الحديث والسرد. خرج من قريته في جبل صبران – تعز متجهاً إلى عدن، وبعد أن درس المبادئ الأساسية في القرية، التحق أربعينات القرن الماضي بالتعليم الحديث في عدن (المدرسة الأهلية) بالتواهي.

انتمى باكرًا لحزب البعث، ليكون من القيادات القومية المؤسسة للبعث في اليمن عام 1956، كما يشير أحد رفاقه: يحيى محمد سيف المفلحي. ومنذ النشأة كان ابن ناجي النابغة متفوقًا في إبداعه؛ في كتابه الملحمة (نشوان والراعية)، 1965، وفي قدراته التنظيمية في جذب العديد من الكوادر الحزبية للحزب القومي الحديث (حزب البعث العربي الاشتراكي)، وفي تنسيب القيادات البعثية، وفي الحركة الطلابية؛ حيث يذكر رفيقه الأستاذ حسن شكري أنه قد صاغ بيان الاتحاد العام لطلاب اليمن.

عبد الله سلام ناجي المثقف الأديب، والمناضل لا ينقصه الذكاء والشجاعة. يذكر زملاؤه في القاهرة إبان الدراسة الجامعية مقدرته على تحشيد الطلاب، سواء إبان الوحدة بين مصر وسوريا؛ وهو ما تسبب في خروجه من مصر، والتحاقه بالدراسة في دمشق، وقد ظلت قضية خروجه من مصر تلاحقه كلما زار القاهرة.

الحقيقة أن إبداعه، رغم غزارة إنتاجه، لم يشفع له في أخذ حقه في العمل والوظيفة؛ فقد ظل دوره القومي التأسيسي، وكفاحه الوطني يلاحقانه حتى رحيله في العام 1999؛ فعبد الله سلام رائد في تأسيس الحركة السياسية الحديثة، وهو رائد في حركة المعارضة الوطنية والقومية، ورائد في الإبداع الشعري والغنائي، كما كان رائدًا في تأسيس الحركة الطلابية، التي كان لها الدور المشهود في الثورة اليمنية سبتمبر 1962، وأكتوبر 1963، وكان في رأس التحضير لتأسيس اتحاد الأدباء والكُتاب اليمنيين في 1971، وكان في قيادته منذ المؤتمر العام الأول، وعضوًا في مجلة "الحكمة" الناطقة باسم الاتحاد؛ بل إن كتابه "الواقع والانتماء" كان في الأساس البحث المقدم في المؤتمر العام الأول للاتحاد الأدبي.

كان عبد الله سلام - على عمق معارفه واطلاعه، وتعدد إبداعه، وعمق تجربته الكفاحية، وريادته في النضال القومي- شديد العزوف عن الظهور، أو التطلع للوظيفة؛ فهو شديد التواضع، باذخ في الزهد، محب للحرية، والحياة، والناس لا تلقاه إلا باسمًا مقتنعًا بدوره فيما قدم لأمته وشعبه، ومترفعًا عن الصراعات الكالحة.

ريادته في الانتماء الحزبي، والكفاح القومي تتساوق مع ريادته في حداثة الشعر، وفي الشعر الغنائي والعامي منه بخاصية؛ فقصيدته العامية ريادة وتجديد في العامية اليمنية، وتجديد في العامية اليمنية، وتحديدًا التعزية، وقد تركت أثرًا عميقًا على شعراء العامية اليمنية: القرشي عبد الرحيم سلام، والدكتور سلطان الصريمي، والشاعر  محمد عبد الباري الفتيح، ويتشارك الريادة في إغناء الهجرة بالكلمة مع الشاعرين: محمد أنعم غالب، ومطهر علي الإرياني، ومع الروائي رائد الرواية اليمنية محمد عبد الولي، ويتنافس على إبداعه الشعري بالعامية الحديثة كبار الفنانين اليمنيين: محمد مرشد ناجي، ومحمدعبده زيدي، وفرسان خليفة، وإسكندر ثابت، وجابر علي أحمد، وآخرين.

كتب عنه كثيرون، ومنهم رفيق دربه الدكتور سلطان الصريمي، وهو من أهم قراء تجربة ابن سلام، ويعتبر ابن سلام أيضًا من كبار مبدعي الأغنية الشعبية، وله عدة دواوين، وغنى له كبار الفنانين محمد مرشد ناجي، وأيوب طارش، وعبد الباسط عبسي، وآخرين، كما كتب عنه الدكتور المقالح في رسالته للدكتوراة (شعر العامية في اليمن)، فاعتبره المقالح واحدًا من أبرز شعراء القصيدة الجديدة في اليمن، ومن مؤسسي شعراء القصيدة الجديدة في اليمن، ومن مؤسسي الحركة الحديثة في شعر العامية، وظهرت بواكيره الشعرية، واليمن على عتبة الثورة تتحسس طريقها نحو ما أنجزه العالم في القرن العشرين؛ فكانت إرهاصًا حقيقيًا بالتحولات الجذرية في الحياة السياسية والاجتماعية.

يضيف الدكتور المقالح: "واعترف بداية أن هذا المنحى الاجتماعي والسياسي في شعر عبد الله سلام لم يجد من يرصده، وربما أسهم الشاعر نفسه في إسدال ستار النسيان على المرحلة الأولى من تجربته الشعرية، ربما لارتباطه بمواقف سياسية سببت له كثيرًا من العنت، وعرضته لقدر غير قليل من الإحباط، والشعور بالمرارة والألم". (شعر العامية في اليمن)، ص 423 و424.

والواقع أن ملاحظة أستاذنا صائبة فيما تعرض له المبدع الكبير والمناضل، وهذا قد يعني بالنسبة لاستمرار إبداع ناجي لحظة معينة، وإلا فمعروف تواصل عطاء ناجي: "رسالة من دثينة"، و"سلام للفهم"، و"عن البطل غيلان في معركة الجولان 1973"، وعشرات القصائد الثورية.

وقد تتبع الزميل الناقد محمد عبد الوهاب الشيباني جل أغاني الفقيد في قراءة مائزة.

كما تناول الدكتور أحمد قايد الصايدي- رفيق ناجي- جانبًا مهمًا من حياته، ومسيرته الكفاحية العطرة في الاحتفاء التكريمي الذي أقامه "منتدى الحداثة والتنوير"، مشكورًا في صنعاء، وكرم فيه المحامي أحمد علي الوادعي، والشاعر محمود الحاج، والأستاذ علي الجمرة، وهدى أبلان- الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

وإذا كان احتفاء منتدى الحداثة تحية طيبة للراحل؛ فإن الأهم هو الإعداد لندوة يتشارك فيها المهتمون بأعمال وحياة وإبداع المناضل والمبدع.

أتذكر، وأنا معلق في زنازين الأمن الوطني في صنعاء عام 1983، وضربات وركلات أرجل جلاوزة الأمن الوطني تنهال على جسمي- كنت أردد مقطوعته:

سعليك لا تفتجع

شل الفجع واحجبه

في القليب الصغير احجبه

وإن فاش في وجهك وبان

سيبه

يكبر معك سيبه

كيف شاتلاقي الضنى والحنين

والدهر قدامك معبا سنين

كنت أرددها كتعويذة.

أما النجم الثاني أحمد الوادعي- شفاه الله- فلنا معه وقفة أخرى.

مقالات

أبو الروتي(4)

(كنت كلما سمعت خطيب الجامع يتكلم عن بنات الحور تذكرتُ فاتن حمامة) عندما وصلت بيت جدي، علي إسماعيل، لم يكن جدي موجودا، وإنما كانت هناك جدتي آمنة، وقد استقبلتني بحرارة، وكانت ظريفة وخفيفة دم، حتى إنني أحببتها من طريقة استقبالها لي، ومن طريقتها في الحديث.

مقالات

عن شعر يمني جدد الأدب العربي

كان شعر العامية اليمنية في زمن الدولة الرسولية والطاهرية، وتحديداً الشعر الحميني الذي اكتمل كلَونٍ جديد، ثورة تجديدية في الأدب العربي، في رأي الدكتور عبدالعزيز المقالح.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.