مقالات

هل سننجوا من هذا الفخ؟

08/10/2021, 08:15:34
المصدر : خاص

سؤال يلازمنا كظلنا في النهارات، ويختلط بأنفاسنا وأحلامنا في المنامات.. هل سننجوا من هذا الفخ القاتل؟ فبعد سبع سنوات من الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، من مقدرات اليمنيين الفقراء وسدت، أمامهم كل منافذ التفاؤل وآفاقه، صارت الإجابة عن هكذا تساؤل وبكل بساطة "لا"، ولن ننجوا منه في المدى المنظور على الأقل.

الحرب حفرت عميقاً في "أفئدة" اليمنيين، وجعلتهم أكثر عرضة للتمزق والتناحر، ولم يعد يجمعهم كمسمى غير هويات تجزئية متعصبة، لا ترى في الغير القريب سوى عدو ملبوس بالجحيم.
أما الصوت النابذ والمجرِّم للحرب والتفكك، الذي يتشكّل خارج مساحات التقاتل، لم يزل ضعيفاً، ولا يمكن التعويل عليه  تماماً كحامل للسلام حتى الآن ، لأن المصدّات التي تتعاظم في وجهه كبيرة وعظيمة، ويوجهها أولئك الذين يرون في الحرب واستدامتها إحدى البوابات التي ستنفذ منها مشاريعهم التفكيكية والانعزالية، حتى وإن دفع فقراء اليمن الكثيرون أكلافها  الباهظة.

الحرب أخذت تتموضع في مساحات جديدة على الخارطة، وتصل إلى مناطق تُغري على استمرارها، لأسباب اقتصادية ومذهبية (حرب الأيام الأخيرة الملتصقة بمأرب وشبوة).. وفي عدن حُملِّت أحداث 'كريتر'، مطلع شهر أكتوبر الحالي، المؤلمة بين مليشيات مدعومة من قطبي التحالف في المدينة، أوجها مناطقية بشعة، بتنسيب إمام النوبي القائد السلفي السابق لمعسكر 20 في قلب المدينة إلى منطقة شمالية في تعز (الصلو)، حتى يأخذ شكل الصراع هذا المنحى الخطير، والقفز على الاختلال العميق في البنية الهشة للنظام الأمني في العاصمة المؤقتة، التي تحوّلت إلى مربّعات نفوذ تتمترس فيها جماعات مسلحة متباينة الولاءات، محسوبة على رعاة الحرب ومموليها.

انهيارات العملة المتسارعة،  خلال الأشهر القليلة الماضية، وبشكل غير مسبوق في المناطق التي ليست تحت سيطرة الحوثيين، وما لازمها من ارتفاعات جنونية في أسعار السلع والخدمات، جعلت المكتوين بنارها المستعرة في مناطق عدن وحضرموت وتعز  يخرجون إلى الشارع تعبيراً عن غضبهم الشديد، وإدانتهم للجهات المسيطرة فيها، التي لم تستطع إيقاف هذا النزف المتسارع، وترافق هذا الخروج مع أعمال عنف وصدامات مع قوى أمنية محسوبة على تلك الجهات، التي هي في الأصل  جهات مليشياوية أكثر من كونها قوى منظمة تتبع مؤسسات دولة، ولا يحكم عملها وينظمها قانون معروف وواضح.

وتتبع هذه القوى الجهات المسيطرة على الأرض (الانتقالي في عدن، والنخبة في حضرموت، وحزب الإصلاح في مدينة تعز)، التي لم تتورّع جميعها في قمع المحتجين، ووصم تحرّكهم كجوعى ومضطهدين بالمؤامرة.

بعد شهر من تصفية عبدالملك السنباني، الشاب العائد من الولايات المتحدة الأمريكية في إحدى النقاط الأمنية (الشطرية) التابعة للواء التاسع صاعقة في 'طور الباحة'، تمّت تصفية الممرض عاطف الحرازي في منطقة قريبة منها، بعد أن رفض دفع إتاوة بمبلغ مائة ألف ريال.. المشكلة تكمن في مرور القضية الأولى مرور الكرام بدون أي محاسبة للقتلة، بل ووجود من يدافع عن فعلهم  الشائن من قِبل ناشطين وصحفيين، ومحاولة تمييعها بتحويل الجُناة إلى النيابة العسكرية التي تتبع المجلس الانتقالي، وليس إلى الجهات القضائية الرسمية، هي التي شجّعت قتلة آخرين من الصنف ذاته من تصفية عاطف، الذي استدعى من منظمة 'أطباء بلا حدود'، التي يعمل عاطف في أحد المستشفيات التابعة لها في منطقة 'ذي السفال' في محافظة اب، إصدار بيان إدانة،  ومطالبتها الجهات ذات العلاقة بمحاسبة القتلة، الذين سيجدون هم الآخرون من يبرر لهم فعلتهم، مادام دم الضحايا من البسطاء رخيصاً في حسابات المتحاربين والمنفلتين معاً، وليس هناك من دولة  تحميهم أو تقتص لهم.

وبين الحالتين، برزت حالة إعدام تسعة من المواطنين -أغلبهم من تهامة- في ميدان عام في العاصمة صنعاء، بتهمة الضلوع في عملية تصفية صالح الصماد القيادي في الحركة الحوثية بعد محاكمات صورية، لم تتوفّر فيها شروط النزاهة، كما قالت المنظمات المهتمة بقضايا الحقوق والحريات، وكان الهدف منها -حسب قراءات متعددة- تهدئة اللعبة بين أجنحة الحركة  المتصارعة، التي بدأت تأخذ طابعاً ثأريا بمتوجبات تراتبية داخل البنية السلالية، وتقاطعات المصالح بداخلها.  
هذه الأمثولات القليلة على الحالة التي يعيشها اليمنيون، التي قد تبدو للبعض هيّنة وستعبر مثل غيرها من القضايا، ولن تترك أثراً في وضع من اقترفها، هي في الأصل تعبِّر عن المأزق الذي وصلنا إليه، وصار معه دم الضحايا وجوعهم واضطهادهم  ليس ذا حرمة من الممسكين بالسلطة، بل ويصير جزءاً من لعبة السياسة وتبريرات أفعالها.

لن ننجوا من هذا المأزق طالما وهناك من يستثمر في هذا الدّم المُراق، وفي هذا الجوع الذي يقتاته الفقراء، وفي هذا الاستبداد المسلّط على رقابهم.

مقالات

أبو الروتي ( 14 )

كان المعهد العلمي الإسلامي يتبع الشيخ محمد سالم البيحاني -خطيب وإمام مسجد العسقلاني في كريتر- وكان مدير المعهد هو الأردني ناظم البيطار، الرجل الذي كان مجرد ظهوره يثير فينا الرعب.

مقالات

ما العمل؟

عندما قرأ مقالي «ماذا ننتظر كيمنيين؟»، عَقَّبَ الأستاذ المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير بسؤال: «ما الحل؟»، و«ما المخرج؟»؛ وهو «سؤال العارف». وقد وردَ في الأثر: "ما المسئول بِأعلمَ مِنْ السائل".

مقالات

"أيوب طارش".. اسم من ذهب

ما أكثر ما تعرَّض أيوب طارش لعداوات ساذجة من بعض المحسوبين -بهتانا- على رجال الدين، وخطباء المنابر المنفلتة، ليس آخرهم عبد الله العديني، الذي أفسد دينه ودنياه وآخرته بإثارة قضايا هامشية لا تهم أحدا سواه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.