مقالات

يوسف وعمر

26/09/2020, 11:49:03
المصدر : خاص

عرفتُ مناضلين حقيقيين وأقمار تنوير ورموز تثوير من طراز وحجم يوسف الشحاري وعمر الجاوي عن كثب، فأدركتُ لماذا عاشوا وماتوا صُفْر الجيوب وخُضْر القلوب وبِيْض الدروب.

تعلَّمتُ من يوسف وعمر دروساً كثيرة، كبيرة وخطيرة. وتعلَّمتُ من آخرين من أضرابهما دروساً مماثلة، وإنْ اختلفتْ العناوين والأسماء والتفاصيل والأحداث. وأمثال يوسف وعمر ليسوا بنادرين في هذا البلد، وإنْ كانوا قِلَّة.
فما الذي تعلَّمته من هذين وأولئك؟.

أولاً: أن المناضل الحقيقي شريف بالضرورة ونظيف بالمطلق. لا يلتقي طريق النضال مع طريق التلوث بأيّ شكل أو لون أو رائحة.
ثانياً: أن قمر التنوير لا يعرف الخسوف، بل يظل يُنير الدروب والقلوب والأدمغة تحت كل الظروف. التنوير ليس وظيفة بدوام رسمي.

ثالثاً: أن رمز التثوير يبدأ الخطوة الأولى من ذاته قبل أن يدعو الآخرين إلى سبيل الثورة. يجب أن يكون ثورياً في الأساس قبل أن يصير تثويرياً.
رابعاً: لا يتورَّط المناضل القُحّ في سُلطة، فإنه يكتسب بالضرورة قدراً من سُخامها، فللسلطة (أيّة سلطة عدا سلطة النبوَّة) سُخام بالضرورة.

خامساً: إذا هادنَ المناضل أو داهنَ في صغيرة هيِّنة، فعلها في كبيرة بيِّنة. المبادئ لا تقبل القسمة على أيّ رقم من أيّ حجم ولا تعرف الهندسة الفراغية.
كان هؤلاء ذوي شخصيات غير متناقضة مع نفسها وهويّات غير مزيفة. هم في بيوتهم كما هم في بيئتهم، وهم في أهلهم كما هم في قومهم، وهم في المعتقل كما هم في المقهى. منذ أن عرفهم الناس إلى أن عرفهم القبر، لم يتغيَّر لهم مبدأ ولا ضمير ولم تتبدَّل لهم صفة ولا منقبة.

قد تتبدل أفكارك بتبدُّل الأحداث، أو تتعدل مفاهيمك بتعدُّل الأزمنة، أو تتغيَّر زاوية رؤيتك نحو هذا الموضوع أو تلك القضية.. لكنك تظل أنت، في صميم المبدأ وحميم المنهج. فلا كان يوسف - مثلاً - شيزوفرينياً، ولا كان عمر ديماجوجياً، ولا كان أمثالهما ذوي نزعات تضليلية أو براجماتية بالمرة.
ليس من الضروري أن يكون المناضل فقيراً مُعدَماً، رثّ الهندام وأشعث الشعر، إنما حين يلبس الشبشب (مثل يوسف) يضعه مداساً لا رأساً، وكِناساً لا كنيساً. حين يعلو المداس على الرأس، تسقط الرأس تحت جميع الأقدام.. وهذا ما يعرفه جيداً كل مناضل أصيل.

كان للأخ صالح مواقف عدة مع يوسف وعمر. كان بعضها يطمع في امتلاك، وبعضها يهدف إلى انتقام. غير أن الموقف المُضاد من كلٍّ منهما مع الرئيس كان يُفضي دائماً إلى اصطدامه بجبلٍ من ثلج حيناً ومن بازلت غالباً. وليس مع صالح فقط. ثمة مواقف مشابهة - أعرفها - مع آخرين عديدين، في أزمنة وأمكنة وظروف مختلفة.

والمناضل الحقيقي (وهذا رأي شخصي محض) هو الذي يُنجب ويُربِّي ويُنشئ ويعلِّم عناقيد ضوء تعكس وهجه طوال العمر. انظر إلى بنات يوسف وأنجاله، أو إلى فتى عمر، واعرف أن النار لا ينبغي أن تُخلِّف الرماد، كما يزعم المثل، إنما تترك الجمر. وعلى العكس من ذلك - ومما يُؤسف له جداً - ينجح بعض المناضلين في تربية وتعليم شعوبهم ويفشلون في تنشئة أولادهم وبناتهم.

مقالات

علي محمد زيد وترجمة كتاب "الدولة والقبائل في تاريخ اليمن الحديث" (2)

لا بُدَّ مِنْ الإشارة إلى الإنجاز البحثي والعلمي الذي حققه الدكتور بول دريش في التنقيب والبحث عن «قواعد الملازم»،، التي كانت مرجعًا للعديد من الدراسات والأبحاث؛ ومن أهمها رسالتا الدكتوراة لكُلٍّ مِنْ: الدكتور فضل أبو غانم، والدكتور رشاد العليمي.

مقالات

أبو الروتي (15)

"كنت أفرح بالمظاهرات أكثر من كل أترابي، ومن كل زملائي في المدرسة، ولم يكن سبب فرحي بها لأني أكثر وعيا، أو لأن حسي الوطني أعلى من حسهم، وإنما لأني كنت أكره الدراسة"

مقالات

تأملات على أبواب العام الجديد (2025)

لم يطوِ العام المنصرف (2024) أوراقه كاملةً ويرحل، لكنه أبقى على كثيرٍ من الملفات الثقيلة مفتوحة أمام العام الجديد (2025)، فالحرب في أوكرانيا لم تضع أوزارها بعد، ولا يبدو أنها في المدى القريب، أو المنظور، ستتوقف بعد كل الدمار والآلام التي أحدثتها من قتلى وجرحى وخسائر مادية تقدّر بمليارات الدولارات

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.