مقالات

451 فهرنهايت

04/04/2022, 10:15:36
المصدر : غرفة الأخبار

( 1 )

شُكِّلتْ فرقة أُنيطت بها مهمة إِحراق الكُتب وقتْل الكُتّاب.

وفي غمرة قيامها بمهامها، أصاب الفضول أحد عناصرها، فإِذا به يختلس كتاباً قبل أن تطاله ألسِنة اللّهب. 

وحين خلا له الجو في وقت راحته، راح يُقلّب صفحات الكِتاب، ويقرأ ما يحتويه من أفكار.

أُصيب العنصر الشاب بِمَسٍّ من وعي وقبسٍ من إدراك.. لقد أصابته لعنة المعرِفة!

ثمة عوالم خصبة وآفاق رحبة راحت تتراقص في رأسه.

وثمة حدائق ساطعة الضوء واللّون أينعت في قلبه.

وثمة إحساس طاغٍ، جبّار، ينتابه لأول مرّة.

فإذا بوعيه، الذي ظل منغلقاً على قداسات معجونة من تمر ومصبوبة من خل، ووجدانه، الذي ظل غارقاً في مستنقع الطوطم والدوغما والتابو، يصفوان مُحلّقين في سماوات هي مُطْلَق البهاء والاتساع.

العنصر الشاب، الذي قرأ، تحوَّل من عنصر لإحراق النيران إلى رجل إطفاء لإخمادها.

انكشف أمر العنصر الشاب الذي قرأ، فأطلقت الفرقة النار عليه!

( 2 )

هذه القصة ليست من بنات أفكاري، إنما هي من أجواء شريط سينمائي، شاهدته قبل أربعين سنة (1982) في دار سينما "ريجل" في عدن، للمخرج الفرنسي الشهير يومها "فرانسوا تروفو "، بعنوان "451 فهرنهايت".

وهو عن رواية صدرت مطلع خمسينات القرن الماضي بالاسم نفسه، وذاعت شهرتها عالمياً بعد عرضها سينمائياً، للكاتب الأمريكي راي برادبري، وتحكي تفاصيل نظام شمولي اجتاح العالم وأدار دعايته الجهنمية عبر التلفزة، وأحرق الكُتب على درجة حرارة 451 فهرنهايت.

الكِتاب والفِلْم يندرجان ضمن الرّد المثالي على الحملة الشرسة، التي قادها السيناتور الأمريكي جوزيف مكارثي، على المثقفين والمبدعين في بلاده، تحت مظلة محاربة الشيوعية، في موجة ديكتاتورية عُرفت حينها بالمكارثية.

(3)

مات مكارثي، ولم تمت المكارثية، ولن...

وما تزال 451 فهرنهايت مشتعلة حتى اللحظة.

وفي هذا البلد، انتشرت واستشرت فرق إشعال الحرائق -عبر التاريخ الحديث والمعاصر- على نحوٍ مرعب للغاية.. أما فرق الإطفاء فظلّت تتضاءل وتنكمش وتذوي، حتى انقرضت اليوم أو تكاد.. حتى إن بعضها -أو بعض أفرادها- راح يلتحق بفرق إشعال الحرائق.. إما انكساراً في النفس، أو انحداراً في الضمير، أو انبهاراً ببريق سَقْط المتاع!

ويغدو الصنف الأخير (أي من كان في فرقة الإطفاء ثم انضم إلى فرقة الإشعال) أشد حقارة من سواه.. فقد قال الأوَّلون إن أكثر السجَّانين خساسة هو سجين سابق!

مقالات

وماذا بعد أيّها اليمن العنقاء!

لم تَعُدْ كلُّ الكتابات السياسية، والتحليلات، والتنبؤات، ونشرات الأخبار، والتقارير، وهلمَّ جرًّا، تعني شيئًا لليمن المتشظِّي، المفتَّت، والمقسَّم، والممزَّق بين ميليشيات باغية في كل زواياه، وجباله، وسواحله الممتدّة.

مقالات

"أسوأ من الموت بغارة جوية"

"الجائحة الحوثية باقية وتتمدد"، هذا ما صرَّح به الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ضمنيا حول وقف الغارات الجوية على مواقعهم مقابل عدم استهدافهم السفن في البحر الأحمر.

مقالات

عندما ترتجف المليشيا من فنان!

لا شيء يُرعب الطغاة كصوت الفن، ولا شيء يُعري القبح السلطوي كجمال النغمة الصادقة. الفن ليس ترفًا، ولا مجرد وسيلة للتسلية في حياة الشعوب. الفن، بمعناه الحقيقي، وعيٌ جمالي عميق، وحسٌّ تاريخي يتجلّى في أوضح صوره حين تُعزف الحقيقة في وجه الكذب. ينبثق كثورةٍ معنوية عندما تُغنّى الحرية في مسرح السلاسل. الفن، بمجمله، هو حين يُرتّل الوطن في زمن الملكية السلالية!

مقالات

أبو الروتي (33)

كانت غرفتي في سقف الفُرن تضم مكتبتي الصغيرة، وكان أجمل ما فيها راديو كروي الشكل لم أعد أذكر كيف حصلت عليه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.