تقارير
إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.. خطوة نحو الضغط الأقصى أم مقدمة لتدخل عسكري؟
قال تحليل صادر عن معهد دول الخليج العربي في واشنطن إن إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية قد يكون إجراءً استباقيًا لتدخل عسكري مباشر ضدهم، خصوصًا بعد فشل استراتيجية بايدن القائمة على الدفاع وردع الحوثيين. وأشار التحليل إلى أن إدارة ترامب قد تتجه نحو سياسة أكثر عنفًا في اليمن، مما قد يدفع واشنطن إلى الدخول في صراع طويل الأمد في المنطقة.
من جانبها، قدّمت الحكومة اليمنية، عبر سفيرها في واشنطن، ثلاثة مطالب رئيسية للإدارة الأمريكية الجديدة، وهي: مضاعفة الضغوط على ميليشيا الحوثي، ودعم السلطة الشرعية، وتحرير الحديدة وموانئها، إضافة إلى استهداف القيادات الحوثية لإجبارها على الدخول في مسار السلام.
انتظار وضوح الصورة
يقول الخبير في القضايا السياسية والعسكرية، العميد عبدالرحمن الربيعي، إنه من المبكر جدًا قراءة المشهد السياسي والعسكري في اليمن، نظرًا لعدم كشف الولايات المتحدة عن جميع أوراقها بعد.
وأضاف: “قرار التصنيف قد اتُخذ بالفعل، لكن علينا الانتظار حتى بداية نوفمبر القادم، عندما يدخل القرار حيز التنفيذ، لمعرفة مدى جديته وما سيترتب عليه عمليًا”.
وأشار الربيعي إلى أن عدة دول، مثل الاتحاد الأوروبي وأستراليا وكندا، تفاعلت مع القرار، لكن الصورة ستتضح بشكل أكبر عند بدء تنفيذه فعليًا.
وتابع: “يبدو أن الوضع في المنطقة يتجه نحو التصعيد، خاصة بعد دخول إسرائيل على خط المواجهة مع الحوثيين، مما يعزز احتمالية تدخل أمريكي غير مباشر عبر فرض حصار اقتصادي على الحوثيين، كوسيلة لإضعافهم دون تكبد تكلفة عسكرية عالية”.
وأوضح أن الولايات المتحدة قد تضغط على حلفائها الإقليميين للقيام بهذا الدور بدلاً منها، لافتًا إلى أن الحكومة اليمنية تسعى إلى استغلال تصنيف الحوثيين كإرهابيين لدفع واشنطن نحو دعمها عسكريًا، خاصة فيما يتعلق بـ تحرير الحديدة واستهداف القيادات الحوثية.
وأكد أن إيران، التي دعمت الحوثيين لسنوات، تواجه تحديات إقليمية كبرى بعد خسارتها لبعض حلفائها في المنطقة، مما قد يجعل واشنطن أكثر جرأة في اتخاذ خطوات لتقليص نفوذها عبر استهداف الحوثيين.
وأضاف: “إيران كانت تعتمد على أذرعها في المنطقة لتحقيق مكاسب سياسية، ولكن بعد التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، أصبح الغرب، وبالأخص الولايات المتحدة، مقتنعًا بضرورة مواجهة هذا التهديد بشكل مباشر”.
وتابع: “قد لا تعلن أمريكا رسميًا عن نيتها شن حملة عسكرية، لكنها قد تستخدم قرار التصنيف كجزء من الحرب غير المباشرة ضد الحوثيين”.
سياسة الضغط القصوى
من جهته، يرى الباحث في مركز صنعاء للدراسات، مراد العريفي، أن مطالبة الحكومة اليمنية بالدعم الأمريكي ضد الحوثيين قد تكون محاولة منها لإظهار قدرتها على التعامل مع الجماعة في ظل تغييرات محتملة في المشهد العسكري.
وأضاف: “الحكومة اليمنية تدرك تمامًا أن أي تدخل عسكري أمريكي مباشر قد ينعكس إيجابيًا على الحوثيين، حيث ستستخدم الجماعة ذلك لتجييش الرأي العام الداخلي، مدعية أنها تحارب ضد إسرائيل وأمريكا، مما قد يخلق تعاطفًا شعبيًا لصالحها”.
وأوضح أن الحكومة اليمنية قد تكون أكثر ميلًا للحصول على دعم استخباراتي ولوجستي من واشنطن، بدلاً من مشاركة أمريكية عسكرية مباشرة، وهو أمر قد يعزز موقفها ميدانيًا دون إعطاء الحوثيين فرصة لتوظيف التدخل الخارجي لصالحهم.
وأشار إلى أن الخيار العسكري ضد الحوثيين ما زال غير مطروح حاليًا، خاصة أن الجماعة لا تزال تمتلك فرصة لمدة 30 يومًا منذ إعلان التصنيف، مما قد يدفعها إلى إعادة التفاوض والبحث عن حلول سياسية.
وأضاف: “حتى الآن، يبدو أن واشنطن تتبنى سياسة الضغط القصوى عبر تضييق الموارد المالية على الحوثيين بدلاً من المواجهة المباشرة، فيما يُتوقع أن تلعب السعودية دورًا رئيسيًا في تحديد مسار التعامل مع الجماعة”.
موقف السعودية ورؤيتها الاستراتيجية
أوضح العريفي أن السعودية اتخذت قرارًا استراتيجيًا بالتعامل بشكل مختلف مع الحوثيين، حيث تسعى إلى تأمين حدودها الجنوبية، وهو ما دفعها للاستثمار في مسار التفاوض خلال السنوات الماضية.
وأضاف: “المملكة تدرك تمامًا أن الطائرات المسيّرة منخفضة التكلفة قد تكون تهديدًا خطيرًا لأمنها، مما يجعل أي تصعيد عسكري غير محسوب ذا تكلفة باهظة على استقرارها”.
وأشار إلى أن السعودية تضع رؤية 2030 وكأس العالم في الاعتبار عند التعامل مع الملف اليمني، حيث تحاول تصفير المشاكل الإقليمية والتركيز على التنمية الاقتصادية، مما قد يدفعها لتبني حلول أكثر دبلوماسية مع الحوثيين، بدلاً من التصعيد العسكري المباشر.
ختامًا.. بين التصعيد والضغوط الاقتصادية
بينما تتزايد التكهنات حول إمكانية تصعيد عسكري أمريكي ضد الحوثيين، لا تزال الصورة غير واضحة تمامًا. في المقابل، يبدو أن واشنطن تفضل الضغط الاقتصادي على المواجهة العسكرية المباشرة، فيما تواصل الحكومة اليمنية دفع المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات أكثر حزمًا ضد الميليشيا.
مع اقتراب موعد تنفيذ قرار تصنيف الحوثيين كإرهابيين، سيبقى المشهد اليمني رهينًا للتطورات السياسية والميدانية، حيث ستحدد التحركات الأمريكية والسعودية في الأسابيع المقبلة شكل الصراع المستقبلي في اليمن.