تقارير
تصعيد عسكري وتحشيد واسع.. هل تسعى ميليشيا الحوثي لإشعال جولة حرب جديدة؟
خلال الأيام الماضية، وبعد هدوء متقطع استمر لنحو ثلاث سنوات، شهدت جبهات القتال في محافظة مأرب تحركات عسكرية ملحوظة لميليشيا الحوثي. تمكن الجيش الوطني من إفشال عدة هجمات حاولت الميليشيا من خلالها التقدم باتجاه مواقع القوات المسلحة، بالتزامن مع قصف وهجمات بالطيران المسيّر.
تعتمد ميليشيا الحوثي على خلق حالة طوارئ دائمة داخل مناطق سيطرتها لضمان استمرار قبضتها الأمنية والعسكرية. ولهذا السبب، لم تتوقف عمليات التجنيد الإجباري، ولا حملات التعبئة التي تبرر الحرب كضرورة لمواجهة ما تسميه بـ “العدوان الخارجي”، فضلًا عن المناورات العسكرية التي لا تُعد مجرد تدريبات، بل هي استراتيجية لإشغال الجنود وتأخير الصدامات بين جماعات المصالح والتكتلات المناطقية داخل صفوفها.
الوضع في طريقه إلى الانفجار
يقول رئيس شعبة الصحافة العسكرية بدائرة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني، المقدم رشاد المخلافي، إن ميليشيا الحوثي حاولت التسلل إلى جبهة مدغل، وأيضًا في قطاع الكسارة في الجبهة الغربية لمأرب، لكنها واجهت نيران الجيش الوطني، مما أسفر عن سقوط قتلى في صفوفها.
وأضاف أن هناك تحركات مكثفة للميليشيا تشمل شق الطرق عبر معدات ثقيلة، واستحداث مواقع وخنادق، وبناء تحصينات على نطاق واسع، مع استقدام تعزيزات تشمل معدات ودبابات وقوات بشرية على مختلف الجبهات في مأرب، من الجنوبية إلى الغربية والشمالية.
وأشار المخلافي إلى أن المشهد الميداني يوحي بأن الوضع في مأرب يتجه نحو التصعيد العسكري، حيث لوحظت تحركات وتعزيزات كبيرة في حزم العدين وشرق الجوف، وكذلك في مفرق الجوف وصرواح والجوبة، وتحديدًا في معسكر “أم ريش”، مما ينبئ باحتمال اندلاع معركة وشيكة.
وأوضح أن الضغوط الإقليمية وقطع الأذرع الإيرانية في المنطقة، خاصة بعد عودة بيروت ودمشق إلى الحضن العربي، دفعت إيران إلى تعزيز الورقة الحوثية بشكل مكثف، سواء على مستوى الخبراء أو التسليح بالصواريخ.
وأكد أن الحوثيين، في البداية، اعتمدوا على عمليات تسلل واستهداف مواقع الجيش بالمدفعية، مما أدى إلى اشتباكات محدودة، إلا أن وتيرة هذه العمليات تصاعدت مؤخرًا، إلى جانب تعزيزات عسكرية ضخمة للميليشيا، مما يشير إلى نوايا تصعيدية واضحة.
وأشار إلى أن الحوثيين يعيشون في حالة رعب، وأن الجيش الوطني ليس فقط مستعدًا لصد أي هجوم، بل أيضًا لتنفيذ عمليات أوسع على الأرض. كما لفت إلى أن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية عالميًا كان له تأثير سلبي كبير عليهم، رغم تأخره، حيث أدى إلى تضييق الخناق عليهم ماليًا وعسكريًا.
الهروب إلى الأمام
يرى الصحفي والناشط السياسي وديع عطا أن ميليشيا الحوثي تحاول الهروب من استحقاقات السلام ليس فقط على المستوى الوطني، بل أيضًا من التزاماتها تجاه الداخل اليمني، حيث تواجه غضبًا شعبيًا متزايدًا نتيجة استمرار فرض الضرائب والإتاوات ونهب الأموال العامة.
وأضاف أن الميليشيا تتهرب أيضًا من استحقاقات السلام الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى التزاماتها المالية تجاه الموظفين الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ عشر سنوات.
وأوضح أن الحوثيين يقتاتون على الحروب، فقد بنوا سلطتهم ونفوذهم عبر تأجيج الصراعات منذ 2004 وحتى اليوم، وهم اليوم يعودون لاستخدام القبيلة والنفوذ الاجتماعي كأداة جديدة لتثبيت سيطرتهم.
وأكد أن الحوثيين يسعون لاستغلال زخم عملياتهم في البحر الأحمر لتعزيز موقفهم السياسي والعسكري، عبر شن هجمات تستهدف مأرب، رغم الحشود العسكرية التي يجمعونها على مشارف المدينة.
ميليشيا تعيش على الحرب
أما الصحفي رماح الجبري، فيرى أن العقيدة القتالية للميليشيا الحوثية تشكلت في ظل الحروب، ولذلك فهي تعتبر الحرب بيئة مثالية لاستمرارها، مثلها مثل أي جماعة مسلحة تستفيد من الفوضى.
وأضاف أنه في ظل وجود دولة وقانون، تتلاشى هذه الجماعات المسلحة وتصبح ضعيفة وهشة، ولذلك تسعى ميليشيا الحوثي إلى إبقاء حالة الحرب مستمرة لتعزيز نفوذها وترسيخ سلطتها الطائفية والعنصرية.
وأشار إلى أن المجتمع الدولي بات يدرك خطورة الميليشيا الحوثية، حيث أصبحت تُصنّف على نطاق واسع كجماعة تهدد المصالح الدولية، مما يضعها في موقف ضعيف أمام الضغوط الدولية المتزايدة.
وأكد أن الحوثيين يعتمدون على استراتيجية التقدم لعدة خطوات، ثم التراجع خطوة واحدة، في محاولة لإظهار نواياهم “السلمية” للآخرين، بينما يواصلون تعزيز قدراتهم العسكرية.
وختم بالقول: “الحوثيون لا يفهمون سوى لغة القوة، والحرب قد تكون الخيار الحتمي لإنهاء تهديداتهم، خاصة في ظل المتغيرات الدولية التي تصب في مصلحة الشعب اليمني”.