تقارير
تكتلات عابرة للانتماءات السياسية.. ما دلالات نشوء المؤتمرات الجامعة؟
السلام المتين لا الهش هو الذي يصبو إليه اليمني، منذ أن توغلت الحرب في حياة الناس وأحلامهم في البلاد، يأتي اليوم على هيئة تكتلات ومؤتمرات جامعة، حيث عقدت الهيئة العليا لمؤتمر مأرب الجامع، يوم أمس الاثنين، اجتماعا لاستكمال الهيكل القيادي للمؤتمر، والإعلان عن التشكيلات القيادية الجديدة، التي تشمل رئاسة المؤتمر، الأمانة العامة، ولجنة الرقابة والتفتيش.
تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر مأرب الجامع تم إشهاره في الثالث عشر من أغسطس لهذا العام، بحضور كبار الشخصيات الاجتماعية، والشباب، والمرأة، وقيادات المجتمع المدني، لتأتي لاحقا الأحزاب اليمنية والقوى السياسية وتعلن تشكيل تكتل سياسي جديد داعم للحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن؛ برئاسة رئيس مجلس الشورى، أحمد عبيد بن دغر.
- إرادة شعبية
يقول الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي: "إطلاق مؤتمر مأرب الجامع خطوة تشير إلى مستوى من الأداء الوطني لأبناء محافظة مأرب، وهو أداء يتطور باستمرار، ويستجيب للإرادة الوطنية، ويتسق بشكل كامل مع المشروع الوطني".
وأضاف: "مأرب -برجالها- كانت متسقة مع المشروع الوطني منذ اللحظة الأولى، من مطارح مأرب إلى اليوم، وهي في الصفوف الأولى من أجل حماية الجمهورية والدولة، ومواجهة الانقلاب".
وتابع: "لا شك أن هذا التطور أو مؤتمر مأرب الجامع، بقدر ما يعكس إرادة شعبية وإرادة أبناء المحافظة، هو أيضا ينطوي على بعض الأجندات السياسية، وهناك عدة عوامل وتطورات تشهدها محافظة مأرب بعكس بقية المحافظات".
وأردف: "الحرب تصنع الكثير من المتغيرات الاجتماعية والديموغرافيا، ومأرب اليوم لم تعد مأرب الأمس، فيها مدينة يمكن نصفها بأنها أمانة عاصمة، بمعنى أنها مجتمع قائم بذاته؛ مثلها مثل أمانة العاصمة صنعاء، مثلها مثل العاصمة عدن".
وزاد: "مدينة مأرب أصبحت اليوم ملتقى كل أبناء اليمن تقريبا، وفيها كل المكونات اليمنية، ويمكن القول إن أدق وصف لمؤتمر مأرب الجامع هو مؤتمر ريف مأرب الجامع؛ لأنه يعكس التركيبة الاجتماعية والقبلية الموجودة في المحافظة، باستثناء طبعا الناطق الرسمي، وهي خطوة أنا أثمنها للمؤتمر؛ لأنه عندما اختار أحمد عايض ناطقا باسم المؤتمر يعني أن هناك رؤية وسياسة ونضجا".
وقال: "مأرب تغيرت، ولم تعد البنية القبلية الضيقة، بل أصبحت مجتمعا بشريا كبيرا جدا، وبهذا التوسع الديموغرافي، الذي حدث، أصبح ثقل مأرب أكبر بكثير مما كانت عليه في السابق".
وأضاف: "مأرب كانت على هامش الدولة اليمنية في السابق، واليوم أصبحت في قلب الدولة اليمنية؛ في قلب التأثير، وحاضرة في قلب الأحداث، ومؤثرة بشكل عميق جدا؛ بسبب أولاً أنها جبهة قوية جدا في مواجهة الانقلابيين، وكذلك مؤثرة على مستويات عديدة بثقلها الديمغرافي الحاصل، وثقلها الاقتصادي، إلى آخره".
وتابع: "ومع ذلك، هذا لا ينفي أن المؤتمر لديه طموحات سياسية قد ربما لا تختلف عن طموحات مؤتمر حضرموت الجامع، بلا شك، وأنا لا أريد من الوجاهات القبلية في مأرب أن تنظر للمسألة من هذه الزاوية الضيقة على اعتبار أن المسألة تخص مأرب، وتركيبة مأرب الديمغرافية القديمة، فهذا قد يكون فخا".
وأردف: "على كل حال، مؤتمر مأرب الجامع يقف على هرمه شخصيات وطنية مشهود لها بالأداء الوطني، الذي لا يشق له غبار؛ بموقفها المشرف في كل مراحل الدفاع عن الثورة والجمهورية، ولا شك أن هذا المؤتمر الجامع سيكون مدرسة سياسية، وسيتطور، وسيثبت للجميع بأنه إضافة مهمة جدا في الحياة السياسية اليمنية، وقوة تأثير هائلة في حاضر ومستقبل اليمن".
- توحيد الصف
يقول الناطق باسم مؤتمر مأرب الجامع، أحمد عايض: "الفترة الزمنية السابقة، التي قضاها القائمون على مؤتمر مأرب الجامع، للوصول إلى هذه الهيكلة الجديدة، التي أعلنت اليوم، تأتي في سياق التجارب الكبيرة التي خاضتها مأرب خلال قرابة عقد من الزمن".
وأضاف: "هناك دروس عسكرية وأمنية واقتصادية تعرضت لها مأرب، ورأت أن ثمة متغيرات يفرض عليها واجب اللحظة أن تعيد النظر إلى معادلة المواجهة مع كل خصوم الثورة والجمهورية داخل الأراضي اليمنية".
وتابع: "في الآونة الأخيرة رأينا من يتصدر لصناعة بعض الكيانات، التي تدعي بأنها من مأرب؛ بهدف الوصول إلى أجندة تخريبية تحت مظلات تختبئ تحت مسمى مصلحة محافظة مأرب، أو مصلحة المواطن في مأرب، لكن تبين للجميع -طوال الفترة الماضية- أن كل تلك الكيانات كانت عبارة عن كيانات مخترقة، وتم الكشف عن تواصلات من قبل المليشيا الحوثية مع بعض العناصر".
وأردف: "لذلك بدأ التواصل مع العقلاء والحكماء، وقادة الأحزاب ومشايخ القبائل، ومنظمات المجتمع المدني في محافظة مأرب، وبدأت مرحلة كبيرة من طرح الرؤية الجامعة، التي تتحدث على أنه يجب أن يقف الجميع تحت مظلة مأرب بمصالحها وأهدافها ورؤاها؛ فجاء هذا المكون السياسي الجامع ليوحد الصف".
وزاد: "أحد الأهداف الرئيسية للمؤتمر الجامع أن تبقى مأرب آمنة من كل محاولات الاختراق، التي تستميت المليشيا الحوثية لخلخلة الصف المجتمعي داخل محافظة مأرب".
وقال: "الآن، ولله الحمد، نستطيع القول إن كل القوى القبلية في محافظة مأرب باتت تحت قيادة موحدة، وكذلك القوى السياسية، وهذا لم يحصل طوال تاريخ المحافظة، وهو إنجاز تاريخي يعتبر لأبناء المحافظة".
وأضاف: "المطالب، التي ظهرت في البيانات السابقة لمؤتمر مأرب الجامع، لم تخرج عن الحقوق الدستورية، التي منحتها مخرجات الحوار الوطني لمحافظة مأرب".