تقارير

حزب الإصلاح في ذكرى تأسيسه الـ33.. تحديات الحاضر والمستقبل

19/09/2023, 11:09:03
المصدر : عبد السلام قائد

يعد حزب الإصلاح أكبر الأحزاب اليمنية في الوقت الحالي بعد أن فقد حزب المؤتمر عوامل القوة والنفوذ وتشتت إلى أجنحة عدة، ومع ذلك فإن حزب الإصلاح في وضع لا يُحسد عليه، فهو حائر بين حلفاء غير موثوق بهم، وأطراف تخاصمه بفجور، ومزاج إقليمي ودولي يعادي الحركات والأحزاب الإسلامية ويعمل على إجهاض محاولات التحول الديمقراطي في المنطقة، وجماهير غاضبة تريد من الحزب مواقف صريحة وواضحة إزاء ما يحاك ضد اليمن من مؤامرات وتنتظر منه الخروج من مربع الصمت.

- الإصلاح كشماعة للمؤامرات على اليمن

يدرك حزب الإصلاح حجم التحديات التي تواجهه كحزب وتهدد اليمن شعبا ودولة بشكل عام، وتكمن الإشكالية في مدى قدرته على المصارحة والمواجهة، علما أن معظم المؤامرات التي تحاك ضد اليمن ووحدته وجيشه ونظامه السياسي تتم بذريعة الحرب على حزب الإصلاح أو تحجيمه، فمليشيا الحوثيين بررت انقلابها وسيطرتها على الدولة بذريعة الحرب على حزب الإصلاح، والتحالف السعودي الإماراتي شن غارات على الجيش الوطني في أبين وشبوة وأحد مداخل مدينة عدن بذريعة أنه جيش حزب الإصلاح مع أن الهدف من ذلك التمكين لمشروع الانفصال ومساندته، وبعض المسؤولين الشرفاء تتم إقالتهم من مناصبهم بذريعة أنهم إصلاحيون، مثل محافظ شبوة السابق محمد صالح بن عديو، وهكذا كل إجراءات إضعاف الجيش الرسمي والتمكين لمشاريع التفتيت والتقسيم تتم بذريعة الحرب على حزب الإصلاح أو تحجيمه، وكل من يعترض على أداء التحالف السعودي الإماراتي ومؤامراته يتهم بأنه إصلاحي.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، فالإمارات وحلفاؤها الانفصاليون متهمون بارتكاب جرائم اغتيالات سياسية استهدفت عددا كبيرا من قيادات وأعضاء حزب الإصلاح في المحافظات والمدن التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي، ولولا الاحترازات الأمنية ومغادرة عدد كبير من قيادات وأعضاء الإصلاح مناطق سيطرة المجلس الانتقالي لكانت الاغتيالات السياسية قد حصدت أعدادا لا تحصى من قيادات الحزب وأعضائه، وبنفس الوقت أنشأت الإمارات عددا من وسائل الإعلام مخصصة لشيطنة حزب الإصلاح، ولا تذكر اسمه إلا مقرونا بالإخوان المسلمين على سبيل التعريض، وهناك تهميش متعمد لحزب الإصلاح في الوظائف الرسمية، ونصيبه من المقاعد الوزارية لا يتناسب مع وزنه السياسي.

وأما تحالف حزب الإصلاح مع السعودية فلم يجلب له أي فوائد، وتحول ذلك التحالف إلى قيود للإصلاح، فالسعودية تدرك حجم الحزب وقدرته على التأثير، ولذلك فهي تخشى أنه إذا تحرر من قيود تحالفها معه، أو إذا تحولت العلاقة معه إلى عداوة، أن يشكل تحالفا مع مختلف المكونات السياسية والاجتماعية الرافضة لأجندة السعودية والإمارات في اليمن، وليس لدى السعودية أو الإمارات حلفاء أقوياء بقدرتهم الاستمرار في مواجهة حزب الإصلاح والمكونات الجنوبية الوحدوية الرافضة للمجلس الانتقالي والقبائل الشمالية المتحالفة مع حزب الإصلاح، فضلا عن القدرة على مواجهة مليشيا الحوثيين كطرف معادي للجميع.

ويستمد حزب الإصلاح مكانته حاليا من كونه الطرف الأقوى تنظيميا الذي بقدرته مواجهة مليشيا الحوثيين وحشد رجال القبائل إلى ساحات المعارك، حتى وإن كانت بعض التشكيلات العسكرية الموالية للسعودية والإمارات الأقوى تسليحا، لكن تكمن مشكلتها في قلة عدد مقاتليها مقابل الكثرة العددية لمقاتلي مليشيا الحوثيين، كما أن الكثرة العددية في مناطق سيطرة الحوثيين، واتساع مساحة الأرض في المحافظات الجنوبية والشرقية وقلة عدد السكان هناك، كل ذلك يمنح مليشيا الحوثيين تفوقا من حيث الكثرة العددية والقدرة على الحركة بسلاسة على الأراضي الشاسعة، ولذا فإن وجود حزب الإصلاح في جميع المحافظات، وكثرة عدد منتسبيه من المحافظات الشمالية وبشكل يفوق أنصار الحوثيين (العقائديين)، فإن ذلك يجعل من وجوده كلاعب سياسي أمرا مهما في معادلة الصراع، وإذا أقصي الحزب وتم تهميشه وإخراجه من معادلة الصراع تماما، فإن الفراغ الذي سيخلفه غيابه سيكون في مصلحة الحوثيين.

- سياسة إضعاف الإصلاح

عندما بدأ الحوثيون مسيرة التوسع والسيطرة والزحف نحو العاصمة صنعاء، كان الإصلاحيون والقبائل المتحالفة معهم في مقدمة الصفوف لمواجهة مليشيا الحوثيين، كما حدث في محافظات حجة وعمران والجوف ومأرب. وبعد سيطرة مليشيا الحوثيين على العاصمة صنعاء والتمدد منها نحو محافظات ذمار وإب وتعز والاقتراب من مدينة عدن، كان الإصلاحيون أيضا الطرف السباق في مواجهة مليشيا الحوثيين، وكانوا أيضا بمنزلة العمود الفقري للمقاومة الشعبية التي تم ضمها فيما بعد إلى الجيش الوطني، والذي هو الآخر انضم إليه إصلاحيون وشباب من أحزاب أخرى ورجال قبائل غير متحزبين أو مستقلين، لكن كان ملاحظا أن شعبية حزب الإصلاح تزداد، ووصف بأنه حارس الجمهورية والوحدة كونه عابر للطائفية والمناطقية والقبلية وغيرها من خطوط الانقسام في المجتمع التي بدأت تعبر عن نفسها بشكل أو بآخر.

هنا بدا الوضع مزعجا للتحالف السعودي الإماراتي، إذ كيف لتيار يُتهم بأنه المحرك الرئيسي لثورات الربيع العربي وحاربته الدولتان في جمهورية مصر وغيرها أن تقبلان به في اليمن، بل وسيكون المستفيد الأكبر من حربهما على الحوثيين، وصارت كل الخيارات صعبة، فإما تسليم اليمن للحوثيين وإيران أو لحزب الإصلاح وأنصار الربيع العربي ودعاة الديمقراطية، والخشية من أن ينهض اليمن اقتصاديا ويستقر سياسيا وتكون تجربته الديمقراطية ملهمة لشباب الخليج العربي وتأثير ذلك على العائلات الحاكمة هناك.

وأمام هذا المأزق، حضرت مؤامرات إضعاف حزب الإصلاح بشكل خاص وإضعاف اليمن بشكل عام، وحضرت مشاريع التقسيم والتفتيت، وتم إنشاء وسائل إعلام مرئية وإلكترونية تشن دعاية سوداء ضد حزب الإصلاح، وأيضا بدأ التحالف بتشكيل مليشيات انفصالية وأخرى مناطقية أو سلفية خارج إشراف وزارة الدفاع، وبنفس الوقت بدأت الاغتيالات السياسية تستهدف قيادات وأعضاء في حزب الإصلاح، كما بدأت عملية إضعاف الجيش الوطني من خلال عدم صرف الرواتب والشح في التغذية وعدم تزويده بالأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى استقطاب بعض منتسبيه للانضمام إلى الفصيل العسكري التابع لطارق صالح في الساحل الغربي، وبعضهم تم نقلهم إلى الحد الجنوبي للسعودية للدفاع عنها ضد مليشيا الحوثيين.

وهكذا اتخذت سياسة إضعاف حزب الإصلاح وسائل عدة: اغتيال قيادات وأعضاء، ودعاية سوداء وشيطنة عبر وسائل الإعلام، والمطالبة بإبعاد بعض قادة الحزب من ساحات المعارك حتى لا تُمنح الانتصارات للحزب أو أن ينال شرف الانتصار على الحوثيين في بعض الجبهات، وأيضا اغتيال بعض قادة المقاومة الشعبية من المنتسبين أو المقربين من الحزب في عدن وغيرها من مناطق سيطرة المجلس الانتقالي، واتهام الحزب بالتحالف مع الحوثيين، ثم اتهامه بالتقاعس عن المعركة ضدهم مع أن التحالف السعودي الإماراتي هو المحتكر للقرار العسكري للسلطة الشرعية وليس حزب الإصلاح، كما بدا أن هناك سطوة استبدادية ضد الحزب لدرجة إجباره على فصل أي عضو أو قيادي في الحزب ينتقد أداء السعودية والإمارات في اليمن.

ووصل الأمر أن شنت صحيفة "الرياض" السعودية هجوما لاذعا على حزب الإصلاح في افتتاحية عددها الصادر بتاريخ 21 يونيو 2018، ثم حذفت تلك الافتتاحية من موقعها على الإنترنت، وسبب ذلك الهجوم أن حزب الإصلاح كان قد أصدر بيانا دعا فيه أنصاره وأعضاءه في محافظة الحديدة إلى الانتفاضة الشاملة ضد الحوثيين بالتزامن مع معركة تحرير الحديدة التي أوقفها التحالف قبل أن تكتمل.

ووجهت الصحيفة في افتتاحيتها (المحذوفة) اتهامات خطيرة لحزب الإصلاح ووصفته بأنه "لا يقل خطرا عن الحوثيين"، وقالت إن "هذه الدعوة لا تعدو كونها انتهازية يسعى حزب الإصلاح من خلالها إلى قطف ثمار سنوات من الانتصارات التي لم يكن يوما فيها". وما يستفاد منه أن افتتاحية الصحيفة التي تمثل وجهة نظر الديوان الملكي أن التوجه القائم هو أن يقدم حزب الإصلاح التضحيات في الميدان بصمت، وتجريده من شرف تسجيل أي انتصارات ضد الحوثيين كي لا يراكم رصيده الشعبي، ليحتكر تلك الانتصارات التحالف وأطراف محلية أخرى مرضي عنها.

- تحولات الموقف من حزب الإصلاح

لم يكن موقف السعودية من حزب الإصلاح ثابتا منذ بدء عملية "عاصفة الحزم" وإعلان الحزب تأييده لها وحتى اليوم، وإنما مر الموقف منه ببعض التحولات وفق ما اقتضته الظروف، ففي البدء كان مطلوبا منه حشد رجال القبائل إلى الجبهات لمواجهة مليشيا الحوثيين، وأن يلقي بكل ثقله في المعركة، ويبدو أن الهدف كان إضعاف كل من حزب الإصلاح والحوثيين معا.

وبعد أن قتل الحوثيون حليفهم السابق علي عبد الله صالح، خلال أحداث ديسمبر 2017 التي شهدتها العاصمة صنعاء، ظهر كل من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في لقاء هو الأول من نوعه مع رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح محمد اليدومي، والأمين العام للحزب عبد الوهاب الآنسي، يوم 13 ديسمبر 2017، وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إنه جرى خلال اللقاء استعراض مستجدات الساحة اليمنية والجهود المبذولة بشأنها وفق ثوابت تحقيق الأمن والاستقرار للشعب اليمني.

لكن الأمين العام لحزب الإصلاح، عبد الوهاب الآنسي، قال في تصريح لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في 23 ديسمبر 2017، إن السعودية والإمارات طلبتا من حزب الإصلاح التواصل مع قيادة حزب المؤتمر في صنعاء (جناح علي صالح)، لبحث رؤية موحدة في العمل ضد الحوثيين، لكنه أكد أن عملية التواصل مع حزب علي صالح في صنعاء ستستغرق بعض الوقت حتى تتضح الصورة لما يحدث في الواقع بصنعاء. وأضاف الآنسي: "نحن ببساطة نواجه صعوبة بالغة في الوصول إليهم"، واصفا الحال بالأوقات المربكة.

وبعد الجدل الذي أثارته تصريحات الآنسي لصحيفة نيويورك تايمز، والتي فسرها البعض بأن السعودية والإمارات تريدان من حزب الإصلاح أن يتعاون مع جناح علي صالح في حزب المؤتمر ضد الحوثيين ليعود حزب المؤتمر للحكم من خلال نجل علي صالح المقيم في الإمارات، أحمد علي، واستياء قيادات السعودية والإمارات من تصريحات الآنسي، نفى حزب الإصلاح تلك التصريحات وفسرها بأن الأمر يعود لخطأ في الترجمة، لكن التسريبات حينها كانت تشير إلى أن السعودية والإمارات طلبتا بالفعل من حزب الإصلاح أن يتعاون مع حزب المؤتمر ضد الحوثيين، وأن يتعاون مع أحمد علي صالح ليكون رئيسا لليمن.

وفي الآونة الأخيرة، يبدو أن المطلوب من حزب الإصلاح إما مباركة جميع الخطوات والإجراءات السعودية في اليمن سواء كانت سلبية أو إيجابية، أو أن يلتزم الصمت حيال بعض الإجراءات التي تهدد وحدة البلاد وتنتهك سيادتها، مثل احتلال الجزر اليمنية وإقامة قواعد عسكرية في بعضها، والوجود العسكري غير المبرر في محافظتي المهرة وأرخبيل سقطرى، البعيدتين عن مسرح العمليات العسكرية ضد مليشيا الحوثيين.

وما تجدر الإشارة إليه هنا، انتشار مقطع فيديو، عام 2018 تقريبا، يظهر فيه ضابط مخابرات سعودي في لقاء مع عدد من المسؤولين اليمنيين وقيادات في حزب المؤتمر، وهو يملي عليهم ما يشبه التعليمات فيما يتعلق بتحديد مصير اليمن، ومما قاله في ذلك المقطع أن السعودية ليس لديها مشكلة مع الحكم الزيدي في اليمن، لكنهم يريدون زيدية معتدلة، وأشار إلى أن حزب الإصلاح ليس ضروريا القضاء عليه ولكن يجب إضعافه، وليبق كحزب مجرد مسمى لا تأثير له.

ولعل هذا ما يحدث تقريبا منذ ذلك الحين، فالسعودية كبلت حزب الإصلاح بقيود تحالفها معه، وأضعفت الجيش الوطني وهمشت المقاومة الشعبية بذريعة أن الجيش والمقاومة تابعان لحزب الإصلاح، وبنفس الوقت تعمل السعودية على ترويض الحوثيين لتخرجهم من الزيدية الشيعية المتطرفة إلى الزيدية الشيعية المعتدلة، ولا مانع لديها من أن يحكم بعد ذلك الحوثيون (الزيديون المعتدلون) اليمن كاملا أو بعضا منه، فالأهم هو أن يكونوا "تابعين مخلصين" للمملكة وأن يخففوا من ارتباطهم بإيران.

- أين أخطأ الإصلاح وأين أصاب؟

رغم كثرة ما يقال ويكتب عن أخطاء حزب الإصلاح أو عدم تطويره لذاته، إلا أن معظم أصحاب تلك الكتابات أو الانتقادات لم يذكروا ما هي الأخطاء التي ارتكبها الحزب أو ما الذي يجب عليه فعله، وحتى ما يقال عن أن الحزب لم يغير قياداته العليا منذ سنوات مضت، أو أنه لم يفسح المجال للقيادات الشابة لإدارة الحزب، فمثل هكذا طرح هل يعني أن الحزب إذا غير قياداته سيتمكن من تجاوز كثير من الصعاب التي تعترضه، وهل المشكلة في القيادات أم في قرار الحزب الذي يتخذه بعد مشاورات؟

صحيح أن إجراء تغييرات في قيادة أي حزب من شأنه أن يضخ دماء جديدة في شرايينه وأن يرسخ الديمقراطية في داخله، لكن يجب أن يكون المعيار في التغيير اختيار أصحاب الخبرات والكفاءات والمواصفات القيادية وليس معيار الفئات العمرية، وهذه إشكالية موجودة لدى جميع الأحزاب اليمنية، أي عدم الاهتمام بتأهيل كوادر وقيادات للحاضر والمستقبل، واستثمار المعرفة في الجانب السياسي، لأن التغيير والتطوير من متطلبات الحياة، ولا يمكن أن يعيش أي قيادي إلى الأبد، فالزمن كفيل بتغيير الأشخاص، لكنه ليس كفيلا بتأهيل قيادات سياسية، فالتأهيل من عمل الإنسان ولا علاقة لأي عوامل أخرى به.

والأهم في هذه المرحلة ليس تغيير القيادات أو الانصراف إلى الجانب التنظيري أو خوض المجال السياسي عبر البيانات فقط، ذلك أن طبيعة التحديات الراهنة التي لا تهدد حزب الإصلاح فقط وإنما تهدد جميع الأحزاب والمكونات وتهدد النظام السياسي للدولة وأيضا تهدد مصير البلاد بشكل عام، يجب مواجهتها بالتحرك الميداني وليس عبر الخطب والبيانات. وإذا كانت القوى المعادية للبلاد تتحرك على الأرض وتبسط سيطرتها وتمارس النهب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، فإن ذلك يتطلب تحركات مضادة على الأرض، وكذلك البيانات السياسية يجب أن تدعو للتحرك على الأرض، ونسج تحالفات وطنية موسعة من خلال الزيارات الميدانية والتنسيق المباشر.

وهناك مسألة أخرى مثيرة للجدل تتعلق بموقف حزب الإصلاح من مؤامرات السعودية والإمارات على الوحدة اليمنية وسيطرتهما عسكريا على مساحات واسعة من الأراضي والجزر اليمنية والانتهاك المستمر لسيادة البلاد، وأيضا عرقلة معركة القضاء على الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة صنعاء، ويبدو أن حزب الإصلاح قد آثر عدم الخوض في هذه القضايا حاليا، وترك الحديث بشأنها حتى يأتي الوقت المناسب، ويخشى من أن إثارتها حاليا بمفرده دون حلفاء آخرين ستسبب له أزمة مع السعودية والإمارات اللتين ستحرضان ضده جميع المكونات اليمنية الموالية لهما، وقد يتطور الأمر إلى اتخاذ إجراءات حادة ضد الحزب لن يكون تأثيرها عليه فقط، وإنما ستتأثر حالة التوازن في البلاد باعتبار أن الإصلاح أقوى حزب منظم ومتحالف مع بعض القبائل وقاعدته الشبابية واسعة وحيوية.

لكن استمرار صمت حزب الإصلاح على مؤامرات التحالف ضد اليمن سيخصم من رصيده الشعبي، أي تآكل قاعدته الجماهيرية، خاصة الفئة الثورية من الشباب والمراهقين، وهكذا تتجلى بعض مآزق حزب الإصلاح عندما تكون كل مواقفه لها ثمن، ولعل أفضل موقف في الوقت الراهن هو أن يلتحم حزب الإصلاح بالمواطنين ويتبنى همومهم ومطالبهم وأن يرفع صوته عاليا بشأن سيادة البلاد ووحدتها ونظامها الجمهوري الديمقراطي التعددي، وإن كان ذلك قد يزعج السعودية، وربما أن الحزب أجل الخوض في تلك القضايا الشائكة حتى يأتي وقتها المناسب وتكون محل اعتراض شعبي واسع، أو لعل لحظة الحديث عنها ستتم عندما تحين لحظة قطف ثمار التآمر على اليمن، وستكون تلك اللحظة فاصلة، ومن المحتمل أن تتسبب باندلاع موجة جديدة من الحرب تعيد خلط الأوراق وترتيب التحالفات.

- العبور إلى المستقبل

لا يمكن فصل التحديات الكبيرة التي يواجهها حزب الإصلاح وغيره من الأحزاب السياسية عن التحديات التي تواجه اليمن شعبا ودولة بشكل عام، لأن المؤامرات الخارجية التي تستهدف النظام السياسي والوحدة الوطنية وملشنة البلاد سيشمل خطرها الجميع. وأمام حالة التخاذل وعدم وحدة الصف وانتظار الحلول من الخارج، يبدو أن اليمن مقبلة على مرحلة سوداء سيتطلب الخروج منها تضحيات جسيمة وخوض معارك جديدة مع مكونات داخلية وأطراف خارجية لا تريد لليمن أن يعود إلى وضعه الطبيعي، وأيًّا كانت طبيعة المرحلة المقبلة، فإن حزب الإصلاح سيكون في قلب الصراع، وكلما تراكمت العقبات أمام عودة الدولة حاليا، ستزداد كلفة استعادتها مستقبلا.

وأمام التحديات الكبيرة التي تواجه اليمنيين بشكل عام، يجب على كل المكونات أن تبذل قصارى جهدها لاستعادة الدولة والحفاظ على الوحدة الوطنية والحفاظ على النظام السياسي للبلاد وتطويره، باعتبار ذلك أقصر الوسائل لقطع الطريق على مختلف المشاريع الأجنبية العدائية لليمن، وبما أن حزب الإصلاح أكبر الأحزاب اليمنية في الوقت الحالي والذي يعول عليه جماهير كثر أن يكون له دور في استعادة الدولة والحفاظ على الوحدة الوطنية، فعليه أن يعمل بالأسباب التي ستمكنه من التأثير الفعال في هذه المرحلة.

والبداية من فتح قنوات اتصال مع مختلف المكونات الاجتماعية الوطنية الرافضة لأداء التحالف السعودي الإماراتي، والعمل على تشكيل مكونات وطنية جديدة من الوحدويين الجنوبيين الرافضين للوجود العسكري السعودي الإماراتي، أو المتضررين منه، مثل قبائل شبوة وأبين وحضرموت والمهرة وسقطرى، بالإضافة إلى التواصل مع الشخصيات الاجتماعية الرافضة للحوثيين في المحافظات الشمالية، أي أن يعمل على تشكيل جبهة وطنية عريضة عبر قياداته في الفروع المحلية، والتواصل مع الأحزاب أو بعض القيادات الحزبية، ليتمكن من التأثير الفعال في نهاية المطاف عندما تحين لحظة الحسم النهائي للمشاريع المدمرة اليمن

تقارير

"قصر حبشوش".. أبرز مَعَالم الحيَّ اليهودي في صنعاء يتحوّل إلى خرابة

على مقربة من البوابة الشرقية لحيّ اليهود، تظل مظاهر الخراب شاهدةً على انهيار وزوال قصر المؤرخ اليهودي اليمني "حاييم" حبشوش، تاجر الذهب والفضة الشهير، الذي عاش في الفترة ما بين 1833 ـ 1899م، وباعتباره شخصية مثقفة ومقرباً من السلطة آنذاك.

تقارير

كيف عملت السعودية على تقديم اليمن بلا ثمن لإيران وأدواتها؟

منذ ليلة السابع من أبريل من العام 2022م، لم يعد المشهد السياسي اليمني واضح المعالم، بل تدرّج نحو اندثار الصَّف الوطني، وخفوت صوت السيادة اليمنية، وذلك عبر وثيقة صدرت في القصر الملكي السعودي، مُبطلة معها عمل الدستور اليمني، ومشكلة مجلس العَار -كما يسميه الشعب اليمني هذه الأيام.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.