تقارير
عامان ونصف من الفشل.. هل حان وقت تغيير هيكلة مجلس القيادة الرئاسي؟
مرّ أكثر من عامين ونصف على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وبجردة حساب أولية يتبيّن أن المجلس فشل في كل المهام التي أعلنت بقرار تشكيله؛ نتيجة عدم الانسجام بين أعضائه الثمانية، الذين عجزوا عن الالتقاء عند مشتركات وطنية، وظلوا محافظين على مهامهم الأساسية، وهي تمثيل المصالح الإقليمية وحمايتها.
في ظل المعطيات الجديدة، اليوم، وارتباط الأزمة اليمنية بسياقات الصراعات الإقليمية، اتجه كثير من الأطراف الإقليمية والدولية إلى إعادة مقارباتها في اليمن.
- غياب الرؤية
يقول الكاتب الصحفي أحمد شوقي أحمد: "السبب الرئيسي، في عدم تحقيق مجلس القيادة الرئاسي أيا من أهدافه المعلنة، يتعلق بعدم وجود رؤية لدى المجلس، ولدى دول التحالف، حول المهام المطلوبة منه؛ لإنجازها في هذه المرحلة".
وأضاف: "المجلس -للأسف الشديد- يحمل في طياته وداخله، وفي إطار الحكومة التي يديرها، وفي إطار المكونات التي يفترض أن تشكل رافعة له، العديد من المشاريع التي تحمل قدرا من التناقضات والتجاذبات".
وتابع: "وبالتالي، كان الأصل أن يتم بناء حوار داخلي داخل هذه القوى؛ داخل المجلس الرئاسي؛ كي تتضح معالم لمشروع وطني واضح للمرحلة الحالية والمقبلة".
وزاد: "يجب أن يكون المشروع الوطني في مواجهة المليشيات الحوثية؛ في مواجهة خطط السلام والتغيرات الإقليمية والدولية؛ في كيفية بناء نماذج جاذبة في المناطق المحررة لعودة الدولة والمؤسسات، وعملية تنظيم الموارد، وتنظيم القوات المسلحة المتفرّقة مع الأسف؛ التي كان ينبغي أن تتم إعادة هيكلتها في إطار منظومة واحدة، وقيادة موحّدة، وقرار سياسي وعسكري واحد".
وأردف: "لكن هذه العملية لم تتم مع الأسف الشديد، هناك حالة ارتجال صاحبت عملية تشكيل المجلس، وهناك أيضا حالة من عدم الواقعية في إمكان تشكيل مجلس من ثمانية أعضاء؛ سبعة منهم -على الأقل- يقودون قوات مسلحة، ووحدات عسكرية مسلحة".
واستطرد: "هناك تناقضات في الرؤى السياسية فيما بين أعضاء المجلس، والتوقع أن يكون هناك إمكانية للخروج بقرارات وبرؤية للمجلس، وهناك أيضا أخطاء ذاتية عند بعض أعضاء هذا المجلس، وهناك أيضا أخطاء موضوعية تتعلق بمسار العملية السياسية التي خاضها المجلس خلال السنوات الماضية".
وقال: "لم يتم البناء على تأسيس مؤسسات ضامنة حقيقية راسخة في المناطق المحررة، وبناء رؤية سياسية مشتركة حول المراد خلال المرحلة الحالية، وأيضا القادمة في المرحلة الانتقالية، واستيعاب كل التناقضات التي يحتويها هذا المجلس".
وبيّن: "هناك احتمال وارد وقائم، وشواهد ومؤشرات وأحاديث كثيرة في الإعلام حول انقسام المصالح والولاءات داخل المجلس، وربما أن السياسيين في الصف الأول يمتلكون أيضا معلومات ووقائع ربما تلاحظ، وربما أيضا أوهام لا أحد يعلم بالضبط هل هناك فعلا صراع سعودي - إماراتي داخل المجلس".
ولفت إلى أن "الأساس أن جميع أعضاء هذا المجلس وجميع المكونات الملتحقة بالشرعية، وجميع هؤلاء الأفراد والأشخاص والوحدات العسكرية، ينتمون إلى الجمهورية اليمنية، أو إلى اليمن بتكوينه الطبيعي والجغرافي، سواء أسميته يمنا شماليا أو جنوبيا، أو أيا يكن، فهم يمثلون قاعدة شعبية معينة، بالتالي هم يمثلون مصالح مجتمعاتهم وشعبهم، ويُفترض بهؤلاء الأشخاص أن ينطلقوا من المصلحة الوطنية لهم في العمل، ولا يتكئون مثلا على توجّهات لدول أخرى".
- مجلس ولد ميتا
يقول الباحث الأول في مركز صنعاء للدراسات، عبدالغني الإرياني: "مجلس القيادة ولد ميتا، من يوم ما أسس لم تكتب له لائحة، ولم تحدد له اختصاصات، ولم تحدد العلاقة بينه وبين الحكومة، ولا بينه وبين المؤسسات الحكومية الأخرى، وبالتالي لم يكن هناك مجال لكي ينجح".
وأضاف: "الشيء الأول، الذي يجب عمله، هو تشكيل مجلس رئاسة حقيقي لتحديد صلاحياته، وتحديد العلاقة بين أعضائه، وتحديد صلاحيات كل واحد منهم، وتحديد علاقتهم بالحكومة، وأن يكون هناك وعي أنهم ليسوا جهة تنفيذية، وأن الحكومة هي الجهة التنفيذية، وهم عليهم أن يكونوا موجّهين ومشرفين ومراقبين للحكومة".
وتابع: "هذا الذي كان حاصلا في المجلس الجمهوري في السبعينات، واستمر المجلس سبع سنوات؛ خلالها تم إقرار أول دستور دائم، وتم إجراء أول انتخابات نيابية، وتأسيس مجلس شورى، وتشكيل مؤسسات الدولة، كل هذا تم لأن العلاقة بين المجلس والحكومة كانت واضحة في القانون والدستور".
وأردف: "في حال إعادة هيكلة المجلس، يجب -في البداية- كتابة القوانين، فالحديث عن الأشخاص وكفاءة الأشخاص وأمانة الأشخاص غير مهم".
وأوضح: "عندما يكون هناك قانون يحدد ما هو عملهم ثم عندها نفكر هل هذا الشخص مناسب، وذاك الشخص غير مناسب".
وزاد: "عندما تضع مجموعة في غرفة، ولا تحدد لهم صلاحيات، ولا تحدد لهم مهام، وليس هناك قانون يضبطهم ويضبط علاقتهم مع الآخرين، فلن تجد إلا هذه الفوضى التي حصلت خلال السنتين الماضيتين".