تقارير

قرار مختطف وأطراف قابلة للارتهان.. آفاق السلام أم الحرب؟

25/12/2024, 11:02:44

بات الحوثي لاعبا رئيسيا على المستويين المحلي والدولي، مستغلا هشاشة الأطراف المناوئة، وتعقيدات المشهد السياسي، فارضا حضوره كقوة مهيمنة في معادلة اليمن المعقّدة، فيما تتصاعد الأزمة ويسعى اليمنيون للحاق بتطورات اللحظة السورية.

يوم أمس، شهدت مدينة تعز محاولة اقتحام حوثي من أكثر من جبهة، عوضا عن القصف الذي طالها، في تصعيد يحمل أبعادا لكل الأطراف الظاهرة في المشهد، فالحوثي يريد تأديب خصومه، الذين احتفوا بانتصار الثورة السورية، ويؤكد أنه لا يزال يهيمن على المشهد.

في المقابل، تعاني القيادة الشرعية من حالة غير مسبوقة من التخدير السياسي والتراخي، ما أفضى إلى تفريط واضح بمعركة استعادة الدولة، فبدلا من مواجهة التحدّي الحوثي بموقف وطني جامع، تآكلت الأولويات الوطنية لصالح مصالح ضيقة، وتحالفات هشة، ومع مرور الوقت بدا أن فقدان السيادة أصبح مقبولا، وكأن التعايش مع الوضع القائم قدرٌ لا مفر منه.

يبدو أن الرياض، ولسنوات مضت، تلعب دورها في تعميق الانقسامات داخل الشرعية عبر تجزئتها إلى مكونات داخلية متصارعة، ونجحت في إضعاف الجبهة المناوئة للحوثيين، فما مصير اليمنيين في ظل قرار مختطف وأطراف سياسية قابلة للاختطاف؟ وهل لا يزال استعادة الدولة مهمة متاحة اليوم، أم أنها تحتاج إلى إرادة سياسية ومشروع حقيقي يتجاوز رغبة دولتي التحالف ومصالح القيادة المرتهنة؟

- شرعية بلا شرعية

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي: "فيما يخص القرار السياسي، أو الإستراتيجي للحكومة الشرعية، أو أي مسعى لها لاستعادة الدولة، تقريبا نحن نكرره منذ عام 2020 عندما انتقلت السلطة بشكل غير متوقع إلى فريق الثمانية".

وأضاف: "منذ 2020، تحديدا عندما بدأت الهدن حيث علقت اليمن في السماء لا سلم ولا حرب، ونحن أمام سلطة شرعية مهما قُدم من برامج حولها، ستكون الإجابة واحدة، من أي إنسان يرصد المشهد".
 
وتابع: :نحن نتكلم عن شرعية بلا شرعية، وعن قيادة دولة ليسوا رجال دولة، وعن حكومة يمنية هي لا تخص اليمنيين، وإنما تخص المتدخّل الخارجي، وهؤلاء فقدوا ثقة الناس بهم، ولا يشعرون بأدنى مسؤولية، فقط يبحثون عن بروباغندا يكسبون من ورائها بعض الأموال".

وأردف: "عندما ينتقلون هؤلاء إلى الرياض، ثم إلى عدن، ثم إلى عواصم أخرى، ثم يجتمعون، كل هذه تسأل حولها أموال، بدل جلسات، بدل سفر، بدل إقامة، بدل معيشة، لذا فهم يتصرفون وفق استفادتهم المباشرة بعيدا عن همِّ المواطن اليمني، وبعيدا عن القضية اليمنية التي نعيش فيها بمآسٍ متعددة، خلال عشر سنوات".

وزاد: نحن الآن سندخل العقد العاشر ونحن معلّقون دون حسم، بسبب عدم وجود قيادة لديها رؤية إستراتيجية، وتستطيع أن تحسم الموضوع، إما باتجاه التسليم للحوثيين، وتصارح الشعب اليمني، وتقول نحن غير قادرين، والحوثيون أقوياء وسنسلم رقابكم للحوثيين، وهنا سيخلق الشعب اليمني ثورة شعبية أو مقاومة شعبية ترفض مثل هذا الخيار".

وقال: "هناك تحفز شعبي كبير بأنه بعد سقوط دمشق ينبغي أن تستعاد صنعاء، طبعا مع هذا السقف والأمل المرفوع من الشعب اليمني، لم نستمع من السلطة الشرعية أي مبادرات في هذا الخصوص".

وأضاف: "هجوم مليشيا الحوثي بالأمس على تعز، أنه بدلا من التحفز الشعبي باستعادة الدولة ومحو مليشيا الحوثي من الوجود السياسي، أو إخضاعها قهرا للتسوية السياسية، تريد المليشيا بهذا الهجوم أن تعطينا رسالة تقول نحن من سيأخذ ما تبقى من اليمن، ولسنا صيد سهل؛ لأن استعاد الدولة التي نحن قبضنا عليها، لا أنتم ولا غيركم قادرون على أن تفعلوا ذلك".

وتابع: "هذا الهجوم هو رسالة تحدٍ من الحوثيين بأنهم فقط يقومون بترتيب المشهد لكي يعيدون حكم بقية المناطق المحررة إلى حكمهم، وهذا ما أرادوه من خلال الهجوم العسكري المباغت ليلة أمس في محيط تعز".

- قوة الحوثي

يقول رئيس مركز نشوان الحِميري للدراسات، عادل الأحمدي: "مليشيا الحوثي مسيطرة على سلاح جزء كبير منه سلاح دولة، ومقدرات دولة، ولديها خبرة طويلة بالحروب، إضافة إلى ما لديها من خبرات إيرانية، ومن خبرات حزب الله، ونحن لا نستهين أبدا بقدراتها".
 
وأضاف: "لا نستهين بمدى حرص الحوثيين، وخوفهم الشديد على أنفسهم حاليا، لا بُد أن يكونوا يقظين، لا بُد أن يتسلحوا بالقوة، لأنهم بغير القوة يعرف الحوثيون أنهم لا يتمتعون بحاضنة شعبية، ولا بقبول شعبي، ولا باعتراف دولي، لذا ليس أمامهم إلا أن يتحصنوا -بشوكة- بالقوة، وهذا آخر ما لديهم".

وتابع: "لكن -في المقابل- أيضا لا يعني هذا أن القوى الأخرى؛ المتمثلة الآن تحت مظلة الشرعية والجمهورية اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي، أقل قوة، لكنها الآن ليست في غرفة عمليات واحدة، وهناك حاجة ملحة للإعلان عن غرفة عمليات واحدة تضم كل هذه التشكيلات المقاومة ضد الحوثي".

وأردف: "نحن في حرب مع الحوثي منذ 20 عاما، نعم هذا في المعنى السياسي المعاصر، ونحن في حرب مع الإمامة ومع الكهنوت منذ 1100 عام، وحربنا ليست جديدة، وتحدثنا عن هذا قبل أكثر من عشرة أعوام، ونحن في داخل صنعاء، وأصبحنا الآن نتحدث، واحد يتحدث من داخل عدن، والآخر من داخل تركيا، وأصبحت صنعاء الآن بأيديهم، وهذا ما كنا نحذّر منه".

وزاد: "الحوثي سوف يسقط، الحوثي بكل ما لديه من قوة، بكل ما لديه من خبرة، هو حانب بالسلام وحانب بالحرب، وكل خطوة يخطوها الآن للأمام ستكون ضده في كل الأحوال، والفيلم بدأ ينتهي".

وقال: "إذا لم يحز أعضاء مجلس القيادة الرئاسي وحكومتنا شرف مواجهته، فالشعب سوف يخلق مقاومته الشعبية، وعلى الشعب ألا ينتظر، وأنا لا أقول هذا من باب خيبة الأمل بالقيادة، بل بالعكس أنا بالنسبة على ثقة بالقيادة السياسية وعلى ثقة بالتحالف، لكن في نفس الوقت يجب أن يكون للشعب بدائله".

تقارير

كيف يمكن تفسير الصمت الدولي تجاه التهديدات الإسرائيلية بتدمير اليمن؟

توعد وزير دفاع الكيان الصهيوني، بشكل سافر، بتدمير صنعاء والحديدة، كما فعلوا في غزة ولبنان، ومر التهديد دون أي إدانة أو تنديد دولي، وبالمقابل تحاول ميليشيا الحوثي، تقديم نفسها كما لو كانت قوة إقليمية، بمواصلة هجماتها في البحر الأحمر غير آبهة بما قد يدفعه الشعب اليمني من ثمن نتيجة لهذا الجنون.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.