تقارير
كيف تآكلت الشرعية وجرفت المؤسسات داخل العاصمة المؤقتة عدن؟
المجلس الانتقالي الوافد على أكثر من طرف، محاولا المطالبة بالانفصال، يبدو أن طموحه أكبر من ذلك بكثير، فهو يخوض انقلابا ناعما على مؤسسات الدولة الحكومية الإعلامية والثقافية في مناطق سيطرته، في هيمنة صارخة على سيادة الدولة، وحكم القانون.
فيما تبدو الشرعية -بمجلسها الرئاسي- هزيلة وغير قادرة على إيقاف عبث المجلس الانتقالي، الذي يعمل كجزء من الجمهورية اليمنية ووفق دستورها وقوانينها الناظمة، لكنه يُساهم في عرقلة عملها.
وفق مراقبين، فإن المشكلة الأساسية في الخلل البنيوي الذي تعاني منه القوات الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي، التي تم بناؤها على أسس غير وطنية، وتمت تعبئتها بأيدولوجيات انفصالية متشددة، ما أدى إلى تورط بعض قياداتها وأفرادها بانتهاكات وجرائم خطيرة.
- تمكين الانتقالي
يقول الصحفي عبد العزيز المجيدي: "ما حدث في عدن هو أحد مظاهر الاختلال الكبير الذي وقع قبل سنوات، ولا نستطيع أن نناقش مثل هذه الأمور التي تحدث الآن دون وضعها في سياقها قبل سنوات من خلال نقلتين أساسيتين وحاسمتين، أدت بصورة أو بأخرى إلى إنتاج هذا المشهد وربما إنهاء الشكل الأساسي للشرعية".
وأضاف: "نتحدث عن 10 أغسطس 2019، ونتحدث بعد ذلك عن 7 أبريل 2022، فلا يمكن للمجلس الانتقالي أن يلعب هذا الدور الذي يلعبه الآن دون أن نناقش المرحلة التي تمكن فيها من السيطرة على المفاصل العسكرية والأمنية داخل عدن، وبالتالي وضع يده على عدن، وبعض المحافظات الجنوبية، بدعم وإسناد من التحالف".
وتابع: "التحالف كان لديه رؤية واضحة منذ البداية يتحدث عن مسألة إعادة هيكلة الشرعية، واعتقد أنه كان وصل إلى مرحلة استنفد الغرض من الشرعية؛ باعتبارها اللافتة التي اختبأ خلفها لتنفيذ أجندته داخل البلاد، ثم وصل إلى مرحلة الإجهاز على الشرعية".
وأردف: "التحالف حاول إعادة صياغة الشرعية بالطريقة التي تمكِّنه من تنفيذ أجندته بهذه الطريقة، فلا يمكن لأي حكومة أو سلطة أن تدير مشهدا في عاصمة لا تمتلكها".
وزاد: "العاصمة المؤقتة عدن تقع تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تم إسناده بواسطة دولتي التحالف ليشكِّل قوات عسكرية وأمنية كبيرة قامت بالانقلاب على الشرعية".
وأشار إلى أن "الانقلاب على الشرعية في عدن، في 10 اغسطس 2019م، جرى بالطريقة نفسها التي جرت في صنعاء بإسناد من قوات التحالف، وشارك فيه الطيران بقصف الجيش الوطني اليمني، لذا فما هو حاصل الآن هو ناجم عن إعادة ترتيب القوة داخل هذه المناطق، وتمكين المجلس الانتقالي من زمام الأمور".
- من المسؤول؟
يقول المحلل السياسي حسن مغلس: "العاصمة المؤقتة عدن تحت سيطرة الانتقالي الأمنية والعسكرية، وليس هناك شيء جديد، وما يحصل الآن ليس مسؤولية الانتقالي، إنما المسؤولية الآن مسؤولية دولة موجودة منذ السابق، فرئيس الوزراء وقيادات الدولة يتواجدون داخل عدن، ويمارسون دور المتفرج لما يحصل".
وأضاف: "إذا كان انتقالي هكذا كما نقول يخطئ ويرتكب الانتهاكات والمخالفات، فما هو دور البقية؟ نحن نسمع عليه من قبل أنه اختطف، وهو وراء بعض الاغتيالات، لكن لم نسمع صوتا من المشاركين معه في السلطة".
وتابع: "نريد أن نسمع صوت رئيس الوزراء، وصوت رئيس مجلس القيادة، أو أي مسؤول في الدولة يعترض على شيء".
وتساءل: "لماذا ينتظرون من المحللين السياسيين أن يتكلموا، ويتحدثوا عن ممارسات الانتقالي؟ ما هو دور الحكومة؟ ففي اليومين الماضيين تضاربوا داخل قصر معاشيق، أين مسؤولية الدولة؟".
- شراكة
يقول الصحفي الموالي للمجلس الانتقالي صلاح السقلدي: "ما يحدث اليوم في عدن لا يتحمّله المجلس الانتقالي وحده، يجب أن نعترف بهذه الحقيقة، فهناك شراكة، والانتقالي موجود في هذه الشراكة في إطار الحكومة، وفي إطار الرئاسة".
وأضاف: "الانتقالي ليس وحيدا، ولا يدير عدن، ولا يدير كل المحافظات في الجنوب، أو ما تسمى بالمحافظات المحررة، وإنما هناك شركاء".
وتساءل: "هل يريدون إقناعنا أن الانتقالي يريد أن يهزم نفسه، ويشل نفسه في معقله الأساسي؟".
وأضاف: "هذه المؤسسات، التي يتحدثون عنها، هي ليست موجودة، الموجود اليوم هو بقايا أشلاء المؤسسات الموجودة، والانتقالي والقوى الجنوبية هي التي حاولت أن توجدها".
وتابع: "تم تدمير وتعطيل المؤسسات الأمنية تماما، لولا وجود هذه المؤسسات الأمنية والعسكرية التي تُنعت بأنها مليشيات لما تواجدت الحكومة والرئاسة والبعثات الدبلوماسية، ولما أتى المبعوث الأممي وغيره من المسؤولين الدوليين".
وأردف: "هناك اختلالات أمنية لا ننكرها على الإطلاق، لكن تظل عدن هي أفضل المحافظات قياسا بالمحافظات الأخرى، فهناك بالفعل تحديات، فنحن نتحدث عن 30 سنة من التدمير، ومن سحق كل المؤسسات، فعدن هُمّشت تماما".
وزاد: "عندما تكون هناك تسوية سياسية سينتهي كل هذا التضارب، وهذه الثنائيات، وهذه المؤسسات الموازية، مع أنني لا أرى دولة حتى نتحدث عن أن هناك مؤسسات موازية لها على الإطلاق، فإذا كانت هناك دولة فأرونا نموذجا في محافظات أخرى".