تقارير

كيف يفرض جهاز الأمن والمخابرات التابع للمليشيا الرقابة المشددة على الدوائر الرسمية في صنعاء؟

12/11/2024, 09:44:13
المصدر : قناة بلقيس - خاص

استمراراً لسياسة القمع والترهيب، وتوسّع دائرة الانتهاكات ضد سكان المناطق الواقعة تحت سيطرتها؛ كوسيلة لإحكام قبضتها الحديدية وبسط النفوذ، أقدمت مليشيا الحوثي على تنصيب جهاز الأمن والمخابرات -سيئ السُّمعة- حاكماً فعلياً للبلاد.

وأُوكل لعناصره ممارسة كافة مهام التجسس، داخل مقرات المصالح الرسمية في مختلف الوحدات الإدارية ومؤسسات الخدمة العامة في صنعاء، إذ تم فرض نظام تحرٍ أمني يُخضع جميع العاملين ومنتسبي تلك الجهات الحكومية لرقابة مُشدّدة.

وطبقاً لسلسلة إجراءات مخابراتية، منافية للقوانين والنّظم الوظيفية المدنية، المعمول بها في الجمهورية اليمنية، يتحرّك عناصر الجهاز الأمني بحُرية تامّة؛ لرصد وتتبع سلوك الكادر الوظيفي وتوجّهاته بأكثر من غطاء، كمراقبة وتقييم مستوى الأداء، ثم معالجة الاختلالات في نطاق العمل الإداري.

- مصادر جمع المعلومات

تعد دوائر الموارد البشرية، في مختلف وحدات العمل الرسمي، أهم مصدر معلوماتي يعتمد عليه عناصر المخابرات الحوثية، بهدف جمع بيانات الموظفين العاملين بكل سهولة ويُسر، وبشكلٍ سري دون علم أو معرفة أيٍّ منهم؛ كونه سلوكا تجسسيا لا أخلاقيا وغير قانوني، وعمل يتطلب إحاطته بالسرية المطلقة.

يقول عدد من موظفي المؤسسات الرسمية في صنعاء لموقع "بلقيس": "أمن ومخابرات الحوثي طلبوا من إدارات الموارد البشرية إعطاءهم أرقام هواتف الموظفين بلا أي توضيح لأسباب أخذ الأرقام، بعدها بفترة قصيرة طلبوا بقية البيانات الوظيفية للكادر الذين يعملون حالياً، نخضع لرقابتهم الأمنية، وغير قادرين على اعتراض هذا الإجراء".

ليست المرة الأولى، التي تجمع فيها المخابرات الحوثية بيانات وظيفية في مختلف وحدات العمل المدنية، لكنها -خلال هذه الفترة- تبحث عن تفاصيل بصورة أوسع، الأمر الذي يتوجّب فيه تنبيه عامة الموظفين إلى أخذ الحرص والحذر من أي استدراج مُحتمل، أو الخوض في أي نقاشات حول القضايا أياً كانت، خشيةً من مضايقتهم، أو اختطافهم بلا مسوغ قانوني، أو أخلاقي. 

يقول "عارف السماوي" -مسؤول شؤون الموظفين في إحدى الهيئات الرسمية- لموقع "بلقيس": "مخابرات الجماعة لديها آلية جديدة في جمع بيانات ومعلومات عن الموظفين؛ غرضها معرفة ارتباطاتهم، والأنشطة التي يمارسونها، وانتمائهم، ومدى اهتمامهم بالشأن العام، ومراقبة صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي".

- أساليب ترهيب

لترسيخ نفوذ مشروع الانقلاب التسلّطي، سخَّرت المليشيا الإمكانات والموارد كافة لإحكام قبضتها الأمنية، مستخدمةً شتّى الأساليب المخابراتية لترهيب المجتمع، بما في ذلك موظفو المصالح المدنية العامة. 

يقول الناشط القانوني "عبد الحكيم ناصر" لموقع "بلقيس": "الحوثيون وضعوا موظفي الجهات الرسمية تحت رقابة جهاز المخابرات بصورة مخالفة، هذا استحداث ليس قانوني وغير أخلاقي، وضمن أسلوب نشر الخوف والرعب في أوساط الموظفين، لا أحد يجرؤ على مناقشة زملائه في مقر عمله، رقابة شديدة وترهيب وسيطرة".

وعمدت المخابرات الحوثية على استقطاب وتجنيد بعض الموظفين الموالين لها في مختلف وحدات العمل الرسمي، وحوّلتهم إلى أدوات للتجسس على زملائهم، ناهيك عن وسائل الرقابة الأمنية الأخرى، التي يخضع لها العاملون في الوظائف المدنية.

يقول موظفون حكوميون في صنعاء لموقع "بلقيس": "أرهبونا بحقهم الجواسيس في العمل، لم نعد قادرين على المطالبة بمرتباتنا المنقطعة، ولا الحديث عن حقوقنا المسلوبة، حتى مناقشة القضايا المرتبطة بأوضاع البلاد، الخوف من الجواسيس يمنع عنا حتى الكلام، ولو مع زملاء ليسوا محل ثقة، مهمتهم رفع تقارير أمنية فقط".

يخشى كوادر العمل الرسمي من التورط، ومناقشة أي قضايا جانبية؛ نظراً للسيطرة الأمنية في الجهات العامة كافة، التي يفرضها جهاز المخابرات بوسائل الترهيب، إذ يبلعوا ألسنتهم تحاشياً من تلفيق تٌهم زائفة لهم.

يقول المحامي "وليد الصلاحي" لموقع "بلقيس": "تحكّم ورقابة الأجهزة الأمنية على الوظيفة الحكومية إرهاب وتشتيت للموظف، وقمع للسلوك النقابي، وتحقيق مطالب عادلة، هناك فرز وتصنيف للعاملين وفقاً لأدبيات المشروع الحوثي".

- كيان غير قانوني

بعد سنوات من سيطرتها على السلطة، دمجت مليشيا الحوثي جهازي الأمن القومي والسياسي في كيان واحد؛ يُعرف بجهاز "الأمن والمخابرات"، ومنحته اختصاصات الجهازين السابقين، إضافة إلى إبرز المهام الحساسة، منذ أنشأته أواخر آب/ أغسطس عام 2019، ويعمل في نطاق سيطرتها. 

يفتقد هذا الكيان الأمني المشروعية، ويمارس انتهاكات وعمليات قمع بشكلٍ واسع، متجاوزاً في سلوكياته البشعة كل القوانين والأعراف المحلية، إذ يدير مقاليد الأمور معتمداً الرعب كنموذج لحكم المواطن، وترهيب الموظف، وإخضاع البقية الخائفين.

تقارير

هل قرر المجتمع الدولي إنهاء مرحلة حكم المليشيات التي فرضتها إيران في المنطقة؟

انقضى العام الأخير من العقد الذي شهد اليمن فيه واحدة من أكثر المراحل التاريخية انحطاطا ودونية، عقد افتقد فيه اليمنيون دولتهم وهيبتها ومؤسساتها، ووقعوا ضحية لمليشيا مسلحة استولت على السلطة، وفرضت واقعا مريرا على مختلف مناطق البلاد.

تقارير

هل غادر الملف اليمني مربع التسوية السياسية نحو التصعيد العسكري؟

وجَّه سفير الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة ما وصفه بالتحذير الأخير للحوثيين لوقف هجماتهم الصاروخية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث قال داني دانون، في تصريحات صحفية، إن الحوثيين يغامرون بمواجهة المصير التعيس نفسه الذي تعرضت له حماس وحزب الله اللبناني، حد قوله.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.