تقارير

لحم العيد يغيب عن فقراء اليمن .. كيف أصبح الكيلو يساوي نصف راتب؟

05/06/2025, 08:10:38

في أحد أحياء مدينة عدن القديمة، جلست أم يوسف، وهي أرملة خمسينية، أمام بسطة صغيرة تبيع عليها أعواد البخور وبعض الخردوات، وبيدها آلة حاسبة تحاول من خلالها “حساب المستحيل”: كم يتبقى من راتب ابنها الجندي بعد دفع إيجار المنزل وفاتورة الماء؟ وهل يمكن أن تشتري نصف كيلو لحم لأطفالها في عيد الأضحى؟

تضحك بمرارة وتقول: “اللحم صار للأغنياء، حتى في العيد بنقنع أولادي إنه عادي لو أكلنا رز ودقة”.

قصة أم يوسف ليست فريدة، بل صورة مصغرة لوضع معيشي خانق يعيشه ملايين اليمنيين. فمع اقتراب عيد الأضحى، تصاعدت أسعار اللحوم في اليمن إلى مستويات قياسية، خصوصًا في مدينة عدن، حيث وصل سعر الكيلو الواحد من لحم الغنم إلى نحو 25 ألف ريال يمني، مقارنة بـ21 ألفاً مطلع العام الحالي، بزيادة تفوق 30% خلال بضعة أشهر، وأكثر من 150% خلال ثلاث سنوات.

ارتفاع جنوني

الارتفاع الجنوني في الأسعار ليس منفصلاً عن الواقع الاقتصادي المتدهور، حيث يقول الباحث الاقتصادي جمال راوح: “سعر كيلو اللحم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بات يساوي نصف راتب موظف حكومي… المواطن لم يعد يملك حتى هامشاً بسيطاً للشراء”.

وتشهد أسعار السلع الغذائية الأساسية، بما فيها اللحوم، ارتفاعًا مستمرًا، بفعل تدهور سعر صرف الريال اليمني وغياب الرقابة الحكومية، خصوصًا في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها، حيث يُترك تسعير اللحوم لتقديرات السوق، خلافًا لصنعاء التي تحدد فيها سلطات الحوثيين أسعارًا موحدة.

وقفز سعر الكيلو الواحد في عدن - بحسب صحيفة العربي الجديد - بنسبة تزيد على 30%‎ منذ مارس وإبريل على التوالي، ونحو 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2024، بينما شهدت الأسعار قفزات متتالية في آخر ثلاثة أعوام بنسبة تقدر بحوالي 150%، إذ وصل سعر الكيلو من لحوم "الغنم" إلى ما يقارب 25 ألف ريال من 21 ألف ريال سعر الكيلو مطلع العام الحالي 2025 (الدولار = نحو 535 ريالا في صنعاء ونحو 2555 ريالا في عدن).

وبحسب رصد ميداني في أسواق عدن وصنعاء، تتفاوت أسعار اللحوم تبعًا لنوع الماشية، إذ يقل سعر اللحم البقري عن الغنمي بفارق يصل إلى 2000 ريال. إلا أن الاتجاه العام صاعد في كل الأنواع، ويعزوه التجار إلى ارتفاع أسعار المواشي المستوردة، خاصة القادمة من الصومال، بسبب زيادة تكاليف النقل وضعف الريال اليمني.

العيد بلا أضاحي

يقول تاجر المواشي أمين علوان إن الاستيراد من الصومال يشكل حلاً مؤقتًا لكنه مكلف، ويؤثر عليه سعر الصرف بشكل مباشر. كما يشير إلى أن المواشي المحلية أيضًا أصبحت مرتفعة السعر نتيجة تكاليف التربية الباهظة، خاصة في أرياف محافظات مثل لحج، أبين، شبوة، وتعز التي تغذي أسواق عدن.

ارتفاع الأسعار قبيل العيد دفع السلطات المحلية في عدن إلى عقد اجتماع مشترك ضم ممثلي وزارتي الصناعة والتجارة، والزراعة والري، لبحث آلية تنظيم السوق وضبط الأسعار، وسط دعوات لتشكيل لجان رقابة ميدانية ووضع معالجات عاجلة.

لكن المراقبين يقللون من جدوى هذه الإجراءات، خصوصًا مع غياب سياسة استيراد واضحة، وانكماش الثروة الحيوانية المحلية، التي انخفضت إلى أقل من 19 مليون رأس مقارنة بـ35 مليون رأس عام 2015، وفق بيانات رسمية.

تتجه غالبية الأسر اليمنية هذا العام إلى الاستغناء عن الأضاحي كليًا، أو الاكتفاء بمشاركة جماعية في شراء رأس غنم، فيما قرر كثيرون الاستعاضة عن اللحم بوجبات رمزية.

ويختتم ميثاق مصلح، بائع اللحوم في أحد أسواق عدن، حديثه بحسرة:“الناس ما بقتش تشتري.. العيد صار للفرجة بس، والزبائن يسألوا ويغادروا بدون ما يشتروا حتى ربع كيلو”.

وباتت الأضاحي في اليمن الذي يئن تحت وطأة الحرب والانقسام والانهيار الاقتصادي ذكرى مؤجلة، ولحوم العيد “ترفًا مؤلمًا” لا طاقة لأحد به، فيما تواصل الأسعار صعودها، والقلوب تتمنى فقط أن لا يمضي العيد… بدموع الجوع.

تقارير

"ليس بيدنا شيء".. كيف يمكن قراءة تصريحات طارق صالح بشأن الحوثيين؟

أثار تصريح أدلى به طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد ما يسمى بالمقاومة الوطنية، موجة واسعة من الجدل في الشارع اليمني، حيث ألمح في تصريحه إلى عجز سلطته عن مواجهة مليشيا الحوثي قائلا، إن أمريكا دخلت اليمن وخرجت بلا نتيجة، ونحن لا نستطيع أن نحارب الحوثي لأنه ليس بيدنا شيء.

تقارير

تسليح الجيش اليمني.. عقبات مزمنة وتحديات راهنة

مع امتلاك مليشيا الحوثيين لصواريخ باليستية وطائرات مسيرة يصل مداها إلى فلسطين المحتلة أو أي دولة خليجية، يتضح مدى اختلال موازين القوة الجوية بين مليشيا الحوثيين من جهة، والحكومة الشرعية والمكونات المناهضة للحوثيين من جهة أخرى، وهذا الخلل ما كان له أن يزداد عمقا لولا طريقة إدارة التحالف السعودي الإماراتي للأزمة اليمنية منذ اندلاع عملية "عاصفة الحزم" وحتى اليوم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.