تقارير
"ليس بيدنا شيء".. كيف يمكن قراءة تصريحات طارق صالح بشأن الحوثيين؟
أثار تصريح أدلى به طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد ما يسمى بالمقاومة الوطنية، موجة واسعة من الجدل في الشارع اليمني، حيث ألمح في تصريحه إلى عجز سلطته عن مواجهة ميليشيا الحوثي قائلا، إن أمريكا دخلت اليمن وخرجت بلا نتيجة، ونحن لا نستطيع أن نحارب الحوثي لأنه ليس بيدنا شيء.
بدا تصريح طارق صالح، كأنه اعترافا صريحا بالعجز وربما تهيئة لتسوية قادمة، بلا انتصار، جاء بعد أعوام من الحرب، لينزع عنها كل بعد وطني، ويعيدها إلى مجرد حرب، بين أطراف متصارعة، يتحكم بها الخارج.
طارق صالح الذي قاتل إلى جانب الحوثيين في بداية الحرب، وكان جزءا من ماكينة القنص والتدريب، هل أعيد صياغة موقعه في المشهد اليوم بوجه مغاير لا بوصفه رجل معركة، بل كزعيم محلي يبني سلطته في رقاع جغرافية محدودة متحررا من أي التزام وطني حقيقي تجاه استعادة الدولة؟
- خيبة أمل
يقول الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، أنا أتشارك مع غيري من اليمنيين، ربما نفس الشعور بخيبة الأمل من التصريحات التي صدرت عن عضو مجلس القيادة الرئاسي، العميد طارق صالح.
وأضاف: طارق صالح مر بأطوار عديدة في حياته الوظيفية والمهنية، وفي المعركة الوطنية، حيث تموضع في المرة الأولى ضد الإرادة الوطنية، وفي الأخير يتموضع الآن ضد الانقلابيين، وهذا شيء جيد، ولكن أبحث عن أسباب لأن يذهب طارق، لقول ما قاله.
وتابع: طارق صالح يمكن التقى مجموعة من الشباب، وأراد أن يقدم لهم ومن خلالهم فكرة لماذا لم تتحرك الجبهات، الرجل في صريح العبارة يكشف عن أن مجلس القيادة الرئاسي، بأعضائه وكذلك الحكومة، لا يمتلكون لا قرار الحرب ولا قرار السلم، وهذا هو ملخص ما أفصح عنه، وربما أفصح عنه آخرون في مجلس القيادة الرئاسي.
وأردف: هناك تصريح سابق لرئيس مجلس لقيادة، وأوضح فيه لماذا أعطيت الطائرات للحوثيين، وطبعا ليست تهديدات الحوثيين وحدها هي التي أدت إلى أن الحوثيين يتسلمون نصف الأسطول أو ربما أكثر من نصف الأسطول، ثم يذهب نصف الأسطول هباء منثورا بسبب الضربات الصهيونية، ولكن أيضا بسبب الضغوط التي تمارس من الأطراف الإقليمية والدولية، التي تقرر مصير البلد.
وزاد: نحن أمام قيادة لا تمتلك إرادة ولا تمتلك أي قدرة على التحكم، لا بقرار السلم، ولا بقرار الحرب، لكن أيضا مطلوب من هذه القيادة، اليوم، أنها تنشر الأمل، مجرد عرض الوقائع كما هي، هو تكريس لحالة الإحباط لدى الشعب اليمني، وأيضا خدمة مجانية لميليشيا الحوثي، التي تظهر في المقابل أمام الآخرين بأنها قوه عسكرية لا يمكن أن تهزم، وفي الحقيقة هي ليست كذلك مطلقا.
وقال: ميليشيا الحوثي لديها بضعة صواريخ، تطلقها هنا وهناك، وهي التي تعمل فارق بالنسبة لحساسية الأهداف التي تستهدف بها هذه الصواريخ، لكن هذه الصواريخ لا تحسم معركة وطنية، ولا يمكن لها أن تهزم شعب بكامله، ولا يمكن أن تهزم هذا الحشد من القوات المسلحة المتواجدة، بتشكيلاتها المختلفة من قوى المقاومة الوطنية، إلى المقاومة الشعبية، إلى الجيش الوطني، إلى درع الوطن، إلى الأحزمة والنخب، إلى ما تسمى بالقوات الجنوبية، إلى ألوية العمالقة.
وأضاف: كل هذه القوات تستطيع هزيمة الحوثي، إن أرادت وإذا توفر القرار الوطني الحقيقي، تستطيع أن تهزمه في بضعة أيام وانتهى الموضوع، وحسمت المعركة.
وتابع: هذا النوع من التصريحات تعطي انطباع لدى الآخرين بأن المعركة مع الحوثيين، أمر غير وارد، وأيضا ضرب المثل بأمريكا، فأمريكا عندما قررت ضرب الحوثيين هي لها أهداف محددة، هي ضربت ما أرادت أن تضربه من إمكانيات لكي تصل إلى هدف واحد، وهو منع الحوثي من تهديد الملاحة البحرية، وتم لها ذلك.
وأردف: مسألة أن ترامب هو الذي يضرب الحوثي، حتى ينهي نفوذ الحوثي بشكل كامل، دون تحرك ميداني، هذا أمر غير مقبول، ولا يمكن أن يتم في حقيقة الأمر.
وزاد: الحوثيون لديهم استعداد أن يضحوا بالشعب اليمني بكامله، وبكل مقدراته، دون أن يتوقفوا عن مشاغلة الملاحة، لكن عندما رأوا أن الضربات الأمريكية تستهدف إمكانياتهم ووجودهم، والمزايا التي كانت تمنح لهم، فقرروا الاستسلام.
- شرعية عاجزة
يقول المحلل السياسي الدكتور عادل الشجاع، في الحقيقة أنا تعاطيت مع ما قاله طارق صالح، مثل ما تعاطيت مع ما قاله الرئيس العليمي، بإيجابية، لأنهما لأول مرة يفصحان، عمّا كتبنا عن عجز هذه الشرعية.
وأضاف: ما صرح به اليوم هو ما نطالب به منذ فترة بعيدة، ونقول بأن هذه شرعية كسيحة، لا توجد على الأرض، وإذا وجدت على هذه الأرض، فهي تتنازع عليها، وهي ميليشيات متعددة.
وتابع: لا يتحمل طارق صالح مسؤولية خوض هذه المعركة، لأن هذه المعركة هي معركة الحكومة، وينبغي أننا نؤمن بهذه الشرعية كمنظومة متكاملة، فهناك وزير للدفاع يفترض أن وزير الدفاع يجمع كل المقاتلين تحت إدارة هذه المؤسسة، لكن ما هو على الأرض ليس كذلك.
وأردف: نحن نرتبط بشرعية، شرعية اليمنيين وشرعية المؤسسات، وليست هذه السلطة التي تدير هذه المؤسسات بطريقة خاطئة، لا أحد يغفل بأن هذه الشرعية قد سلمت قرارها لدول الإقليم، ولدول اخرى متمثلة بالرباعية، أمريكا وبريطانيا، والإمارات والسعودية.
وزاد: نحن نعلم أنه تم شرعنة انقلاب الحوثي، عام 2018، في اتفاق ستوكهولم، وتم شرعنة انقلاب الانتقالي في 2019، في مؤتمر الرياض، وبالتالي أمامنا انقلابات متعددة.
وقال: نحن نعلم علم اليقين بأن مكونات الشرعية، هي مرتبطة بدول إقليمية، وبالتالي فإن قرارها غير مستقل، وهي لا تعمل من أجل الشعب اليمني، وهذه هي الحقيقة، فكيف بعد ذلك نذهب لنطالب هؤلاء بأن يعبروا عن إرادتنا ويعبروا عن قرارنا الوطني.
وأضاف: أعتقد بأن المسؤولية هي مسؤولية شعبية، كيفما تكونوا يولى عليكم، ونحن ندرك بأن هذه الشرعية قد سلمت قرارها للخارج، ولم تعد تمتلك هذا القرار، وهي اليوم تعيش على الفساد، وتعيش كذلك على إدارة مقومات هذه الدولة لمصالحها الخاصة، وهذا ما نلمسه على أرض الواقع، لذلك لا نحمل هؤلاء لأنهم قد اثبتوا عجزهم على أرض الواقع، ونحن نشاهد بشكل يومي هذه الشرعية لم تستطع أن توفر أدنى الحقوق للمواطن.
وتابع: ما ورد على لسان طارق فيما يتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية، كأنهم جميعا كانوا ينتظرون من أمريكا أن تقضي على الحوثي، ثم يذهبون هم لاستلام صنعاء، ويحكمونها، وخلاصة القول بأن هؤلاء لا يتحملون المسؤولية، بقدر ما نتحملها نحن النخب السياسية النخب الثقافية والفكرية، لأننا نعلم علم اليقين منذ فترة بعيدة، أن سلطة الشرعية، غير قادرة على أن تدير المعركة الوطنية، بل قد تخلت عن هذه المعركة الوطنية، وهي تعمل كحامية لصالح هذه الدول الإقليمية.