تقارير

لماذا يغيب صوت الضحايا وسط تعدد المجرمين في اليمن؟

24/11/2022, 07:34:16

تسببت ظاهرة الإفلات من العقاب بتفشّي انتهاكات حقوق الإنسان، وارتفاع أعداد المنتهكين أفرادا كانوا أو جهات، وفي اليمن ارتكبت -منذ 8 سنوات- آلاف الانتهاكات سواء ضد أعيان مدنية أو شخصيات اجتماعية أو ضد الدولة، ومع ذلك لم يتم تقديم أي من مرتكبي الانتهاكات للمساءلة أو المحاكمة في أي من المحاكم أو الهيئات الدولية والأممية.

تستطيع المنظَّمات الحقوقية المحلية الإبلاغ عن أي منتهك، وإذا تم ذلك وفق الآليات الأممية والدولية القانونية والفنية، فإن بإمكان الضحايا مقاضاة منتهكي حقوقهم حتى وإن لم تكن اليمن موقِّعة على كافة الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، فلماذا إذن يغيب صوت الضحايا وسط زحمة الانتهاكات وتكاثر المجرمين؟ ولماذا لا يتم فتح ملفات المساءلة لهم في الهيئات الدولية؟ ومن المسؤول عن تنامي ظاهرة الإفلات من العقاب في اليمن؟

- القانون الدولي الإنساني

يقول مدير التقاضي الإستراتيجي في المجلس العربي، المعتصم الكيلاني: "إن اليمن -قبل اندلاع الحرب- كانت تندرج تحت القانون الدولي لحقوق الإنساني، لكن بعد اندلاع الحرب أصبحت تندرج تحت القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي الإنساني وُضع لتخفيف آلام الحروب".

وأوضح أن "هناك قواعد آمِرة في القانون الدولي الإنساني تمنع ارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين، والهدف الرئيسي لها هو التخفيف من آلام المدنيين والانتهاكات بحق المدنيين".

وأضاف "جميع الأطراف في اليمن لا تُطبق القانون الدولي الإنساني، ولا تحترمه، وإذا وُجد الاحترام للقانون لما شاهدنا هذه الانتهاكات الحاصلة بحق المدنيين".

وأشار إلى أن "هناك قوانين إلزامية في القانون الدولي الإنساني، تلزم الدول وسلطات الأمر الواقع بتطبيقها حتى لو كانت هذه الدولة أو سلطة الأمر الواقع غير موقِّعة على هذه الاتفاقية، كجرائم التعذيب، فاتفاقية مناهضة التعذيب التي صدرت تُلزم جميع الدول المتعاقدة على تطبيقها، لكن اليوم -للأسف- جميع الأطراف في اليمن تمارس التعذيب بحق المدنيين والعسكريين".

وقال: "منظمات المجتمع المدني في اليمن لم تشتغل على توعية المدنيين بأن لهم حق الوصول إلى العدالة عبر آليات عديدة وموجودة، فمثلا الجميع يعرف بأن اليمن غير موقِّعة على نظام روما الأساسي، الممهِّد لمحكمة الجنايات الدولية، لكن اليوم بالإمكان الضغط والسعي مع إحدى الدول دائمة العضوية لتقديم ملف اليمن لمجلس الأمن، ويتم التداول فيه".

وأضاف: "هناك آلية لتحويل الملف إلى محكمة الجنايات الدولة عن طريق تشكيل لوبي من منظمات المجتمع المدني اليمني، والعمل مع إحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وتقديم الملفات إلى مجلس الأمن، ويتم تداوله لتحويله إلى الملف اليمني لمحكمة الجنايات الدولية".

وتابع: "على سبيل المثال، ليبيا لم توقِّع على اتفاقية روما الأساسي، لكن تم تحويل الملف الليبي إلى محكمة الجنايات الدولية، وتفويض المدِّعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بحسب القرار 1970م الصادر بالعام 2011م، الذي أعطى الأحقية للمدِّعي العام بفتح تحقيق، والتحقيق مستمر في الجرائم".

وزاد: "اليوم نحن لازم نتساءل بصوت عالٍ، 11 عاما من الانتهاكات ضد الإنسانية وجرائم حرب وبشعة ارتكبت بحق المدنيين في اليمن، من جميع الأطراف، فكيف للعقل أن يتصوّر بأن الملف اليمني لم يتم تحويله إلى مجلس الأمن، لماذا الملف السوري تحوّل إلى مجلس الأمن 16 مرَّة، مع العلم أنه تم اتخاذ 16 حقا للفيتو نقض استخدمته روسيا والصين، لكن على الأقل الملف تم تحويل".

وأردف: "الوضع في اليمن يدل على أن الأطراف المشاركة في الانتهاكات، تمنع الدول دائمة العضوية من تحويل الملف اليمني إلى مجلس الأمن، لكن اليوم هذا دور منظمات المجتمع المدني اليمنية والناشطين الحقوقيين اليمنيين، لتشغيل لوبي حقيقي حول هذا الموضوع".

وقال: "هناك قاعدة آمِرة في القانون الدولي تقول إن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم ولا بتغيير الأحول، وهذه القاعدة شرحها واضح، أي أنه مهما طال الزمن يجب أن تفتح تلك الجرائم ويحاسب مرتكبوها، واليوم جميع الأطراف في اليمن تنتهك حقوق الإنسان، وأيضا اليوم دور المجتمع المدني الحقوقي اليمني هو الوحيد القادر على إنه يشكّل لوبي ينطلق بعيدا عن تجاذبات الأطراف فيما يخص عمله وهذا الحل الوحيد لكي تستطيع الضغط على المجتمع الدولي، وعلى المنظمات الدولية، وترد على التقارير الدولية في حال كانت تتحدّث عن جرائم طرف معيّن بكل ثقة".

ولفت إلى أن "الأنظمة العربية الاستبدادية مارست على المجتمع الحقوقي العربي كل أنواع الاضطهاد والتجهيل الفكري، فيمكن اليوم أحصر وأُعدد الجامعات العربية التي تدرِّس مادة في الماستر لها علاقة بالقانون الدولي الإنساني، أو القانون الدولي لحقوق الإنسان، أو مادة مرتبطة بقانون الجنايات الدولية، وذلك لأن هذه الأنظمة الدكتاتورية يهمها كثيرا أن شعوبها لا تعرف طرق الوصول إلى محكمة الجنايات الدولية، حتى لا يتم محاكمتها".

وأكد أنه "حتى لو لم يكن هناك حرب، يحق لمنظمات المجتمع المدني أن ترفع ملفات ضد الحكومات عن ممارساتها وانتهاكاتها، لكن الجانب الحقوقي في الوطن العربي مورست بحقه جميع أنواع الاضطهاد، من تجهيل ونقص في التمويل".

- إشكالية الإفلات من العقاب

من جهته، بقول مدير المركز الأمريكي للعدالة، المحامي عبدالرحمن برمان: "إن الإفلات من العقاب هو الإشكالية التي أدت إلى تراكم هذه الأحداث، فلو كان هناك عدم إفلات من العقاب منذ 2011م لما استمرت هذه الانتهاكات إلى اليوم".

وأضاف: "ضعف الآلية الوطنية، المتمثلة بالقضاء وأجهزة الدولة باعتبارها كانت تخضع للسلطة التنفيذية، وأصبحت هذه المؤسسات تتبع كل من أتى واستولى عليها، وهذه المؤسسات بدلا من حماية الشعب والقانون، أصبحت تحمي النظام، ومن يمارس هذه الانتهاكات، إضافة إلى تعامل المجتمع الدولي، الذي تعامل مع الملف اليمني تعاملا ناعما".

وتابع: "المجتمع الدولي تعامل مع كل من مارسوا الانتهاكات بحق المدنيين بأن جعلهم طرفا من أطراف العملية السياسية، وكل من مارس الانتهاكات وتعامل معهم تعاملا ناعما".

وقال: "الأمم المتحدة تنظر إلى من مارسوا هذه الانتهاكات كشركاء سياسيين"، معتبرا أن "المجتمع المدني في اليمن كان قبل الحرب قويا ومتميزا،  وكانت لدينا منظمات معروفة ومشهورة، لكنها تعرّضت للإغلاق من قِبل الحوثيين، والتي كان لها باع كبير في متابعة انتهاكات حقوق الإنسان، كمنظمة هود".

ويرى أن "منظمات المجتمع الدولي أيضا تعرّضت لعملية قطع التمويل النزيه والمحايد الذي كان يأتي عبر الأمم المتحدة".

تقارير

"قصر حبشوش".. أبرز مَعَالم الحيَّ اليهودي في صنعاء يتحوّل إلى خرابة

على مقربة من البوابة الشرقية لحيّ اليهود، تظل مظاهر الخراب شاهدةً على انهيار وزوال قصر المؤرخ اليهودي اليمني "حاييم" حبشوش، تاجر الذهب والفضة الشهير، الذي عاش في الفترة ما بين 1833 ـ 1899م، وباعتباره شخصية مثقفة ومقرباً من السلطة آنذاك.

تقارير

كيف عملت السعودية على تقديم اليمن بلا ثمن لإيران وأدواتها؟

منذ ليلة السابع من أبريل من العام 2022م، لم يعد المشهد السياسي اليمني واضح المعالم، بل تدرّج نحو اندثار الصَّف الوطني، وخفوت صوت السيادة اليمنية، وذلك عبر وثيقة صدرت في القصر الملكي السعودي، مُبطلة معها عمل الدستور اليمني، ومشكلة مجلس العَار -كما يسميه الشعب اليمني هذه الأيام.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.