تقارير
ما وراء تهديد السعودية بالحوثيين من قِبل إيران؟
يبدو أن التهديد سيكون جزءا من إستراتيجية طهران لتخفيف حِدة ونتائج الرد الإسرائيلي المحتمل، ولكن التهديد الأخطر لم يكن موجّها ضد "إسرائيل"، بل ضد الدول العربية الواقعة بينهما.
فوفقا لوكالة رويترز -نقلا عن دبلوماسي إيراني كبير- فإن طهران حذّرت السعودية من أنها لا تستطيع ضمان سلامة منشآت النفط في المملكة، مؤكدا أن من أسماهم حلفاء الجمهورية الإسلامية في دول -مثل العراق واليمن- قد يردون إذا حصلت "إسرائيل" على أي دعم إقليمي في مواجهة إيران.
- غطاء لإيران
يقول الخبير والمحلل العسكري الدكتور علي الذهب: "لا أتصور أن إيران -بشكل أو بآخر- قالت للمملكة العربية السعودية أنها ستسلط الحوثيين عليها لاستهداف منشآت إستراتيجية، على سبيل المثال معامل إنتاج النفط".
وأضاف: "هناك مصفوفة من المصادر (العدائيات) المختلفة، ومن ذلك المليشيات الموجودة في العراق، وهناك في المملكة العربية السعودية بُؤر توتر ممكن أن يُثار فيها الشيعة في المنطقة الشرقية".
وأوضح: "في نفس الوقت قد يكون هذا التهديد غطاء لإيران لكي تقوم بالضّربة هذه بذاتها".
وتابع: "إيران بنت هذا التصور وفقا لوقائع سابقة تبنّى الحوثيون استهداف معامل النفط في أبقيق وخريص في سبتمبر 2019، ولا تزال المسألة غامضة أو نتائج التحقيق هل كان الحوثيون وراء ذلك فعلا أم أنهم تبنوا ذلك".
وزاد: "أشارت بعض الجهات إلى أن هذه الصواريخ أو الطائرات غير المأهولة الانقضاضية قدمت من العراق".
وقال: "لا أتصور أن الحوثيين -في الوقت الرهن- سيجازفون بهذه الخطوة؛ لأنهم لديهم مشروعهم السياسي، وأتصور أنهم سيضحون بعلاقتهم؛ لأنهم سيدركون تماما أن الرد سيكون موجعا".
وأضاف: "السعودية لم تحاربهم طوال الثماني سنوات، ولكن -بالمصطلح البلدي- كانت تدغدغ ليس إلا".
وأوضح: "لو حدثت ضربة، اعتقد أن السعودية ستستخدم قوتها الإستراتيجية في تحطيم قدرة الحوثيين في أقل من أسبوع".
وتابع: "لا أستطيع أن أجزم بأن الحوثيين سيتورّطون في ذلك؛ لأسباب منها أن هناك تحولات إقليمية حدثت في ما يُعرف بوحدة الساحات، وقدرات هذه الساحات".
وبيّن: "إذا عزم الحوثيون على ذلك ستحدث انشقاقات داخل الجماعة الحوثية نفسها، وداخل الجيش الذي يساند الحوثيين".
ويرى أن "قرار المشاركة أو التهديد بهذا الحجم من شأنه أن يخلق طعنات كبيرة للمغتربين اليمنيين الموجودين في المملكة العربية السعودية ولليمن، ولبنيته التحتية المتبقية".
وأكد: "الحوثيون لم يستطيعوا أن يردوا أو يسقطوا طائرة أو صاروخا في الهجمات التي تعرضوا لها من إسرائيل، أو من التحالف (سبيدس)، الذي تقوم عليه الولايات المتحدة وبريطانيا".
وتساءل: "كيف سيقدمون على عمل من هذا قبيل، وهم غير قادرين على الرد، والتجارب أثبتت ذلك؟ ماذا بوسع الحوثيين أن يفعلوه ليكونوا عنصر تهديدٍ إستراتيجي أمام دولة قوية تمتلك كافة الأسلحة الإستراتيجية مثل المملكة العربية السعودية؟".
وأكد أن "السعودية -طيلة ثماني سنوات- كانت تدعم الحكومة وفق إستراتيجيات معيّنة وأهداف على رأسها إبقاء الحوثيين".
واستطرد: "الحوثيون أضعف من أن يواجهوا؛ لأنهم سيواجهون مجموعة من القوى العنيفة التي ستتصدى لهم ومن ذلك قوات يمنية على الأرض متوثبة، وتنتظر اللحظة التي أعاقتها السعودية نفسها وأيضا المجتمع الدولي الاستعماري".
- معركة متكاملة
يقول الصحفي طالب الحسني: "إيران -في الحقيقة- لم تهدد السعودية بالحوثيين، هي تهدد السعودية بإيران نفسها، وهذا طبيعي".
وأضاف: "لا يمكن للجمهورية الإسلامية في إيران أن تأتي وتقول للسعودية أنتم إذا استخدمتم أراضيكم لفتح الأجواء أمام كيان العدو الإسرائيلي، فإن الحوثيين سيضربون، ستقول لهم بشكل واضح إننا نعارض أن تفتحوا أجواءكم..".
وأشار إلى أن هذا التهديد "ينطبق على كل دول الخليج بما في ذلك قطر والإمارات، وما شابه".
واعتبر "فكرة أن إيران قالت للسعودية إن الحوثيين سيضربونكم فكرة غير طبيعية".
ولم يستبعد الحسني أن يتم استهداف السعودية من اليمن، على الرغم أن هناك كثيرا من الأمور في هذه النقطة تحديدا بجهتين؛ الجهة الأولى هي أن إيران لا تحتاج، المسألة الثانية أن الحرب ستكون -إذا حصلت- أكبر من هذا المستوى بكثير.
وأوضح: "ستكون الحرب أكبر من قضية الاعتماد على الحلفاء في المنطقة، فقط يمكن الاعتماد على الحلفاء كجزء من معركة متكاملة عندما يدخل فيها الأمريكي، ويدخل فيها البريطاني، ولربما يدخل فيها الناتو".
وأكد أن الحرب "ستكون كبرى، وحربا لا يمكن حصرها في أطراف معيّنة، أو في طرف معيّن، ربما أيضا تتجه إليها روسيا والصين".
وذهب الحسني إلى تكذيب ما أوردته وكالة "رويترز" عن مسؤول إيراني.
وقال: "عندما نتحدث عن وحدة الساحات نحن نتحدث عن مواجهة كيان العدوي الإسرائيلي، ولا نتحدث عن مواجهة أي طرف آخر".
وأضاف: "عندما يكون هناك عدوان على إيران من الطبيعي جدا أن تكون وحدة الساحات موجهة ضد كيان العدو الإسرائيلي، وضد الولايات المتحدة الأمريكية ومناطقها، وقواعدها".
وتابع: "حتى إذا كانت هذه القواعد في دول خليجية؛ هي مهددة من إيران قبل أن تكون مهددة من أي مكان آخر".
وأوضح أن "محور المقاومة وأركانه يحافظون على هذه القوى، وعلى هذه القدرات العسكرية الكبيرة في مواجهة هذه الحرب الشاملة، التي يمكن أن تحدث"، حسب توصيفه.
وأكد أن "المقاومات، التي تأخذ الطابع الشعبي، يمكن أن تنتهي في مدينة، ولكنها تظهر في مدينة أخرى ثم تعود إلى هذه المدينة".
وأشار إلى أن هناك تحالفا واضحا بين جماعة الحوثي وإيران؛ موضحا أن "هذا التحالف سياسي وفكري وعسكري وأمني وإستراتيجي وثابت، ومستقبلي وقوي جدا".
وزعم أن "هذا التحالف تجاوز المذهبية والطائفية، والكثير من الحدود".
ويرى أن "ما قالته رويترز عن مسؤول إيراني لا ينطبق لا في طريقة إيران، ولا في أسلوبها، ولا أحد يمكن أن يتحدث بهذه الطريقة"، معتبرا ذلك نوعا من التحليل.