تقارير
وسط أزمة اقتصادية خانقة وغضب شعبي.. ما تداعيات بقاء المجلس الرئاسي والحكومة خارج الوطن؟
أورد مصدر حكومي تبريرات لعدم عودة رئيس الحكومة اليمنية، سالم بن بريك، إلى العاصمة المؤقتة عدن، وهي البحث عن دعم لمواجهة الأزمة الاقتصادية والخدمية.
في المقابل، يتواصل الغليان الشعبي، الذي تتصدّره النساء في عدن وأبين ولحج وتعز، المُطالب بتوفير الخدمات ومعالجة انهيار العُملة والوضع المعيشي.
خيبة أمل
يقول رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر: "الإعلان عن تبريرات لعدم عودة رئيس الحكومة من الرياض، فيما يتعلق بالبحث عن دعم لمواجهة الأزمة الاقتصادية، هو مخيِّب للآمال، وينضم إلى الشعور بخيبة الأمل، التي يعاني منها الشعب اليمني، جراء هذا الانهيار المتواصل لسعر العُملة، وغياب التحرّك الفاعل والحقيقي من قِبل السلطة الشرعية بشكل كامل في ظل تخليها عن المسؤولية".
وأضاف: "هذا مجرد إعلان لرفع العتب ليس أكثر؛ لأن الشعب اليمني غير معني بنجاح هذا الطلب من عدمه، فهو ينظر إلى مسؤولية السلطة الشرعية مسؤولية مباشرة عنه، بعيدا عن الأعذار التي تُطرح، بأنهم يريدون ربّما وديعة من السعودية أو دعم سعودي، أو غيره".
وتابع: "هذه المسألة شأن حكومي، يُفترض أنها تديره داخليا، وتعالج قضايا المجتمع، وقضايا الناس، والمعروف أن المملكة العربية السعودية، خلال الفترة الماضية، قدٍَمت الكثير من الدَّعم، وكان آخره 200 مليون دولار، وتم إنفاقها -للأسف الشديد- كمرتبات، جزء منها مرتبات لمن يعيشون خارج اليمن، وأبرزهم مسؤولو الحكومة، وقادة البلد الذين يتواجدون -للأسف الشديد- معظم وقتهم خارج البلد، وتخلوا عن مسؤوليتهم تجاه الناس".
وأردف: "هذه المسألة يجب أن تتوقف، ومن المؤسف أن يستمر الأمر، وكما هو واضح أن كل الدول، بما فيها المملكة العربية السعودية، أصبحت تعتبر الملف اليمني لم يعد ملفا ذا أولوية".
وأشار إلى أنه "من خلال الزيارة الأخيرة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى دول الخليج، وكذلك النقاشات في الأروقة المختلفة، يتكشف أن الملف اليمني لم يعد ملفا رئيسيا، بل وينظر له كملف ثانوي، بعد أن كان ملفا رئيسيا خلال الفترة الماضية، كما يعتبرون أيضا الحكومة الشرعية بأنها لم تكن عند مستوى المسؤولية، ومواجهة التحدِّيات الحقيقة".
وزاد: "الكل يتحمل مسؤولية هذا الفشل الحاصل، لكن يتحمّلها بالدرجة الأولى من يتقلّدون المسؤولية نيابة عن الشعب اليمني، من يعتبرون أنفسهم ممثلين عن الشعب اليمني، فهم معنيون بهذا الفشل".
الاعتماد على التسوّل
يقول الكاتب السياسي ورئيس تحرير صحيفة "عين" الأهلية، عبد الحكيم الجابري: "رئيس الوزراء، سالم صالح بن بريك، هو أكثر شخص يعرف الملفات الاقتصادية المعقّدة في اليمن بحكم موقعه السابق كوزير للمالية".
وأضاف: "بن بريك مطّلع عن الصعوبات والمعوِّقات القائمة في البلاد، وكانت هناك محاولات لإقناعه بأن يتبوأ هذا المنصب منذ أشهر عديدة، ولكن كانت له اشتراطات، وعدد من المطالب، وفي مقدمتها إيجاد دعم حقيقي من الأشقاء في دول الخليج، أو التحالف العربي، وفي مقدِّمتهم السعودية".
وتابع: "لكن، على كل حال، المسألة تعود إلى الحكومة اليمنية في كيفية معالجة قضاياها الداخلية، وهو يعلم بأنه لا بُد أن يكون هناك وعاء واحد تصبُّ فيه كل الموارد المالية للدولة، وهذا غير موجود".
وأردف: "واقع الحال في المناطق المحررة يكشف لنا وجود كانتونات، وكل قوة سياسية لديها قوات عسكرية، وهي تسيطر على أموالها وعلى مدَّخراتها، وأصبح المركز فارغا من هذه الموارد، وأصبحت الحكومة تعتمد على 'الشحاتة' (التسوّل)، بالمعنى الشعبي المتعارف عليه".
وزاد: "للأسف الشديد، بدأوا يقنعونا بفكرة انتظار الدّعم من الخارج، منذ مدة طويلة، وبدأت تترسَّخ لدينا فكرة أن ننظر إلى الخارج -فقط-، ماذا سيعطينا الخارج؟ وماذا سيوفِّر لنا؟ بينما لدينا من الموارد ما يكفي أن تسيّر الحكومة أعمالها، وأن تحسِّن من أوضاع الناس".
وقال: "أنا أرى، في البداية، أن يعود موظفو الدولة، الذين هم خارج البلاد، وهم بالآلاف، ويستلمون مرتباتهم بالعُملة الصَّعبة، وأغلبهم موظفون عاديون، ليسوا بأولئك الذين نخاف على حياتهم، ومرتباتهم أرقام كبيرة جدا، إضافة إلى أن مرتباتهم في الداخل مستمرة، وهنا يتم إفراغ واستهلاك موارد الحكومة في إعاشة هؤلاء المغتربين".
وأضاف: "رئيس الوزراء لديه ملفات كبيرة، ومن ضمنها إقامة هذا الوعاء الوحيد، الذي يجب أن تصبُّ فيه جميع الموارد، وهو البنك المركزي".