مقالات

المسيرة الخضراء التي أكلت الأخضر واليابس!!

15/09/2023, 16:57:47

في ريف تعز، هناك نوع من النبات ينمو في مواسم الزراعة في الصيف  يسمى (الَـوَبَلْ)، وهو ينمو بشكل أفقي، أما عميقاً فهو قريب الجذور، ويسهل التخلص منه، لكن بصعوبة شديدة، ويسبب مشاكل كثيرة طوال فترة الزراعة، وليس فيه فائدة كثيرة للبهائم والحيوانات، إذ يستنفد المخزون المائي في الأرض، ويشارك الزرع  والسمسم والدُّجر الماء والضوء والأوكسجين، وكل ما تجود به التربة الخصبة، ويقلل من المحصول الرئيسي للناس، سواء كان "غَرِباً أو دُخْناً" أو غير ذلك.

وهؤلاء أصحاب المسيرة أشبه الأشياء بالوَبَل، كان في البداية  من السهل التخلُّص منهم، لو كانت أهداف التحالف هي أهداف الشرعية نفسها، لكن المسيرة الخضراء اليوم قد توسَّعت وعَارَجَتْ وتَشابكَت مثل "الوَبَل"، والتخلُّص منهم يحتاج إلى جهود مضاعفة لم تعد متوفرة إلاّ في انتفاضة شعب يكنس الأخضر واليابس من المسيرة الخضراء، وكل شيء في طريقه نحو استعادة الدولة والحُرية والحقوق.

مسيرة خضراء مليئة بالأفاعي والثعابين والعقارب والنفاق، وادعاء حب النبي محمد، الذي هو من كل أفعالهم بريء إلى يوم الدِّين، ماذا تعتقد المسيرة الخضراء الغبية؟
هل الناس أغبياء؟ هل الشعب ذاكرته ضعيفة أو مثقوبة؟
لقد "ضلَّ النظام السابق" وهو يروِّج للتوريث سنوات طويلة، وكان الجميع ينصحوه بترك ذلك الضلال، لكنه أصرَّ على أن يلقى حتفه بظلفه.
وهؤلاء مازالوا وسيظلون مصرين على أنهم أعلام الهدى ومصابيح الدُّجى، وأن مسيرتهم خضراء، وأن رواتب الناس عند التحالف، وأن جباياتهم طوال العام لا تكفي لتغطية نفقات احتفالاتهم بالمناسبات الدينية التي تتوالد طوال العام، وأنهم غير ملزمين بحقوق الناس، وليس عليهم أي مسوؤلية تجاه الشعب، أو التعليم، أو الصحة، أو الطرق، أو الكهرباء... أو كل شيء، سوى ملء بطونهم، وبدروماتهم، وجلد الشعب، وخلس جلودهم، مادامت تُدِر لمسيرتهم اللعينة مالاً.
والشعب كله من صغيرهم إلى كبيرهم يعلمون أن هؤلاء جاءوا جباة، وولَّدوا لصوصاً بالفطرة، وأنهم وجدوا دولة استولوا عليها في غفلة تاريخية من العالم كله، ومن الشعب كله، ومن الزمن كله.

بالعقل والمنطق عندما يعثر جاهل على كنز فلا يعرف كيف يفعل، وكذلك اللصوص عندما يجدون أنفسهم وقد استولوا على بنك مركزي لدولة فلا يدرون كيف يفعلون، وقد رأى الشعب والعالم بأمِّ عينيه  والشاصات تنقل كل ما يحتويه البنك إلى الكهوف والبدرومات.

هكذا هي العصابة عندما تجد نفسها بين عشية وضحاها وهي على رأس دولة، وقد استولت على كل مقدرات الشعب من معسكرات وجبال وحجر وشجر، وبعد أن كانت لا تجد خُرم إبرة، في ميدي أصبحت بحار وشطآن اليمن الطويلة تحت تصرفها بطريقة أو بأخرى.

أول ما وعينا على المسيرة الخضراء رأينا الأسواق السوداء في طول البلاد وعرضها، ومازالت الأسواق السوداء هي التي تمدهم بالحياة مع الفساد والإفساد وأكل حقوق الناس وغسيل الأموال، وترك البلاد والعباد للفوضى والمشرفين والقتل، وزادت الدنيا ابتسمت لهم بتواطؤ المستعمر القديم والجديد، وفتحوا لهم منافذ لم يحلم بها أي لص ظالم.

مسيرة فيها سرناها معذبة ملء السمع والبصر، قبل أيام زار أحدهم مدينة الحديدة، وقال كلاماً  لا يصدقه مجنون ولا عاقل، وأن البيوت التي يسكنها أبناء الحديدة وتهامة من أملاك الدولة، لكن هي هبة من المسيرة الخضراء لهولاء الناس الذين يعيشون فيها أباً عن جد، وعن عاشر جد... هؤلاء عندما يتكلمون مع الشعب أين يتركون عقولهم؛ على افتراض لو كانت لديهم عقول، وكيف يفكرون؟

تتحول المناطق، التي تحت سيطرة المسيرة الخضراء وخاصة صنعاء، إلى حسينيات كبيرة جداً، وضخمة ومزعجة جداً لكل الحواس، لا أدري ما علاقة هذا اللون بطحلب الإسبيرو جيرا، الذي درسناه في الصف الأول الثانوي، وكان أكثر الدروس غرابة ومللاً، درسنا أن الطحالب  فيها فوائد وأضرار، لكن هذي الطحالب اليوم ليس فيها غير الضرر والجوع   والقتل والجبايات والظلم والمظالم  والاحتقان الشعبي ينمو ... لا حصر، لا حصر لجرائمهم.

لن تجد أحداً يخالفك بأن المسيرة الخضراء قد أكلت الأخضر واليابس، ولم تُبقِ على شيء، ولن يردعها شيء حتى الآن، الضعف والشلل التام يضرب كل الأطراف، التي يفترض أن تكون هي النِّد للتخلُّص من طحالب صنعاء وصعدة، التي ملأت اليمن ظلما وظلاماً ورهبوتاً وجبايات  وخرافات...!!

إن كل ما كُتب عن طبائع الاستبداد لا يفي هذه العصابة حقها من وصف مظالمها وجهلها، وموت ضميرها.

مقالات

ذكرى إعدام الماكر

أعدم علي عبدالله صالح في صنعاء وطويت حقبة رجل اختصمنا معه صحيح؛ لكن لم نكن نتمنى له تلك الخاتمة وعلى أيدي توافه البشرية..

مقالات

أبو الروتي ( 10)

في أول يومٍ أذهبُ فيه إلى المدرسة (المعهد العلمي الإسلامي).. وفيما كنتُ أعبرُ بجوار السوق المركزي، وانعطفُ يساراً باتجاه "مدرسة السّيْلة" الابتدائية، شاهدت خمسة أطفالٍ شياطين يخرجون من الشارع الموازي للسوق المركزي؛ أربعة منهم بنفس عمري، وخامسهم أكبر مني، ومن أصحابه الأربعة، وكانوا جميعهم يشترون الرّوتي من فُرن الحاج، ويرونني هناك، لكن كبيرهم كان أول من لفت انتباههم إلى وجودي، وأول من صاح قائلا، وهو يشير إليَّ:

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.