مقالات

المصائب لا تأتي فرادى!

22/04/2024, 17:40:31

قُدِّمَتْ صنعاء على طبق من فضة، أو ذهب، للمليشيات كما لم يحدث من قبل عبر التاريخ، التي بدورها استولت على كل مقدرات الدولة والجيش  والشعب في غمضة عين من التاريخ والعالم والزمن، وتحالف أبشع رأس نظام سابق مع أبشع سلطة أمر واقع  لتحقيق غاية واحدة، وهي الوصول باليمن إلى ما نحن عليه اليوم بالضبط، وبدأت حرب ضروس على اليمنيين بتحالف خليجي وعربي بشع ليلة ٢٦ مارس.

ورغم بشاعة كل ذلك القصف، لم تتدحرج رأس كبيرة واحدة  من التي تسببت في مأساة اليمنيين، وتعاظمت من يوم 21/ 9.

فبدأ حصار المدن والمدنيين، وزراعة الألغام، وقطع الطرق، وتدمير الجسور، وعودة اليمن إلى العصر الحجري بلا ماء ولا كهرباء ولا رواتب ولا دولة ولا نظام، ولا حياة إنسانية طبيعية مثل بقية العالم.

وكأنَّ كل ذلك لم يكن كافياً، طوال عشر سنوات، لندخل اليوم في أكبر مصيبة ربما تتجاوز أضرار الحرب والحصار ونزيف الدم، ألا وهي التغوّل على اليمنيين بإدخال أخطر المبيدات السامة المسرطنة، واستخدامها في كل أنواع الزراعات من القات وحتى الطماط، ولا نستثني نوعاً، ولم يعد القات هو المستهدف بالسموم لوحده، وهذا أخطر من الحرب بكثير لكل ذي عقل.

كان الشعب كله فرحانين بهذه الطفرة الزراعية، التي ملأت الأسواق بكل أنواع الفواكه والخضروات من كل حدب وصوب، وبأسعار لا يمكن أن تكون إلا في الأحلام، أو في حكاية ألف ليلة وليلة. والمضحك أنه تم احتسابها من حسنات الحوثيين قبل فتح ملف السموم والمبيدات المسرطنة.

وإذا بنا نكتشف، وقد امتلأت المستشفيات بمرضى السرطانات، ونصف ركاب الطائرات، التي تغادر اليمن إلى مصر والأردن والهند، من المصابين بالأمراض السرطانية  الخطيرة من كل نوع.

وهذه الحرب، التي على رأسها المبيدات، ليست عدواناً خارجياً، بل عدوان داخلي بشع مئة في المئة، وقادتها أخطر من غزاة المدن، وقطَّاع الطرق، يقف على رأسها تجار جدد مجرّدين من كل ضمير ودين، ومسلحين بأقوى قوة، ولديهم سلطة لا يقف أمامها شيء، لا يهمهم سوى المال، ويعتبرون تجارتهم هذه تقربا إلى الله بأرواح اليمنيين؛ رجالهم ونساءهم، وأطفالهم، وشيوخهم، وأنه [لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا]، مثل ذلك مثل الموت في كل حروبهم العبثية، التي يصفونها بالمقدّسة، والجهاد في سبيل الله والسلالة.
تعجز الأقلام والصحف والعقول عن استيعاب ما يحدث من كوارث ومصائب، تُحلِّق فوق روؤس اليمنيين؛ حاصدةً أرواحهم بأموالهم.

يذهب اليمني إلى شراء فاكهة من أي نوع أو خضروات متعددة للمطبخ له ولأولاده، فيجد نفسه مُحاصَراً بين فواكه مسمّمة حتى النخاع، وخضروات يكون مصيرها المزبلة؛ بسبب سرعة انتهاء صلاحيتها، ونتيجتها سرطانات من كل نوع وصنف في كل الجسد الآدمي.

هذا أمر غير طبيعي، وما فعلته فينا هذه الحروب المتواصلة في كل مجال، سواء في التعليم أو الصحة أو الاقتصاد أو غير ذلك، وهذه العقول المليشاوية، أقرب إلى الجنون، من الذي سيصدّق في هذا العالم أن من يحكموك يقتلوك بكل الطرق المباحة، وغير المباحة، والمتاحة وغير المتاحة.

وللعلم هذا ليس كلاما إنشائيا بل هي حقائق كتبها، وأكدها أطباء ـ وبرلمانيون ـ يواجهون الموت والسرطانات والمرضى، كل يوم وكل ساعة، وتعرّضوا لتهديدات بإغلاق أفواههم حول المبيدات التي تدخل اليمن وخطورتها.

من الذي يحكمنا؟
هل هو الشيطان وأعوانه؟
إن الشيطان أحياناً قد يكون لديه ضمير..!

قرأت قصة عن الجهل المركَّب لمُزارع يشرب قهوة بعُلبة سموم خطيرة بعد استخدامها ، تناولها أحدهم من يده ليقرأ ما هو مكتوب فوقها باللغة العِبرية، فإذا المكتوب "يتم دفن هذه العُلبة على بُعد متر ونصف المتر في الأرض"، لم نعد ندري، هل اليمن امتلأت  بالمبيدات والمواد السامة؟ هل أصبح اليمن المستودع النهائي لنفايات وسموم العالم المتقدم بسبب طمع وجهل من يحكموننا…؟!

يحكي طبيب مشهور عن دعوة غداء تلقاها من أهل مريض أنقذ حياته، وأنهم قدموا له "قاتا" من أجود الأنواع؛ حالفين إيماناً أنها من مزرعة خاصة جداً تابعة لهم وغير مسممة، فاستغرب الطبيب كيف يتناقض الإنسان اليمني، ويضع ضميره في "الفريزر" حين يبيع القات المسموم للشعب، ويخص نفسه بحماية نفسه من هذه السموم.

ما رأيناه في الأسواق كارثة من حصاد شجرة "المانجو" فحمدنا الله على هذه النعم، وهذه الأسعار، فإذا بنا نجد أنفسنا محاصرين بالسموم والمبيدات، والضمائر الميّتة والدّولة الغائبة، نحن وأطفالنا.

نهاية اليمنيين بالسموم والعصابات والمليشيات والشرعية الرّخوة والجوار الإقليمي المتآمر، والصفويين ومن والاهم وسار على دربهم، تابعا ذليلا مؤتمرا بأمرهم، ومنفذا لسياستهم، ومضحياً بشعبه لإعلاء سلالة مقيتة.

مقالات

ذكرى إعدام الماكر

أعدم علي عبدالله صالح في صنعاء وطويت حقبة رجل اختصمنا معه صحيح؛ لكن لم نكن نتمنى له تلك الخاتمة وعلى أيدي توافه البشرية..

مقالات

أبو الروتي ( 10)

في أول يومٍ أذهبُ فيه إلى المدرسة (المعهد العلمي الإسلامي).. وفيما كنتُ أعبرُ بجوار السوق المركزي، وانعطفُ يساراً باتجاه "مدرسة السّيْلة" الابتدائية، شاهدت خمسة أطفالٍ شياطين يخرجون من الشارع الموازي للسوق المركزي؛ أربعة منهم بنفس عمري، وخامسهم أكبر مني، ومن أصحابه الأربعة، وكانوا جميعهم يشترون الرّوتي من فُرن الحاج، ويرونني هناك، لكن كبيرهم كان أول من لفت انتباههم إلى وجودي، وأول من صاح قائلا، وهو يشير إليَّ:

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.